المصدر: النهار
الأحد 14 أيلول 2025 00:06:29
اكتسبت المرحلة الرابعة من تسليم السلاح في المخيمات الفلسطينية التي جرت امس مزيدا من الدلالات البارزة لجملة اعتبارات . فهي جرت أولا في مخيمي عين الحلوة جنوبا والبداوي شمالا بما عكس الطابع الشمولي للعملية الذي يتسع نحو كل المخيمات . وهي طاولت ثانيا السلاح الثقيل لفصائل منظمة التحرير الفلسطينية في عين الحلوة بما شكل الأثبات على جدية العملية . وهي شكلت ثالثا الرسالة الجازمة في اتجاه الفصائل الفلسطينية الأخرى التي فقدت أي مبرر للتذرع بعدم الانصياع لتسليم سلاحها ، ولعل ما ينطبق على هذه الفصائل "الممانعة" ينسحب أولا وأخيرا على "حزب الله " الذي لا يزال يعاند في سياسات الرفض العقيمة لتسليم سلاحه للدولة .
ولعل المصادفة الرمزية التي واكبت هذه العملية تمثلت في انها حصلت عشية الذكرى الثالثة والأربعين لاستشهاد الرئيس بشير الجميل الذي كان رمز المقاومة اللبنانية لكل سلاح غريب زج به على ارض لبنان واستبيحت معه السيادة اللبنانية واشعلت بسببه الحرب طوال خمسة عشر سنة . هذه المصادفة الرمزية اتخذت دلالاتها الأقوى مع التحولات التي يشهدها لبنان منذ بداية العهد الحالي الأمر الذي عبر عنه موقف لافت ومعبر وذات ابعاد سيادية لرئيس الجمهورية العماد جوزف عون عشية ذكرى استشهاد الرئيس بشير الجميل اذ اعتبر في بيان أصدره في المناسبة ان اغتياله "لم يكن مجرد تغييب لرئيس جمهورية او لزعيم سياسي فحسب، بل كان أيضا محاولة لقتل حلم لبناني أصيل، لكن الأحلام لا تموت بموت أصحابها، بل تبقى حية في قلوب الذين يؤمنون بها ويعملون على تحقيقها". واضاف: "لقد كان الرئيس الشهيد رمزاً للعزيمة والإصرار على بناء لبنان قوي وموحد، فهو آمن بقدرة اللبنانيين على تجاوز الخلافات والعمل معاً من أجل وطن حر ومستقل، وكانت رؤيته للبنان رؤية دولة قوية بمؤسساتها، عادلة في قوانينها، متقدمة في نهضتها."وختم الرئيس عون: "اليوم وبعد عقود من استشهاده، لا تزال المبادئ التي ضحى من أجلها من الثوابت الوطنية التي يجمع عليها اللبنانيون وأبرزها لبنان الحر المستقل السيد، لبنان الذي يعيش فيه جميع أبنائه بكرامة وأمان، لبنان القوي بوحدة شعبه وتضامن مكوناته".
وأقيم مساء امس قداس إلهي عائلي في كنيسة مار مخايل الرعائية في بكفيا في الذكرى السنوية ال43 لاستشهاد الرئيس بشير الجميّل تقدم الحضور فيه الرئيس امين الجميل وزوجته السيدة جويس ورئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل والسيدة صولانج الجميل وولداها النائب نديم الجميل ويمنى زكار وأفراد عائلة الجميل .
وقال النائب نديم الجميّل: نحيّي الرئيس جوزف عون على موقفه وكلمته اليوم في ذكرى استشهاد بشير وهذه السنة نحتفل بالذبيحة الإلهية وخاصة بعد رحيل كل الأنظمة التي قتلته وهذا القداس هو للصلاة عن روحه وروح كل شهداء لبنان".
ولفت إلى أن الاحتفال بالذكرى الذي سيقام في الثامنة والنصف من مساء اليوم الأحد في ساحة ساسين في الأشرفية "سيكون ضخمًا ويلخص 43 سنة إضافة إلى أناشيد المايسترو إيلي العليا وعرض عدد من الوثائقيات عن بشير والجميع مدعو الساعة 8:30 في الأشرفية لإحياء هذه الذكرى".
اذن مضت عملية تسليم السلاح من داخل المخيمات الفلسطينية في مرحلتها الرابعة وفق خطة مُتدرجة، شملت امس مخيمي عين الحلوة جنوباً والبداوي شمالاً. في مخيم البداوي تم تسليم ثلاث شاحنات محمّلة بالأسلحة، وخمس في مخيم عين الحلوة ، وُضعت جميعها في عهدة الجيش اللبناني. وتشكل هذه العملية محطة جديدة في مسار إنهاء ملف السلاح الفلسطيني بشكل كامل.
وأعلنت قيادة الجيش - مديرية التوجيه في بيان ان "استكمالًا لعملية تسلُّم السلاح من المخيمات الفلسطينية، تسلَّمَ الجيش حمولة ٥ شاحنات أسلحة من مخيم عين الحلوة - صيدا و٣ شاحنات من مخيم البداوي – طرابلس.شملت عملية التسلُّم أنواعًا مختلفة من الأسلحة والقذائف والذخائر الحربية، وقد تسلمتها الوحدات العسكرية المختصة للكشف عليها وإجراء اللازم بشأنها.
وفي السياق، صدر عن لجنة الحوار اللبناني – الفلسطيني بيان جاء فيه: "استُكملت اليوم، السبت ١٣ أيلول ٢٠٢٥، المرحلة الرابعة من عملية تسليم السلاح داخل المخيمات الفلسطينية، حيث جرى في مخيم البداوي تسليم ثلاث شاحنات محمّلة بالأسلحة، وفي مخيم عين الحلوة خمس شاحنات أخرى، وُضعت جميعها في عهدة الجيش اللبناني. وتشكل هذه العملية محطة جديدة في مسار إنهاء ملف السلاح الفلسطيني بشكل كامل، وفق خطة متدرجة تُنفَّذ بمراحل متتالية. وتؤكد لجنة الحوار أنّ هذه الخطوة تعكس التزامًا جادًا ومشتركًا بالمسار الاستراتيجي الذي رسمته القمة اللبنانية – الفلسطينية في 21 أيار 2025، وما تبعها من اجتماعات برئاسة دولة رئيس مجلس الوزراء الدكتور نواف سلام، والتي أقرّت خريطة طريق واضحة لحصر السلاح بيد الدولة اللبنانية، بما ينسجم أيضًا مع قرار مجلس الوزراء في جلسة 5 آب حول حصرية السلاح، ومع جلسة 5 أيلول التي رحّبت بخطة الجيش لتنفيذ ذلك.
وتواصل لجنة الحوار اللبناني – الفلسطيني لقاءاتها مع مختلف الفصائل الفلسطينية، بما فيها حركة حماس والجهاد الإسلامي، في إطار متابعة أوضاع المخيمات والتأكيد على التوجّه الثابت للدولة اللبنانية ببسط سيادتها على كامل أراضيها. وقد أبلغت اللجنة الجهات التي التقتها بوجوب البدء بخطوات عملية لمعالجة ملف السلاح الفلسطيني بشكل كامل ونهائي، بما يفتح الطريق أمام تعزيز سلطة الدولة اللبنانية على المخيمات، وضمان أمنها واستقرارها، وبما
يضمن الشراكة في صون الاستقرار الوطني وصون كرامة الفلسطينيين المقيمين في لبنان وحقوقهم الإنسانية والاقتصادية–الاجتماعية".