المصدر: الانباء الالكترونية
الكاتب: أريج عمار
الأربعاء 12 شباط 2025 13:33:36
أزمة سيولة، تراكم ديون، انهيار القطاعات الحيويّة الرئيسيّة أهمها الصحة والتعليم، فقدان ثقة بين المواطن والدولة، وبين الأخيرة والمجتمع الدولي، تهريب، أسواق غير شرعيّة، أمن غير مستقر، بطالة، هجرة، فقر مدقع، أزمة طاقة وغيرها الكثير من الكوارث والمشاكل التي تشكّل اليوم هاجساً أساس للشعب اللبناني، وتحدّيا كبيرا أمام حكومة العهد الأولى التي يُلقى عليها عبء كبير من المسؤولية تجاه مستقبل البلاد.
بشكل عام باتت الاصلاحات المطلوبة معلومة لدى الجميع، يكاد يكون أكبر التحديات هو استعادة الثقة بين المواطنين والمستثمرين، إلا أن المطلوب وبشكلٍ جدّيّ وعاجل بحسب الباحث في الشؤون الاقتصادية والأسواق المالية العالمية د. جهاد الحكيّم هو "إعادة هيكلة المصارف باتباع مبدأ تراتبية الدائنين بتحميل الخسائر، وعلى ذلك أن يأتي بعد محاسبة المرتكبين، بالتزامن مع استقطاب مصارف عربية وعالمية، لتكون هذه الخطوات الطريقة الأولى للتخلّص من الاقتصاد النقدي الذي هو مرادفا للفقر وتبييض الأموال، واتباع سياسة نقدية جديدة تساهم في استعادة دور الليرة اللبنانية، والتخلص من الاقتصاد النقدي والدولرة الشاملة"، باعتبار أن عدم اتباع هذه الخطوات وتطبيقها عاجلا سيؤدي إلى استمرار البقاء في هذه الدوامة من الانهيار، والهروب إلى الأمام بتأجيل الحلول وتكبيد المواطن والبلد خسائر أكبر بكثير.
ويضيف الحكيّم ان المشكلة الأساس في لبنان اليوم ليست مقتصرة على مشكلة الودائع بل هي أكبر وأعمق بكثير، "خسارة المعاشات التقاعدية، وإيقاف التغطيات الصحيّة للعديد من المواطنين، ومعاشات موظفي الدولة التي انخفضت بشكل كبير، المودعين الذي سحبوا مدخراتهم أقل بكثير من قيمتها الفعلية، كل هولاء وغيرهم الكثير من صغار المودعين يجب أن يتم العمل على التعويض عليهم ما تمت سرقته منهم، بمفعول رجعي، وذلك يتم عبر المحاسبة بشكل خاص".
في السياق، يُعد الدين العام اللبناني من بين الأعلى عالمياً كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، حيث تجاوز 150% بحلول منتصف 2024، بينما تعاني الموازنة العامة من عجز مزمن بسبب الإنفاق غير المبرّر والتهرب الضريبي وضعف الإيرادات. ووفق مسودة الإصلاحات المتفق عليها مع صندوق النقد الدولي، يتمثل التحدي في تنفيذ إصلاحات مالية جذرية تشمل ترشيد الإنفاق، تحسين جباية الضرائب، وسياسة ضريبية جديدة عادلة وتحفّز النمو، مكافحة الفساد، وإعادة هيكلة الدين بما يتناسب مع قدرة الاقتصاد على التعافي.
وإثر ذلك، يعتبر الحكيّم أن دور المصارف لا يتلاءم مع الاقتصاد النقدي، لذلك حلت مكانه شركات تحويل الأموال، التي يتطابق دورها مع الاقتصاد النقدي، وبغياب دور المصارف وصلنا إلى عملية "تطبيع الأزمة" أو التعايش معها، بدون الاقتراب نحو معالجة الخسائر المتراكمة بشكلٍ منطقي وعملي، "الطبيعة تكره الفراغ، واليوم الجيل الجديد في لبنان يحتاج إلى التمويل والقروض أسوةً بالشركات الناشئة، لذا اتباع هذه الٱلية ستشكل ضررا كبيرا على مستقبل البلاد، وستخيف المستثمرين أكثر خصوصا بعد إدراج لبنان على اللائحة الرماديّة".
ويشير الحكيّم أيضا إلى أن هناك خطوات جدية يجب العمل عليها إلى جانب الخطوات الاقتصادية وهي إيقاف الهدر، الحوكمة، الشفافية، العمل على تشكيل حكومة إلكترونية أسوةً بكافة بلدان العالم المتطوّر، والعمل على استراتيجية وطنية للتحول الرقمي من أجل الحد من الفساد والرشوة وغيرها من الارتكابات، وضع خطة شاملة لإصلاح قطاع الطاقة، والإصلاح البيئي، كما والاهتمام بالتعليم الرسمي والجامعة اللبنانية بالعمل على الإصلاح التربوي إضافة إلى تقوية قطاعيّ الصناعة والزراعة، من أجل إعادة إصلاح صورة لبنان أمام العالم واسترجاع الثقة مع الدول العربية والمجتمع الدولي والمغتربين الذين سيكون لهم الدور الأكبر في إعادة النهوض، كل ذلك يجب أن يتم العمل عليه بشكلٍ متزامن من أجل الوصول إلى الإصلاح المطلوب، كما والتحوّل إلى الاقتصاد المعرفي، إضافة إلى إيلاء الإهتمام الضروري لضمان الشيخوخة وتوفير الحد الأدنى من الطبابة المجانية، وتبقى العين اليوم شاخصة على التعيينات التي ستقوم بها الحكومة الجديدة وهذه التعيينات ستظهر الكثير من النوايا حول شكل العمل والإصلاح!
"بين ٣ وال٦ أشهر، إذا تم العمل بجدّيّة ومواظبة وبالتزامن بين كافة القطاعات، يكون لبنان قد استعاد صورته أمام العالم، وعاد المستثمرون ورؤوس الأموال للاستثمار والعمل في لبنان إذا ما استعيدت الثقة وتحسنت البيئة المالية والاقتصادية في البلد"، معتبرا أننا اليوم نعاني من "نزيف بشري" لن يتوقّف إلا بتكبير حجم الاقتصاد كي يصبح قادرا على استيعاب وظائف أكثر، وتحسين المستوى المعيشي، وتمويل المشاريع الصغيرة وغيرها من التحسينات. ويكاد يكون أيضا من أهم الخطوات إيلاء الشباب والرياضة الاهتمام الكبير من خلال دعم الرياضات بمختلف أنواعها، "كما دعم اتحاد كرة المضرب في لبنان من أجل إعتماد دورة للاتحاد العالمي لمحترفي كرة المضرب من فئة 250 نقطة، واعتماد يوم 25 نيسان عيدًا رسميًا للشباب اللبناني".
إذا هي خطوات متلاحقة ومتزامنة يتم التعويل على الحكومة الجديدة لتطبيقها من أجل النهوض بالبلد والحفاظ على ما تبقى من شبابه وشاباته الذين بات أملهم بالاصلاح ضئيلا جدا إثر ما عانوه في السنوات الماضية المتلاحقة، فهل ستكون هذه الحكومة قادرة على تحقيق النقلة النوعية التي يحتاجها لبنان؟ وهل يتكون فهلا قادرة على إدارة الأزمة وتحقيق الاستقرار المنشود؟