المصدر: وكالة الأنباء المركزية
الكاتب: طوني جبران
السبت 25 آذار 2023 16:20:22
قد يكون من السخافة بمكان ان يكون القرار الذي اصدره رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي امس الاول بتمديد العمل بالتوقيت الشتوي الى الواحد والعشرين من نيسان المقبل بدلا من صباح غد الأحد مدار جدل في لبنان في وقت يقتضي فيه ان تتركز الجهود على معالجة الاوضاع المالية والنقدية الخطيرة التي دخلت بيوت اللبنانيين بلا استئذان وهددت عائلات بالجوع بعد فقدان الحد الادنى المطلوب لتوفير القوت اليومي لها.
والاسوأ - كما يقول بعض المراقبين لـ"المركزية" يكمن في ما اعطته بعض المواقف والتحليلات الصحافية من ابعاد طائفية فرزت بين المسيحيين والمسلمين ووضعتهم عبر بعض التصريحات وجها لوجه بطريقة مقيتة لا يمكن قبولها مهما كانت المبررات التي ادت إليها. وخصوصا انه وقبل التطلع الى مجمل الترددات السلبية التي تركها القرار الذي اتخذ على ما يبدو على خلفيات تحيي الشعور بالطائفية عن طريق القصد بطريقة اعلامية غير مسبوقة لمجرد تسريب التسجيل الصوتي لتمنى رئيس مجلس النواب نبيه بري على رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بـ"تمريرها هذه السنة خدمة للصائمين" في شهر رمضان الكريم، علما ان المهلة التي تم التمديد بموجبها تنهي التوقيت الشتوي قبل نهاية الشهر الكريم ولو بأيام قليلة.
وان توقف المراقبون امام الاجواء التي بثها ميقاتي في اعقاب التسريب الصوتي بقوله انه كان يفكر بهذا الإجراء من قبل، فاعادوا تذكيره بمضمون القرار الذي انتهى إليه اجتماع عقده بعد ظهر السابع من آذار الجاري في السراي والذي جاء فيه حرفيا: "الإبقاء على التوقيتين الصيفي والشتوي ، وسيتم اعتباراً من منتصف ليل 25 - 26 آذار الجاري تقديم الساعة ساعة واحدة عملا ببدء التوقيت الصيفي". وقبل اي مشروع نفي لهذا القرار فقد حضر الاجتماع الذي خصص للبحث في شؤون المطار وزراء الأشغال العامة والنقل علي حميه، الصناعة جورج بوشكيان، السياحة وليد نصار، الداخلية والبلديات القاضي بسام المولوي، البيئة ناصر ياسين، الامين العام لمجلس الوزراء القاضي محمود مكية، رئيس مجلس الادارة المدير العام لشركة طيران الشرق الأوسط محمد الحوت، ورئيس جهاز أمن المطار العميد فادي كفوري. وخصص للبحث عدا عن التوقيت الشتوي والصيفي بسبل تعزيز إجراءات السلامة العامة في المطار.
على هذه الخلفيات، اجمعت مصادر روحية وسياسية مسيحية على رفض التفسيرات المذهبية والطائفية التي اكتسبتها بعض المواقف التي ربطت بين ردات الفعل التي صدرت حول القرار، بعد فرزها بين مسيحية واسلامية. - وتزامنا مع عيش المسيحيين للصوم المبارك ايضا فقد - دعت الى قراءة النتائج السلبية المترتبة على تداعيات القرار التي مست قطاعات واسعة في لبنان دون ان تؤدي أي خدمة للمسلمين خارج الاستثمار في السياسة الداخلية الصغيرة. ولربما تقول المصادر ان كلا من بري وميقاتي أراد توجيه "رسالة صوتية" إلى معارضيهم في ما يعتمدونه من اجراءات حكومية ونيابية عطلت العمل التشريعي في المجلس النيابي الى الدرجة التي قاربت الشلل في المؤسسة التشريعية الام. والتي لم تتمكن منذ فترة القيام بمهامها بعدما تعطلت فيها دعوات بري المتكررة الى عقد جلسة تشريعية أيا كان جدول أعمالها. كما في الحكومة الى درجة يستمر فيها التشكيك في آلية العمل الحكومي وشرعية المراسيم التي يصدرها ميقاتي وفق الأسلوب الذي اعتمده خارج الأعراف والتقاليد السابقة التي تحكمت بحكومة الرئيس تمام سلام على مدى 29 شهرا.
وبعيدا من هذه التفسيرات، انتهت المصادر الى القول ان عودة ميقاتي عن القرار مستبعدة الى حدود بعيدة، ولكن على المسؤولين احصاء المتاعب التي يعانيها لبنانيون مسلمون ومسيحيون عند تعاطيهم بقضاياهم اليومية نتيجة الفوارق بين الساعة المحلية الشتوية والساعة الصيفية الدولية وخصوصا في دوام المؤسسات العابرة للدول والقارات وفي آلية العمل المعتمدة من قبل آلاف اللبنانيين العاملين من منازلهم مع الخارج كما بالنسبة الى التداعيات على قطاعات المصارف والاتصالات والطيران وأخرى هي على تماس مع حياة اللبنانيين، الى درجة تؤدي الى تعطيل عملياتها وأنظمتها الإدارية والمالية وامكان تكاثر الأخطاء في التحديثات ومشكلات في التواصل الالكتروني وفقدان البيانات اليومية المطلوبة في كل عملية تجارية او مالية وفي اي شأن آخر.
وختاما، حرصت المراجع المسيحية على التأكيد بأن ما ستكون عليه تداعيات القرار غير المسؤول وغير المنتظم من ضمن المهلة المسبقة للتوقيت لتدارك المصاعب التي قد تواجه تطبيقه على المستوى الوطني، لا المسيحي ولا الاسلامي، ولكن الكشف على التغيير المفاجىء لقرار ميقاتي في الساعات الاخيرة قبيل لقائه بري اربك جميع اللبنانيين اداريا في وقت لا يمكنه ان ينفي ما أصابه هو من ارباك سياسي وضعه في مواجهة "لا نكهة فيها ولا مازية".