حكماء أهل السنّة يدفنون "الفتنة" في مهدها

 ساعات قليلة على صدور خبر في إحدى الصحف المحلية حول "زيارة مرتقبة سيقوم بها مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان إلى سوريا كخطوة عملية تجاه ما حصل من تغيير في سوريا"، جاء الرد من المكتب الإعلامي في دار الفتوى وفيه أن "أي خبر يتعلق بمفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان وبدار الفتوى يصدر حصراً عن المكتب الإعلامي في دار الفتوى فقط، وهذا الأمر قد أعلن عنه مراراً في بيانات سابقا بأنه لا مصادر في دار الفتوى ولا مصادر عن مفتي الجمهورية، وكل ما يُنسب إليهما هو تحليلات واستنتاجات وفرضيات".

ما حصل في الساعات الأخيرة يؤشر إلى محاولات مستنزفة لدق إسفين في علاقة الطائفة السنية وباقي الطوائف اللبنانية لا سيما بعد سقوط النظام السوري وبروز قائد الثورة أحمد الشرع وهو من الطائفة السنية في جامع الأمويين يخاطب الشعب السوري.

آخر المحاولات "الفتنوية" تمثلت بالإعتداء على جامع السلطان إبراهيم بن أدهم في مدينة جبيل، حيث دخلت حرم المسجد مجموعة من الأشخاص واعتدت على المؤذن بالضرب والشتم. وعلى الفور توالت المواقف الرافضة للاعتداء والداعية إلى وأد الفتنة، لكنها ضاعفت منسوب الخوف من وجود "أصابع تعمل على بث فتنة بين أهل السنّة والجماعة وإعادة عقارب الساعة إلى الوراء". إلا أن الخطوة الأمنية التي قامت بها مديرية المخابرات في الجيش اللبناني والبيان الصادر عنها الذي أوضح خلفيات الحادثة وضعت حداً لكل هذه الممارسات.

وكانت أوقفت دورية من مديرية المخابرات في مدينة جبيل، المدعو (إ.م)، بعد وقوع إشكال فردي بينه وبين (م.ب) خادم مسجد السلطان عبد المجيد بن أدهم من التابعية المصرية، تطور إلى تضارب بالأيدي ونتج عنه إصابة الأخير بجروح.

ومع تكرار المحاولات لإقحام أهل السنة والجماعة بإشكالات تهدف إلى زرع الفتنة جاء البيان الرسمي الصادر اليوم عن المكتب الإعلامي في دار الفتوى حول "شائعة" زيارة مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان لإقفال الطريق على الممارسات و"الأخبار" التي تهدف إلى الإصطياد في الماء العكر.

رئيس المركز الاسلامي للدراسات والاعلام القاضي الشيخ خلدون عريمط يأسف لهذا الدفق من الإشاعات والأخبار والتحليلات التي تصدر بين الحين والآخر بعضها عن حسن نية، والبعض الآخر عن سوء نية خصوصا ما يتعلق بالشأن السوري وتداعياته على الساحة اللبنانية عموما، والساحة الإسلامية لأهل السنة والجماعة خصوصا".

يضيف القاضي عريمط لـ"المركزية": "المؤكد من خلال المعطيات المتوافرة لدينا أن هذه الإشاعات والتسريبات تهدف إلى زعزعة الثقة بين اللبنانيين ، والتشويش على العلاقة الأخوية بين الشعب اللبناني بكل شرائحه، والشعب السوري بكل مكوناته. كل المعطيات المتوفرة لدينا تؤكد أن الشأن السوري سيبقى ضمن سوريا، والشأن اللبناني ضمن لبنان. وعلى الجميع أن يدركوا أن المسلمين في لبنان، وخاصة أهل السنة والجماعة هم الأحرص على بناء الدولة اللبنانية ومؤسساتها، وهم الذين على الدوام عماد الوحدة الوطنية وبناة دولة المؤسسات منذ الرئيس الشهيد رياض الصلح، إلى الرئيس الشهيد رفيق الحريري وما قبله وما بعده، ومنذ المفتي الأول للجمهورية اللبنانية الشيخ توفيق خالد إلى المفتي الشهيد الشيخ حسن خالد وما جاء بعده إلى مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان."

انطلاقا من حرص القيادات الإسلامية على "أن يبقوا حراساً للوحدة الوطنية ويعملوا على نهوض الدولة الوطنية القوية العادلة"، يؤكد القاضي عريمط  أن "لا مكان لهذه الإشاعات والتسريبات من هنا وهناك. المسلمون والمسيحيون في لبنان يداً بيد، لبناء الدولة الوطنية القوية العادلة. أما الشأن السوري فهو لأبناء سوريا .هم وحدهم الأحرص على وحدتهم وسلامة ثورتهم وتوفير العدالة بين شرائح المجتمع السوري الشقيق. على المحللين والمنظّرين وعلى اصحاب النوايا الخبيثة والمسرّبين أن يستريحوا ويُريحوا لبنان من عبثهم ومن مشاريعهم المشبوهة وتسريباتهم المشوهة لهذه الوحدة الوطنية التي تجلت بأرقى معانيها في مواجهة العدوان الإسرائيلي على لبنان".

جازماً؛ لن يكون لدى المسلمين اللبنانيين أي مشروع خارج الدولة اللبنانية العادلة يدعو القاضي عريمط " اؤلئك الذين يتلاعبون بمشاعر الناس ويروجون لتغييرات ديمغرافية هنا أو هناك ويوجهون النصائح المشبوهة لانتقال هذه الفئة من هنا، وتلك من هناك، عليهم أن يتّقوا الله ويكفوا عن بث الإشاعات المحرضة للفتنة".

وفي وقت تعيش مدينة طرابلس الإحتفالات بسقوط الأسد في ظل ترقب المناطق التي يسكنها أبناء الطائفة العلوية ، يبدو أن الشائعات بدأت تحتل مكانا لها في يوميات المدينة. وبعضها يترجم إلى حوادث كان آخرها مسلسل إطلاق النار ورمي قنابل في مناطق عديدة من طرابلس وإقدام "مجهولين" على إطلاق النار باتّجاه أحد المطاعم في منطقة جبل محسن، وجاءت الأضرار  مادية.وعلى رغم اتضاح الأسباب وخلفياتها "الشخصية" إلا أنها أعادت إلى الأذهان أجواء الجولات والفتنة بين أبناء بعل محسن وباب التبانة.

ودحضاً لكل هذه الشائعات يقول القاضي عريمط" نطمئنكم بأن اهل التبانه وبعل محسن اخوة متحابين وهم جميعآ ابناء طرابلس وعكار وكل الشمال، وهم خزان الجيش اللبناني والوحدة الوطنية وهم الذين دفعوا الثمن غاليا للحفاظ على الوحدة الوطنية وعلى العيش الواحد بين اللبنانيين. فطرابلس هي العاصمة الثانية للبنان، وأبناء الشمال هم حراس الوحدة الوطنية وحماة اللبنانيين ".

وإلى مروجي الإشاعات عن طرابلس وعكار والشمال  بالتباينات والحساسيات بين هذه  الفئة او تلك، او بين هذا الحي أو ذاك يتوجه قائلا" إستريحوا وأريحوا اللبنانيين وابناء الشمال من شروركم وفتنكم ومن استزلامكم  للخارج ومن استماعكم  الى اصوات النشاذ  والتغريدات المشبوهة  والموجهة من اعداء لبنان والمنطقة . طرابلس ومعها عكار وكل الشمال لن يكونوا إلا الداعم الأساسي لنهوض لبنان وعودة الدولة إلى بسط سيادتها على كافة الأراضي اللبنانية، فلا سلطة فوق سلطتها ، ولا سلاح إلا سلاحها ؛ ولا مكان للمربعات الامنية او للجزر المليشياوية،  وهم وحدهم  الذين عانوا من الحرمان والتهميش  والتشويه لوطنيتهم وايمانهم، لكنهم على رغم الجراح كانوا وسيبقون أوفياء  لعقيدتهم الصحيحة ولوحدتهم الوطنية ، ليبقى لبنان لكل ابنائه سيدا حرا عربيا مستقلا متعاونا من اخوانه العرب واصدقائه في كل مكان".