المصدر: النهار
الكاتب: اسكندر خشاشو
الجمعة 21 تموز 2023 16:13:07
كتب اسكندر خشاشو في النهار:
تأزمت بين وزير الداخلية القاضي بسام المولوي ومدير عام قوى الداخلي اللواء عماد عثمان على خلفية التشكيلات الأخيرة التي أجراها عثمان، ورفض جزءاً منها المولوي ما أدى إلى نسفها بالكامل.
وبعيداً عن تفاصيل الإشكال الذي تسرّب إلى الإعلام، والذي بدأ على شكل تسريبات قبل أن يتفاقم ويتم نشر القرارات والرسائل بين الوزير والمدير العام، فقد أدى إلى توتر داخل المؤسسة الأمنية والوزارة المسؤولة عن هذه المؤسسة، وهو توتر نادر نظراً إلى انتماء الوزير والمدير العام إلى الخط السياسي نفسه منذ أن أضحت وزارة الداخلية من حصة الطائفة السنية.
وفي التفاصيل التقنية في ما يتعلق بالتشكيلات، فإن لكل طرف حججه القانونية المحقة، لكن هناك من رأى القضية تجاوزاً لعلاقة وزير بمدير عام، أو لخلاف على اسم ضابط هنا وآخر هناك، ليربطها بواقع حال الطائفة السنية المنقسمة على ذاتها والتي تفتقد إلى المرجعية، بما يزيد من التشتت في المؤسسات كما في السياسة والحكومة ومجلس النواب.
يرفض مصدر سني هذا التوصيف، أو وضعه في إطار الخلافات ضمن البيت الواحد، سائلاً عما يمثل بسام المولوي تحديداً، فهو وزير معيَّن من دون وزن شعبي ولا حضور".
ويضيف: "جميعنا يعلم كيف عُيّن المولوي، ومع من كان اجتماعه الأول قبل تسلّمه. في الأصل هو أعلن عن ذلك وأفصح عن اجتماعه مع رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل لنيل البركة، مع التذكير أن اسماً آخر كان مطروحاً لتولي وزارة الداخلية لكنه رفض زيارة باسيل فجرى استبعاده".
ويتابع: "يبقى السؤال: مَن وراء المولوي؟ خصوصاً أن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي من الداعمين للواء عثمان، ومن غير الصحيح أنه يقف وراء قرارات مولوي، فهو عقد أكثر من اجتماع مع الرجلين وتم خلالها الاتفاق على التعيينات لكن مولوي هو من عاد وانقلب على الاتفاق".
لا يستبعد المصدر دوراً لأحد المدراء العامين الفاعلين والمؤثرين في وزارة الداخلية وهو من المقربين من "التيار الوطني الحر" في التأثير على عثمان، لافتاً إلى أن الحديث عن خلافة المدير لا يزال بعيداً فهو لا زال لديه في السلك اكثر من عشرة أشهر في بلد متغيّر ومتفجّر.
ويشير إلى أنه "في النهاية ومهما كثرت التحليلات، ومهما أظهروا من فيض محبة لرئيس شعبة المعلومات بذريعة حمايته، وهذا غير صحيح، فإنه في حينها، أي عند موعد التعيين سيكون لشخص واحد الكلمة الفصل في تعيين مدير عام جديد وهو الرئيس سعد الحريري ولا أحد غيره".
ويختم المصدر، يحق للوزير التفكير في رئاسة الحكومة ونيل رضا الأطراف السياسية، لكن من دون ضرب مؤسسة أساسية عبر تسريب معلومات كارثية كتسريبة أن عماد عثمان يريد تسليم شعبة المعلومات لـ"حزب الله" سائلاً عن المنطق في وضع عثمان في خانة حزب الله".
في المقابل، يصف النائب محمد سليمان ما يجري بين الوزير والمدير العام بأنه عملية اختلاف في وجهات النظر بين الشخصين. فلكل رؤيته بأفضلية سير الإدارة، مشدداً على وضعها ضمن السياق الإداري فقط وهي خارج السياسة والعملية السياسية".
ويرفض سليمان في حديث لـ"النهار" أن "يوضع هذا الأمر ضمن إطار الشرذمة في الطائفة أو غياب المرجعية، مشيراً إلى أنه للأسف هناك في البلد من يحوّل كل الأمور على نحو يفيده، ويرغب في شرذمة الطائفة واللبنانيين".
ويلفت إلى أن القرار في مؤسسة قوى الأمن الداخلي في النهاية يبقى عند الوزير الذي هو رأس مؤسسات وزارته بغض النظر عن الاجتهادات من هنا وهناك.
واذ يرفض سليمان تدخل النواب في هذا الأمر باعتباره أمراً إدارياً، يرى أن "الإشكال قد حُلّ بمجرد تنفيذ المدير العام لبرقية الوزير والأمور عادت إلى طبيعتها ولا إشكالات جديدة بين الرجلين".
ودعا سليمان إلى عدم تحميل الأمور أكثر مما تحتمل، وخصوصاً بما يتعلق بالمؤسسات الأمنية التي نحن بأمسّ الحاجة إليها في هذه الأوقات.
يلتقي النائب بلال الحشيمي مع زميله محمد سليمان بعدم ربط قضية الخلاف بين الوزير والمدير العام بغياب المرجعية السنية، مشيراً إلى أن الخلافات وخصوصاً خلافات الصلاحيات موجودة في عدد كبير من الوزارات، وهذا ما شهدناه في وزارة الصناعة بين الوزير والمدير العام، وقبلها في وزارة الأشغال أيام الوزير غازي زعيتر".
ويطالب الحشيمي في حديث لـ"النهار" بالكف عن وضع أي موضوع فيه طرف سني في إطار تشرذم الطائفة، لافتاً إلى أن الطائفة السنية وممثليها في هذه الأيام يتمتعون بأريحية كبيرة تفوق غيرهم في باقي الطوائف، وخصوصاً أن لديهم مساحة حرية كافية لا تسمح بالتدخلات معهم ولا تسمح بالفرض عليهم".
ويكشف أن ممثلي الطائفة مقسّمون إلى ثلاثة أقسام، قسم أول يتلاقى على الأغلبية المطلقة في القضايا السياسية وهم ليسوا بقلة ويتجاوز عددهم سبعة نواب، ويتفقون على عدد كبير من القضايا مع مجموعة ثانية مع تباينات بسيطة، فيما هناك مجموعة ثالثة هي حليفة لحزب الله".
وفي خلاف الوزير مع المدير العام يقول: "حدث تباين وحاول الوزير معالجته بالقانون وبالقانون أيضاً امتثل المدير العام"، مؤكداً أن المرحلة تحتاج إلى التعالي والتنازل وخصوصاً في المؤسسات الأمنية لأنها الأمل الوحيد للناس ونحن بحاجة إلى تعاضد من الجميع لتمرير المرحلة".
ويختم الحشيمي حديثه بالتأكيد على أن انتخاب رئيس هو الخطوة الأولى للبدء بحل الإشكالات جميعها، فمع انتخاب الرأس يبدأ انتظام المؤسسات ويتم تعيين قيادات جديدة لها وننتهي من قضية الخلافات، أما الاستمرار على هذه الحال فهو يقضي على المؤسسات تباعاً لأن الأمور متعلقة ببعضها البعض وحينها نكون بلغنا الكارثة".