المصدر: وكالة الأنباء المركزية
الثلاثاء 14 تموز 2020 13:40:59
من البطريرك الياس الحويك الى البطريرك مار نصرالله بطرس صفير فالبطريرك مار بشارة بطرس الراعي، سلسلة من البطاركة أسسوا لاستقلال لبنان. بطريرك الاستقلال الاول الحويك، كان له دور بطولي وواجه الحصار السياسي والاقتصادي الذي فرضه جمال باشا السفاح على لبنان وأدى الى موت ثلث اللبنانيين جوعاً، فحوّل بكركي الى مركز لتوزيع الطعام من دون تمييز بين الطوائف، إذ كان يردد: "أنا بطريرك الموارنة ولي طائفة واحدة هي طائفة لبنان".
ولاحقاً، في فترة الانتداب الفرنسي، لم تكن فرنسا بداية متحمّسة لاستقلال لبنان وكيانيته الخاصة فحاولت عن طريق مراسلات بين بكركي وجورج بيكو إقناع البطريرك بإيجابيات الوحدة مع سوريا، لكن الأخير كان حازما بإصراره على استقلال لبنان وكان يردد: "ان نموت في ظل صخورنا خير لنا من الانضمام لهذه الوحدة". وظل يناضل ويرأس الوفود الى باريس، حتّى أعلن الجنرال هنري غورو من قصر الصنوبر في بيروت، في 31 آب 1920، ولادة لبنان الكبير بحدوده الحالية، في حضور البطريرك الحويّك ومفتي بيروت الشيخ مصطفى نجا، لتتحقق رغبته في كيانية واستقلال لبنان بلدا للتعايش وليكون رسالة أكبر من حدود مجرّد وطن كما وصفها البابا يوحنا بولس الثاني.
ومرّت السنوات واندلعت الحرب الاهلية، فلعب البطريرك صفير دوراً بارزاً في تاريخ لبنان الحديث، لا سيما من خلال معارضته الشديدة للهيمنة السورية على لبنان ولاحتفاظ "حزب الله" بسلاحه، وأطلق عليه لقب "بطريرك الاستقلال الثاني". ورعى أهم الإنجازات التاريخية في الذاكرة اللبنانية، وهي "مصالحة الجبل" في العام 2000 بين الدروز والمسيحيين بعدما كان له موقف حازم من تقاتل الأطراف المسيحية عام 1989.
لم يفوّت صفير فرصة في دعم التيار السيادي والمعارض للوجود السوري في لبنان، وتوجت مواقفه في دعم تظاهرات "14 آذار" والقوى الداعية لها، بعد اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري في شباط 2005، وهو الحراك الذي أدى إلى الانسحاب السوري في نيسان 2005 من لبنان.
ورفض صفير طيلة فترة توليه منصبه زيارة سوريا رغم وجود أبرشية مارونية تابعة لسلطته الكنسيّة فيها، حتى أنه لم يرافق البابا يوحنا بولس الثاني خلال زيارته لها عام 2001. وبعد خروج الجيش السوري في العام 2005 من لبنان، لم يتردد في انتقاد "حزب الله" بشدة لرفضه التخلي عن سلاحه، معتبراً أنه يشكل «حالة شاذة» في لبنان. وشدد على أن "السلاح يجب أن يكون حصراً بيد الدولة".
اليوم يحمل البطريرك الراعي الشعلة، إذ بدأ منذ ثورة 17 تشرين بإطلاق مواقف تصاعدية توّجت بمطالبته بتحرير الشرعية وتوفير الدعم من الدول الصديقة وإعلان حياد لبنان ورفض رهن لبنان بمحاور خارجية. هذه المواقف التي لقيت تأييدا من الكثيرين الذين توافدوا الى بكركي والديمان تأييدا لمواقفه، ستستكمل بلقاء يعقده الراعي مع رئيس الجمهورية قريباً لوضعه في خلفية وأسباب مواقفه "لا سيما تلك المتعلقة بحياد لبنان، وتتوج بزيارة يقوم بها الى الفاتيكان للقاء البابا فرنسيس ووضعه في صورة ما يحصل في لبنان وطلب الدعم والمساعدة لتحييد لبنان عن الصراعات الاقليمية والدولية وإنقاذه قبل فوات الأوان، وسيجند علاقاته لتحقيق مشروع حياد لبنان، بحسب ما أفاد زوار البطريرك "المركزية". ويعترف الزوار ان الوضع خطير ولا يمكنه ان يكمل على ما هو عليه، وأن بكركي ترفض اي كلام عن انتخابات رئاسية مبكرة الا انها تطالب يتصحيح المسار".
موضوع حياد لبنان اثير في الخمسينيات وخلال حرب 1975 عندما طالب حزب الكتائب باعلان حياد لبنان وسط اعتراض اسلامي بحجة ان حياد لبنان يسلخه عن محيطه العربي ويحول دون تفاعله مع قضاياه. وفي السياق يقول نائب رئيس الكتائب الوزير السابق الدكتور سليم الصايغ لـ"المركزية": "موقفنا ثابت في هذا الموضوع كحزب كتائب وقدمنا اقتراح تعديل دستوري لوضع موضوع الحياد في مقدمة الدستور، باعتباره مبدأ ميثاقيا، وميثاق 1943 هو الذي قال "لا مقر ولا ممر للاستعمار ولا شرق ولا غرب"، وهذا ما طمأن المسيحيين ان ينجذبوا الى العرب والوحدة العربية وطمأن المسلمين ان لبنان لن يكون موطئا للاستعمار الفرنسي او الغربي. هذه فلسفة الحياد القائمة على ميثاقية طمأنت الافرقاء اللبنانيين على ان لبنان هو المرجعية الاولى والاخيرة لهم".