خاص: هدر للمساعدات الدولية وفساد في الإدارات الرسمية... كتاب لبناني يكشف التفاصيل!

حكاية لبنان مع الفساد والهدر ليست بنت الأشهر المعدودة انما هي حكاية سنين طويلة عاش معها لبنان وكَبر في ظلها، مع توالي السلطات والحكومات والمسؤولين.

ومع اعادة قضية حرمان لبنان من المساعدات الدولية الى الواجهة، يأتي كتاب طالبة الدكتوراه في العلوم السياسية في جامعة القديس يوسف، اللبنانية كريستين إسبر كردٍّ حسّي وإثبات واضح على عدم استفادة لبنان من القروض المالية والهبات الدولية التي قُدمت له منذ انتهاء الحرب الأهلية اللبنانية.

تحت عنوان Les aides financières internationales pour le Liban: facteur de développement ou d'aliénation، يُعالج كتاب إسبر إشكالية: هل لبنان كان قادرا على استخدام القروض المالية الدولية بالشكل الصحيح والاستفادة منها في الاستثمارات لتحسين المستوى الاقتصادي الوطني؟

في السياق، تشير إسبر في حديثٍ لموقعنا إلى أن "الكتاب ينطلق من النقص الذي كان لبنان يعاني منه على الصعيدين العام والخاص، بعد انتهاء الحرب الأهلية التي قضت على هيكلية لبنان الإقتصادية وبنيته الإدارية، ليجد نفسه بحاجة الى إصلاح وتطوير لكل القطاعات ومن أجل عودة الدورة الاقتصادية الطبيعية إليه."

تشرح الكاتبة أن "لبنان حاول، في خطوة أولى، تحسين وضعه عبر موارد مالية محلية بمساعدة القطاع الخاص ومصرف لبنان، الذي تمكن من تحسين مستوى الليرة اللبنانية وتثبيتها وقام بإصلاحات عديدة مثل الضريبة على القيمة المضافة أو TVA وشجع الإستثمارات في القطاع الصناعي والعقارات. إلا أن القدرة الداخلية لم تسمح لنا بأكثر من ذلك والتفاهم بين الأقطاب السياسية لم يكن موجودا."

وتتابع "في الخطوة الثانية، قرر لبنان اللجوء الى جهات مانحة خارجية مثل البنك الدولي والدول الأوروبية، علما ان وراء مساعدتهم تكمن مصالح شخصية بسبب موقع لبنان الاستراتيجي في الشرق الأوسط والنظام الاقتصادي الليبرالي الذي يتمتع به البلد بالاضافة الى ثمن سياسي سيدفعه لبنان. وعلى هذا الصعيد، انقسمت الآراء الى قسمين: الرأي الأول كان معارضا للمساعدات الدولية بحجة انها ستضعفنا وستجعلنا مرهونين الى الخارج. أما الرأي الثاني فكان مؤيدا للمساعدات ومؤمنا بأن لا إصلاح من دون القروض الطويلة الأمد".

وبعد اللجوء الى كبار الدول والمنظمات الدولية الإقتصادية وبعد مرور سنين عديدة، "تبين أن القروض لم تستخدم بالطريقة الصحيحة ولم نتمكن من الاستفادة من هذه المساعدات بل استقدمنا ديونا عامة لأنفسنا، ومنذ عام 2007 حتى اليوم وجّه البنك الدولي رسائل عدة الى لبنان داعيا إياه للاستفادة من هذه القروض، التي تعهد لبنان الإستثمار فيها ووقّع على عقود تسمح للبنك الدولي بقطع هذه الأموال عنه في حال عدم الإستفادة منها" حسب ما أوضحت إسبر.

ولفتت الكاتبة الى أن "السبب الرئيس الذي جعل لبنان غير مستفيد من هذه القروض هو سوء الادارة المالية اذ لم يُسمح بمراقبة مجلس الانماء والاعمار الذي كان الموكّل بتنفيذ غالبية المشاريع، بالإضافة الى كفّ يد هيئة التفتيش المركزي وهي الادارة المخولة محاسبة ومساءلة الوزارات التي هدرت الأموال الدولية."

وتضيف إسبر "يُختم الكتاب بخلاصة: كل الدول الكبيرة لديها ديون عامة وسندات تدفعها الى البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وهذا ليس سببا كي نرفض المساعدات الدولية، الا ان التجاذبات السياسية منعت لبنان من التقدم والتطور وأبقته على ما هو عليه. ويوضح الكتاب أن لبنان قادر على ان يقوم بكل المشاريع من أجل اصلاح النظام الاقتصادي كله واعادة هيكلته، الا أن ما يعيشه من هدر وفساد وسوء إدارة الموارد والأموال تؤخره وتمنعه من التقدم."

وتعتبر الكاتبة أن "بهذا يثبت لبنان، أكثر فأكثر، أنه مشلول ومعوق وغير قادر على ان يدير أموره بنفسه، علما ان الكتاب يوضح إلى اي مدى لبنان قادر على ان يمتصّ هذه المساعدات ويستفيد منها من اجل استراتيجية جيدة وانطلاقة مدوية للإقتصاد اللبناني".

آمال نعلقها على المبادرات الفردية التي يتحلى بها الشباب اللبناني تاركين بصيص نور في الظلمة التي يعيشها لبنان على الأصعدة كافة. كتاب "Les aides financières internationales pour le  Liban"  احدى المبادرات البحثية الصاخبة في ظل الصمت الوطني الفادح عن فنّ الهدر والفساد في الدولة.

توقع الكاتبة كريستين إسبر كتابها غدا الأحد 25 تشرين الثاني عند الساعة الخامسة في مكتبة أنطوان في معرض الكتاب في البيال، الذي يمتد من اليوم السبت 24 تشرين الأول حتى 1 تشرين الثاني المقبل.