خلدة وطريق الجنوب.. افتتاح بوابة التوتر الأمني

أعاد اغلاق أوتوستراد خلدة، جنوبي العاصمة بيروت، المخاوف من توترات أمنية، والضغوط على القوى السياسية الفاعلة في الجنوب، وذلك إثر تصاعد التململ والشكوى من احتجاز المتجهين جنوباً لساعات في سياراتهم، على خلفية إقفال الطريق احتجاجاً على الأحكام القضائية التي صدرت بحق عرب خلدة. 

وخلال ساعات قليلة، مساء الخميس، وعشية عيد الفطر، تصدرت الشكاوى من اغلاق الاوتوستراد، النقاشات الافتراضية، وتكررت الأسئلة عما إذا كانت طريق الجنوب سالكة، وسط ضخ للفيديوهات والصور، وأنباء غير مؤكدة عن إطلاق نار، لليلة الثالثة على التوالي، بعد صدور الأحكام القضائية التي طاولت المتورطين في حادثة خلدة في آب 2021، عندما قُتل 4 مناصرين لحزب الله في اشتباكات مع عرب خلدة، أثناء تشييع مناصر آخر كان قد قُتل ثأراً. 
 
وطريق الجنوب، عملياً، هي الممر الإلزامي لسكان الجنوب والشوف وإقليم الخروب وجزين، ويمر عليها لبنانيون من مختلف الطوائف، لكنها رمزياً، أُعطِيَت بُعداً آخر كون غالبية المارّين من الشيعة الذين يغادرون بيروت في عطل نهاية الأسبوع أو في المناسبات باتجاه القرى الجنوبية.
وتحولت هذه الرمزية سريعاً الى شكوى متكررة ومنظمة في مواقع التواصل، جددت لغة التهديد بعد هدوء لنحو عامين تقريباً، حين أحكم الجيش قبضته على المنطقة ومنع أي تحركات احتجاجية فيها. 
 
في مواقع التواصل، تقول مغردة إن قطع الطريق ليلة عيد الفطر "لن يؤدي سوى للفتنة".. ومثلها، يقول آخر إن 300 ألف سني يمرون فيها (في اشارة الى سكان اقليم الخروب وصيدا وغيرها). فيما يتساءل آخر: "من أنتم لتغلقوا طريق الجنوب ساعة تريدون؟"، ويضيف: "الناس نفد صبرها"، بينما ناشد آخرون وزير الداخلية والجيش التدخل، ودانوا تصريحات سياسية انتقدت الأحكام، واعتبروا أن بعض النواب يحرّضون عرب خلدة الذين يطلقون النيران. 
 
والحال إن الطريق، باتت معبراً لتوتر أمني جديد، يجدد الاحتقان السني – الشيعي، ويفاقم المحاذير من انزلاقات الى صراعات جديدة. على مدى السنوات السابقة، كانت طريق الجنوب مطية لتوترات واشتباكات. ففي أوائل الحرب اللبنانية، وبعد قطع متكرر لطريق الجنوب التي كانت بمثابة "طريق إمداد المقاومة الفلسطينية من بيروت الى المواجهة مع اسرائيل"، قامت الحركة الوطنية بمعركة قاسية في الدامور تلت مجزرة السبت الأسود في بيروت، وأسفرت عن تهجير المسيحيين منها..

وفي أيام انتفاضة 17 تشرين، وإثر الانقطاع المتكرر للطريق، تصاعدت التحذيرات أيضاً من "إذلال الناس" في المنطقة، وقد تحدث أمين عام "حزب الله" بلهجة حاسمة طالباً من الجيش عدم السماح بإقفال الطريق.. وتكرر الأمر في العام 2021، إثر الاشتباكات في خلدة.
 
تتكرر التحذيرات الآن في مواقع التواصل. يمكن رصد هذه المخاطر من حجم التغريدات والغضب من إقفال الطريق. بات هذا الملف قنبلة موقوتة، يشي بصراع سني – شيعي، ينزلق من الاعتبارات السياسية الى الجانب الطائفي، وهو ما يفسر حجم التدخل السريع للجيش في تلك المنطقة، تجنباً لأي مواجهة تهز الاستقرار.