داهِمُوا مستودعات المحروقات المَخفيّة... والأدوية المخطوفة أيضاً!

من هو ذاك الذي لا يزال يتذكّر أنه يوجد مرضى في لبنان يحتاجون الى أدوية، والى مستلزمات طبيّة، والى قطاع صحي مُتماسِك، بعدما طَغَت أزمة انقطاع البنزين والمحروقات، وأزمة انقطاع الكهرباء، ومشاكل الإنترنت، على كلّ شيء في البلد؟

فمنذ أسبوع تقريباً، تتمّ مداهمة مستودعات لتخزين المحروقات، ويُجبَر أصحابها على وضع ما احتكروه في متناول الناس. فلماذا لا تُعمَّم تلك الحالة على الصيدليات، ومستودعات الأدوية المُخزَّنَة والمُحتكَرَة أيضاً؟ ولماذا حَصْر الضّرب بيد من حديد، بأمور معيّنة فقط، دون سواها، رغم أهميّة مُواصَلَة العمل على الملف الدوائي، بمعدّل يومي؟

الأكثر أهميّة

لا شكّ في أن للقرار السياسي الإنعكاس الأوّل والأخير، على مُداهمَة هذا وترك ذاك "فالتاً" كما يحلو له، ضمن مجال العمل الواحد. ولكن لماذا يصمت الجميع، ويتساهلون مع كل الألاعيب التي تتعلّق بصحة الناس عموماً، والمرضى منهم خصوصاً؟

فمداهمة الصيدليات، ومستودعات تخزين الأدوية، سيشكّل فارقاً حتمياً، وسينقل مشكلة قَطْع الأدوية المقصود من ضفّة الى أخرى، طالما أن كثيراً من مُحتكري المحروقات يُخرجونها من "أوكارها" لمجرّد حصولهم على معلومات عن أن مُداهمةً ستحصل، في منطقة أو مناطق أنشطتهم. والأمر نفسه سيحصل، في ما لو وُضِعَت أزمة الأدوية في الميزان نفسه. فلماذا التقاعُس عن العمل ضمن هذا الإطار، حتى الساعة؟ ولماذا التعتيم على أزمة الأدوية دائماً، رغم أنها الأكثر أهميّة، من بين كل باقي الأزمات الأساسية في البلد؟

تغطية سياسية

شدّد رئيس "الهيئة الوطنية الصحية الصحة حق وكرامة"، الدكتور اسماعيل سكرية، على "أهميّة العمل على هذا الملف، مثل غيره. ولكن ما يُعيق مُداهمَة مستودعات وأماكن الأدوية المُخزَّنَة والمُحتكَرَة، هو "مافيا" الدواء التي هي أقوى من الدولة".

وأشار في حديث لوكالة "أخبار اليوم" الى أن "لا قرار سياسياً يسمح بمداهمة تلك الأماكن، الى جانب التغطية السياسية التي يتمتّع بها أصحابها".

"تجميلية"

وردّاً على سؤال حول ما إذا كانت الأزمة الدوائية ستطول كثيراً، وبالشّكل الحالي نفسه، أجاب:"قد تشهد تلك الأزمة بعض الحَلْحَلَة، بجزء يسير منها. فعلى سبيل المثال، منح وزير الصحة (حمد حسن) أربعة أذونات لشركات صيدلانية مرخّصة لاستيراد طارىء لأدوية مفقودة، بهدف تعويض السوق عن المفقود منها. ورغم وضع بعض الشّروط على ذلك، فإن التطبيق يبقى صعباً. وبالتالي، لا مجالات فعلية أمام السرعة في الحلول".

وأضاف:"أزمة الدواء ستستغرق وقتاً، بموازاة بعض الخروق "التجميلية"، من مستوى تأمين البديل لهذا الصّنف من الأدوية، أو ذاك، من دول أخرى. ولكن هذا الوضع أشبه بـ "التجميل".

وختم:"الأزمة الدوائية وصلت الى مكان باتت فيه الحلول السريعة صعبة، خصوصاً أن لا قرارات تسرّع العمل عليها، وسط خلافات حول تسعير الدواء، وفي ما يتعلّق بمشاكل نسمعها منذ أشهر".