حوارات سابقة أفشلها "حزب الله": "بلّوه وشربوا ميتو!"

"الموت ولا تسليم السلاح... ويروحوا يبلطوا البحر"... تكاد هذه الكلمات وحدها تختصر معادلة "حزب الله" بالنسبة إلى مسألة نزع سلاحه، وتسليمه إلى الدولة اللبنانية.

هذا الكلام الذي أتى على لسان رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد يوحي أن لا فائدة من أي حوار مع هذه الفئة، حول ملف حصرية السلاح الشرعي.

فأي حوار يؤمل منه إذا كان الرأي المسبق مؤكدا عند "حزب الله"، ومفاده أن الموت أفضل من تسليم السلاح؟ فهل يمكن أن يُحكى بعد عن طاولات حوار؟

في الأساس، كل طاولات الحوار السابقة أجهضت على يد "حزب الله" وبلسان أعضائه، من الأمين العام للحزب مرورا بنواب كتلة "الوفاء للمقاومة" وانتهاء بقيادي الحزب الذي رفض طاولات الحوار السابقة، أو أفشلها، منذ عام 2006.

  • في تموز 2006، حلّ العدوان بلا إشارة أو قرار رسمي. كانت هذه الحرب التي أدخلت عنوة على البلاد، بقرار من "حزب الله"، كفيلة بإيقاف لغة الحوار. كان الحوار قد عقد قبل 4 أشهر بالتمام والكمال. ففي آذار 2006، كانت طاولة الحوار، ومن قلب البرلمان، تجمع أقطاب الصف الأول لمناقشة الإستراتيجية الدفاعية الموعودة. وما هي إلا أشهر معدودة، حتى جُرّ البلد إلى مكان آخر. إلى القصف والدمار والصواريخ، فوضع الحوار جانبا تحت حجة "تحصين البيت الداخلي والتضامن الوطني في وجه العدو".

يومها، لم يتفق المتحاورون على أيّ بند، وطار الحوار من ساحة النجمة.

  • "ورقة التفاهم" الشهيرة التي وقعت في 6 شباط 2006، كانت بين طرفي "التيار الوطني الحر" و"حزب الله"، وعلى الرغم من أنها لم تكن ورقة حوار جامعة لقوى لبنانية أخرى، فقد نصت على "توحيد رؤية وطنية جامعة حول السلاح". هذا على الورق، أما عمليا، فلم تحقق الورقة أي خرق، ولا سيما عند "حزب الله"، لجهة إقناعه بمعالجة سلاحه.

كتب "حزب الله" في "ورقة التفاهم" ما حرفيته: "حماية لبنان من الأخطار الإسرائيلية من خلال حوار وطني يؤدي إلى صياغة استراتيجية دفاع وطني يتوافق عليها اللبنانيون"، فيما هو نسف كل الإستراتيجيات، ورفض أي رؤية وطنية لجمع سلاحه، لا بل أفشل، وعلى مراحل، كل المحاولات اللبنانية التي سعى إليها أكثر من طرف، وأشهرها كان "إعلان بعبدا".

  • بعد عدوان تموز، كان على البلاد أن تنتظر الخروج من كبوة العدوان. فالوقت كان قد حان للإعمار. كانت المرحلة التي تلت الحرب هي مرحلة إعمار الجنوب والضاحية الجنوبية، وترميم الجسور والبنى التحتية التي قضي عليها.
  • 7 أيار 2008: كان لا يزال "حزب الله" يمتلك سلاحه، لا بل يقوّيه، ويستعمله في وجه الداخل، خلال الحوادث الشهيرة والدموية التي جرت في بيروت والجبل، وأوقعت قتلى وجرحى لبنانيين، لا إسرائيليين. هذه المرة، كان الاستعمال الداخلي لسلاح الحزب لا لبس فيه.
  • بعدها، انتخب الرئيس ميشال سليمان رئيسا للجمهورية. وتسلّم زمام الحكم في قصر بعبدا. وفي حزيران 2012، دعا إلى طاولة حوار في القصر الرئاسي لمناقشة "الإستراتيجية الوطنية".

وعلى الرغم من تكرار "حزب الله" أنه لن يرضى بتسليم سلاحه إلا عبر حوار وطني واتفاق داخلي، كان إفشال طاولة بعبدا على يد الحزب حصريا، حين أعلن محمد رعد نفسه جهارا: "بلّوه وشربوا ميتو"، في إشارة إلى "إعلان بعبدا" الذي إقرّ حينها!

 ففي البند 12 من هذا الإعلان ورد الآتي: "تحييد لبنان عن سياسة المحاور والصراعات الإقليميّة والدوليّة وتجنيبه الانعكاسات السلبيّة للتوتّرات والأزمات الإقليميّة (...)".

وهل من دليل أقوى بعد على دور "حزب الله" في إفشال الحوارات!