المصدر: المدن
الكاتب: محمد علوش
السبت 4 شباط 2023 15:58:41
بشحطة قلم رُفع سعر صرف الدولار الرسمي من 1500 ليرة الى 15 ألف ليرة، بقرار يتماشى مع كل الفوضى المالية والسياسية في البلد. ارتفع صراخ الكثيرين ومن بينهم المستأجرين. وقد شهدت هذه السنة ارتفاعاً كبيراً في بدلات الإيجار فيما خص العقود الحرّة الجديدة، ووصلت النسب الى حدّ الـ 200 بالمئة مقارنةً بالعام السابق، بحسب المستشارة القانونية للجنة الاهلية للمستأجرين المحامية مايا جعارة.
دولار عقود الإيجار .. 15 ألف!
لم يعلم أحمد أن عقد الإيجار الذي كتبه بالدولار عام 2019 لمدة 6 سنوات سيشكل له ازمة اليوم. فقبل الأزمة كان يدفع قيمة العقد بالليرة، وخلال الأزمة اتفق مع صاحب الشقة على دفع 100 دولار، واليوم عاد صاحب الملك ليطالب بالإيجار بالليرة، على أساس 15 ألف ليرة للدولار الواحد.
يقول أحمد لـ"المدن": "يحاول صاحب الشقة أن يحصل على 650 دولاراً (قيمة الإيجار بالعقد) بحسب سعر 15 ألف ليرة، على اعتبار انه سعر الصرف الرسمي الجديد. ويقول أن باستطاعته اللجوء للقضاء لتثبيت حقه". فهل ينعكس سعر الصرف هذا على قطاع الإيجارات أيضاً؟
في هذا السياق أكدت جعارة أن تعديل سعر الصرف من 1500 الى 15 ألف له تبعات على بدلات الايجار، كان ينبغي على وزارة المالية التدخّل قبل بداية شباط، تاريخ بدء العمل بالقرار، للتقليل من التجاذبات والاشكاليات بين المواطنين. لكنها لم تفعل، كما لم يتحقق ما كان قد قاله مدير الواردات في وزارة المالية لؤي الحاج شحادة عن ان الوزارة بصدد اصدار قرارات تتعلق بتحديد سعر صرف خاص ببدلات الايجار وغيرها من المستحقات المالية الدورية.
بحسب أحمد فإنه عندما انهارت قيمة الليرة لم يقل لصاحب الملك بأنه سيدفع له 650 دولار على أساس سعر 1500 ليرة، ويضيف: "تواصلت معه للاتفاق على مبلغ يعينه من جهة ولا يكسرني من جهة أخرى، وهذا ما يجب على أصحاب الملك فعله اليوم".
توافق المحامية جعارة أحمد الرأي، مشيرة إلى أنه يجب أن يراعي المبلغ الذي سيحدد للايجار ظروف المواطنين. فهناك 80 بالمئة من الشعب فقراء، وفي ظلّ غياب تصحيح جدّي للأجور، لا يمكن ترك الموضوع دون تدخّل سريع، فالامن الاجتماعي بخطر.
ضياع قانوني وقضاء معطّل
ليس موضوع الإيجارات الجديدة فقط من تأثر بقرار رفع سعر الصرف الرسمي، فهناك أيضاً موضوع عقود الإيجارات القديمة التي سبق ان حُددت بدلاتها بالدولار بين المالك والمستأجر وفقاً للقانون 2/ 2017. فبحسب جعارة، تحددّ البدل بتاريخ كان سعر الدولار ثابتا، وهذا البدل حدّد بناءً على تخمين الشقق بأسعار اعلى بكثير مما هو عليه اليوم، لذلك يجب إعادة النظر بهذه العقود بالدولار.
لم تنته المعاناة مع الـ 15 ألف ليرة هنا، فعلى سبيل المثال ، يُعاني علي من مشكلة مع صاحب المبنى الذي اشترى فيه شقته عام 2012، وبالتقسيط المباشر. ويُشير الى أن صاحب الشقة حصل على 70 ألف دولار قبل الأزمة، وتبقى له 30 ألفاً، لكنه رفض استلام أي دفعات جديدة عام 2020 حتى اليوم، بسبب انهيار الليرة. ولم ألجأ إلى القضاء ضده، لتجنب الخلافات معه. وها هو اليوم يتجه الى تحصيل الأقساط على دولار 15 ألف ليرة".
هنا تُشير جعارة الى ان هذه المشكلة بدأت بين الشاري والبائع عام 2020، فهناك من قبض على سعر 1500، وهناك من رفض من البائعين، فقام الشاري بمعاملة العرض والايداع ودعوى لتثبيت الايداع. كما انه جرت الكثير من التسويات على سعر متفق عليه بحيث "لا يموت الديب ولا يفنى الغنم". أما اليوم وعلى اثر صدور قرار المركزي بزيادة سعر الصرف عشرة اضعاف، فالسؤال الذي يطرح نفسه، على اي سعر ستحتسب الدفعات المستحقة بتاريخ سابق والتي لم تُسدد؟ هل على اساس سعر الصرف بتاريخ استحقاقها ام بتاريخ الايفاء؟
وتشدد جعارة على أننا "امام معضلة اخلاقية تتعلق بالعدالة الاجتماعية والمساواة بين المواطنين، بين من اقترض بالدولار ومن اقترض بالليرة اللبنانية، من لجأ الى معاملة العرض والايداع ومن لم يلجأ اليها، وسننتظر ونراقب اجتهادات المحاكم بهذا الخصوص، خصوصاً ان كل حالة لها خصوصيتها وتتغيّر بحسب كل عقار وإذا كان قيد الانشاء أو منشأ عندما حصل الانهيار المالي".
رغم عدم قانونية تعديل سعر الصرف، الذي يتطلب اصدار قانون بهذا الخصوص من مجلس النواب، إلا أن التداعيات ستكون كبيرة على كل القطاعات، وستفضي إلى أزمة بالعلاقات القانونية بين اللبنانيين، وهو ما سيحتاج الى قضاء "سريع وعادل" لحلّه، وهو ما لا يتوفر اليوم.