هل طرح بارولين أسماء خمسة للرئاسة؟

تساءل لبنانيون كثيرون إن كان أمين سر دولة الفاتيكان بيترو بارولين انزعج من كلامٍ قاله قبل يوم من وصوله الى بيروت البطريرك الماروني بشارة الراعي، ودعا فيه الى تطبيق القرار الدولي 1559 الذي تحدّث عن نزع سلاح الميليشيات العسكرية اللبنانية وغير اللبنانية "العاملة" في لبنان، كما الذي دان فيه العمليات الإرهابية التي تنطلق من لبنان.

الدافع الى التساؤل هو أن واجب سيد بكركي تسهيل مهمة بارولين اللبنانية و"التوسطية" من خلال الاستماع الى ممثلي الأطراف السياسيين الفاعلين في البلاد والممثلين لشعوبها المتناحرة، لا تعقيدها، إذ إن علاقة بعض هؤلاء وينتمي معظمهم الى الطائفة الشيعية، توترت علاقتهم بالبطريرك الراعي من جرّاء الخطب التي يلقيها صباح كل أحد، ويتناول "ثنائيتهم" فيها بالنقد القاسي أحياناً وإن من دون تسميتهم.

وقد عبّروا عن ذلك بمقاطعة ممثلهم نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى اجتماعاً دعت إليه بكركي، وكان يُفترض أن يضمّ الممثلين الدينيين لكل الطوائف والمذاهب في البلاد. أما ما دفع الى التساؤل المذكور أعلاه فكان انتقال أمين سر دولة الفاتيكان بارولين فور نزوله في مطار رفيق الحريري الدولي الى مقر السفارة البابوية في حريصا، من دون استفقاد بكركي وسيدها الراعي بزيارة مجاملة قصيرة لا سيما أنها على طريقه الموصلة الى المقر، وعلى رمية حجر منها كما يُقال.

طبعاً لا يستطيع أحد أن يجزم بوجود إشارة امتعاض فاتيكاني ما من البطريرك الراعي جرّاء المشار إليه أعلاه. لكن ما يدفع اللبنانيين ولا سيما منهم من يتعاطون الشأن العام في بلادهم وتربطهم علاقة جيدة بالفاتيكان ومقر البطريركية المارونية في بكركي الى التساؤل عن هذا الموضوع هو معرفتهم الوثيقة بوجود اختلاف أو تباين جدي بين تقويم كل منهما للوضع الداخلي اللبناني، ولتدخل الخارجين الإقليمي والدولي فيه، وللحلول اللازمة لإعادة وضع لبنان ومسيحييه تحديداً على السكة الموصلة الى انتخاب رئيس جمهورية مسيحي ماروني بعد شغور مستمر منذ 31 تشرين الأول 2022.

هذا فضلاً عن ترجيح من لهم علاقة بالفاتيكان أن يكون هناك تباين في الرأي بين رأس الكنيسة الكاثوليكية في العالم ورأس الكنيسة المارونية في العالم أيضاً على التباين الكبير في الحجم بينهما حول أمور لبنانية عدّة، قد يكون أهمها انغماس بكركي في السياسة وتبنّيها مواقف تفرّق تماماً مثلما يفعل أقطاب الطوائف والديانات اللبنانية الأخرى. وهذا ليس دوراً مرجعياً ولا يصبّ في مصلحة لبنان، علماً بأن ذلك دفع اللبنانيين الى تداول معطيات وأحياناً معلومات عن تغيير ما في بكركي في الوقت المناسب.

ولا أحد يعرف إن كانت التمنيات هي الدافع الى تسريب معلومات كهذه أم الحرص على لبنان ومسيحييه بعدما وضعوا أنفسهم كما بعدما وضعتهم الطوائف والمذاهب الإسلامية في لبنان في موضع الخائف على الوجود والدور والكيان.

ماذا فعل أمين سر دولة الفاتيكان الموفد من البابا فرنسيس الى لبنان؟ دائماً تكون مهمات الموفدين البابويين الاستطلاع ثم تقديم النصح والإرشاد لكل من يقابلونهم من زعامات سياسية وقيادات دينية مسيحية وإسلامية. أحياناً يحملون اقتراحات محدّدة ويستقصون مواقف من يجتمعون بهم منها.

في هذا المجال أفادت المعلومات المتوافرة عند متابعين لبنانيين بدقة تحرّك أمين السر بارولين الى أن أول اجتماع عقده مساء وصوله الى بيروت كان مع النائب جبران باسيل رئيس "التيار الوطني الحر"، وقد استمر نحو ساعتين ونصف ساعة. لم تتسرّب لهؤلاء أي معلومة عن المحادثات بين المذكورين. لكن طبعاً كان ملء الشغور الرئاسي الموضوع الرئيسي فيها.

في المجال نفسه تحدّث المتابعون أنفسهم عن اجتماع بارولين بزعيم "تيار المردة" سليمان فرنجية الذي حضره الوزير السابق روني العريجي. تناول البحث بين الاثنين أموراً رئيسية أهمها الفراغ الرئاسي وضرورة ملئه بانتخاب رئيس جديد. وتفيد معلوماتهم أن بارولي حاول الاستفهام من فرنجية إن كان سيبقى متمسكاً بترشّحه للرئاسة الذي دعمه فيه "حزب الله" و"حركة أمل" الى الآخر، أو إن كان لديه استعداد للتخلّي عن الترشّح في مقابل موافقته على مرشّح آخر من جملة مرشحين يُرجّح أن لا يرفضهما حليفاه الشيعيان، وأيضاً استعداد للإسهام في تسهيل هذا الأمر. طبعاً لم يكن يتوقّع فرنجية كلاماً صريحاً ومهماً كهذا، كما لم يتوقّع بارولين أن يعطيه فرنجية جواباً واضحاً ونهائياً عن سؤاله إيجابياً كان أو سلبياً.

هل طرح بارولين مع فرنجية أسماء شخصيات مارونية يراها الفاتيكان مؤهّلة لتحقيق إجماع مسيحي إسلامي على وصول أي منها الى قصر الرئاسة في بعبدا؟ يُجيب الذين تابعوا حركة الموفد البابوي ومحادثاته المتنوّعة أنه أطلع فرنجية على لائحة تضمّنت خمسة أسماء لمرشحين للرئاسة يُمكن أن يقبلهم الناخبون اللبنانيون الرئيسيون. وهي الآتية: الوزير السابق جان لوي قرداحي، الوزير السابق زياد بارود، السفير الأسبق في الفاتيكان جورج خوري، المدير العام للأمن العام العميد الياس البيسري، الوزير السابق المحامي ناجي البستاني.

ما هي مواقف الناخبين اللبنانيين الكبار من هؤلاء المرشحين المقترحين لرئاسة الجمهورية اللبنانية؟