خطاب قاسم بعيون معارضة: استهداف للجيش وعدم بلورة خطاب سياسي

أرخت إطلالة الأمين العام لـ"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم بثقلها على الوضع السياسي الداخلي وخصوصاً على جبهة معارضي "حزب الله". ولم تمر كلماته مرور الكرام، وخصوصاً بعض النقاط التي توقفت عندها المعارضة مليّاً، وشكلت قلقاً وعرقلة لأي مجهود سياسي يُعمل عليه حالياً بحسب مصدر قيادي في المعارضة.

يتوقف المصدر عند الحديث عن الاستشهاديين وعقيدة القتال حتى الموت، والمقاتلين الذين "باعوا جماجمهم إلى الله"، بما يوحي أنه سيستمر حتى آخر مقاتل لديه لنيل "النصر" الذي ينتظره، وهذا مؤشر لنقل المعركة من القضية السياسية والوطن والأرض إلى القضية الدينية ووضعها في إطار عقائدي ديني جامد يجعل من الصعب جداً التفاوض معه. فالأمور العسكرية وتكتيكات المعارك والجيوش ومقياس الربح والخسارة جميعها تسقط أمام الدين الذي يوجب الاستمرار حتى الاستشهاد.

ويتخوف المصدر من أن يترافق هذا الكلام عن المعنويات ورص صفوف المقاومة، مع تصعيد من الحزب عبر ضرب تل أبيب ومحيط مطارها، بما سيستجر ردوداً مجنونة جديدة على لبنان يمكن أن تؤدي إلى ضرب المطار والمرفأ بعدما نجحت الاتصالات السياسية في تحييدهما، وما جرى ليل الثلثاء- الأربعاء من تضرر حائط المطار كان بمثابة إنذار نهائي بأنه لن يبقى محيداً إذا اقتربتم، محذراً في الوقت عينه من أن لبنان بأكمله لا يتحمل إقفال المطار أو المرفأ، والقضية تصبح عندها أكبر من حصار بالمعنى السياسي أو العسكري، إنما تذهب بشعب نحو التجويع.

النقطة الثانية في خطاب قاسم التي توقفت عندها المعارضة، هي عدم بلورة الحزب خطابا سياسيا أو مشروعا يحاكي المرحلة، فهو يضع شروطاً عامة لوقف النار والحفاظ على السيادة من دون أي توضيح لما سيلي. والجميع يعلم أنه لن يحصل وقف مجاني لإطلاق النار، ولهذا شروطه وبنوده الواضحة الملزمة للفريقين، وهو يتخطى الميدان الذي يتحدث عنه قاسم باستمرار إلى اتفاقات سياسية وتعهدات، بالإضافة إلى أن كلام قاسم لم يذكر أي حرف عن قضية ربط الجبهتين، وكيف سيتوقف القتال في لبنان إذا بقي الحزب مصراً على الربط مع فلسطين.

وتشير المصادر إلى أن قول قاسم إنه لا يعول على الحراك السياسي الدائر حالياً قزّم حركة الرئيس نبيه، ولو سماه مفاوضاً باسمه بخجل.

والنقطة الثالثة الأساسية هي طريقة التوجه إلى الجيش والانتقاد العالي السقف ضمنا، في ضوء إنزال البترون. فمن يراقب الحديث يكتشف أن قاسم لم يوجه سؤالاً أو طلباً إلى الجيش للكشف عما جرى، إنما اتهمه بالتواطؤ أو أقله بالعجز، وخيّره بين الإعلان عن عجزه أو عن تواطئه، وهنا الخطورة الكبيرة، فهي من المرات النادرة التي يتوجه فيها "حزب الله" إلى الجيش بهذه الطريقة، وكأنه يوحي ببداية إشكال معه. فهل من علاقة للأمر بنية إبعاد قائد الجيش عن رئاسة الجمهورية أو عدم التمديد له في موقعه؟