دعوة عربية لقيادات لبنان لاثبات جدارتهم في حكم البلاد: لماذا تعاقبون الشعب؟

 قال ديبلوماسي عربي لـ»الجمهورية» ان المساعي العربية والغربية لإنهاء الشغور الرئاسي غير كافية ما لم تواكب باندفاعة داخلية تبقى المدخل الأساس لانتخاب رئيس جديد للجمهورية. وأكد انّ الخارج حريص دائماً على استقرار لبنان وانتظام مؤسساته، ولكن قدرته على التأثير محدودة في ظل التعثّر الداخلي اللبناني المتواصل، حيث تحول الشغور وتصريف الأعمال قاعدة بدلاً من ان يكون الاستثناء.

وأبدى هذا الديبلوماسي شديد الأسف، ليس فقط للوضع المأسوي الذي انزلق إليه لبنان، إنما للقوى المتحكمة بقراره التي يفترض ان تقوم بالمستحيل لوقف الانهيار الذي يشكل استمراره خطورة على الاستقرار وبابا واسعا للهجرة، ومن غير المسموح عدم تمييز هذه القوى بين الخلاف السياسي المشروع، وبين مصلحة لبنان واللبنانيين، وقد حان الوقت لوضع خلافاتها جانباً والاتفاق على رئيس للجمهورية وحكومة من أجل إطلاق ورشة إصلاحات تعيد التوازن إلى الوضع المالي.

وقال الديبلوماسي العربي نفسه ان ما هو غير مفهوم، بالنسبة إليه، هو «كيف يمكن لقوى ان تعاقب جمهورها وناسها، لأنّ الانهيار لا يصيب فئة من اللبنانيين، بل جميعهم بلا استثناء، وما هو غير مفهوم أيضا لماذا لا تعمد القوى السياسية إلى تحييد المسائل الخلافية والحؤول دون انعكاسها على أوضاع الناس الحياتية، فما هو خلافي إما يحيّد وإما يتم الحوار حوله، ولكن لا يجوز تعطيل الحياة السياسية وتحويل حياة اللبنانيين إلى جحيم». ودعا القوى السياسية إلى التسليم بنتيجة الانتخابات النيابية التي حصلت منذ أشهر قليلة ودلّت الى وجود توازن برلماني لا يسمح لأي فريق بالتفرُّد في قيادة البلاد، وبالتالي لا مفرّ من التفاهم على سلطة إجرائية تكون على مسافة واحدة من الجميع، وتشكل انعكاسا لما أفرزته صناديق الاقتراع. وقال: «ان القوى السياسية مطالبة بالتواضع ووضع الماء في نبيذها، لأنه لا يمكن لأي فريق ان يستبعد الفريق الآخر عن السلطة، ولا خيار لهذه القوى سوى التعايش تحت سقف واحد وفق قاعدة الاتفاق على ما هو مشترك وتطويره، وإحالة المسائل الخلافية على حوار هادئ ورصين بما يعطِّل تأثير مفاعيل هذه المسائل على دورة الحياة الاقتصادية والسياسية».

 

ورأى الديبلوماسي نفسه «ان الكتل البرلمانية مدعوّة إلى الحوار، ليس حول المواصفات الرئاسية التي لن يكون هناك من خلاف حولها كونها عامة وشاملة، إنما حول سلة من الأسماء يُصار من خلالها إلى استبعاد من يعتبرها استفزازية والإبقاء على الأسماء التي تحوز على ثقة جميع الكتل، ولا ينفع بشيء الرهان على عامل الوقت لدفع فريق إلى القبول مستقبلاً بما يرفضه اليوم، لأنّ تجربة العهد الأخير قد لا تجعله يقبل بالتراجع عن مواقفه، فيما الوقت أصبح قاتلا للبنانيين ويجب اختصاره بتسوية رئاسية تعيد إطلاق عجلة الدولة ومؤسساتها».

وختم الديبلوماسي العربي بنصيحة إلى القوى السياسية بدعوتها إلى المبادرة من أجل إظهار انها راشدة وقادرة على حكم البلد وباستطاعتها حلّ أزماتها بنفسها وليس انتظار الخارج لينوب عنها، وبالتالي أمامها فرصة لإثبات جدارتها أمام شعبها ودول العالم بأنها تميِّز بين خلافاتها وانقساماتها، وبين حرصها على إدارة البلد وتوفير مصالح شعبه.