دينا مدّاح الى الصحة... على دماء الشهداء!

في 15 حزيران الجاري عقد لقاء في عين التينة، برعاية رئيس مجلس النواب نبيه بري، بين كل من رئيسي "الحزب التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط و "الحزب الديمقراطي" طلال أرسلان.
عنوان ذلك اللقاء الشهير كان المصالحة الدرزية بعد القطيعة الطويلة التي فرقت كلاً من الطرفين، والتي كانت تشكل توتراً على صعيد الجبل.
هذا في الشكل اما في كواليس اللقاء فقد علم موقع kataeb.org من مصادر مطلعة على مجريات اللقاء وتفاصيل انعقاده ان عنوان المحاصصة كان هو الغالب عليه وكانت الكلمة المفتاح هي: دينا مدّاح.
تفاصيل الصفقة
في 27 ايار الماضي، شغر مركز مدير عام وزارة الصحة العامة بعد ان تقاعد وليد عمار الذي شغل هذا الموقع طوال 27 عاماً متواصلة. ولملء هذا المنصب الذي يعود للطائفة الدرزية حسب التوزيع الطائفي اللبناني، اقترح رئيس الحزب الاشتراكي 5 اسماء "من جماعته"، ولقد (اختار خمسة كي يزيد من فرص نجاحه) في حين ان رئيس الحزب الديمقراطي اقترح بدوره اسمين، الاول هو دينا مدّاح (وهي التي بُنِيَت عليها وبواسطتها الصفقة) والثاني هو اسم "تكنوقراط " لا يتعاطى الشأن العام وسياسة الاحزاب.
من هي مدّاح؟
انها طبيبة متخصصة في "امراض السكري والغدد الصماء"، وهي عقيلة وزير الشؤون الاجتماعية السابق صالح الغريب المحسوب على تيار طلال ارسلان، ولهما ثلاثة اولاد. وتفيد معلومات kataeb.org عن وجود تفاوت بالكفاءات من ناحية تراكم الخبرات ولا سيما الخبرة الادارية التي هي من اهمّ مقوّمات الكفاءة.
دهاليز الحسابات الداخلية
يوم انتهى لقاء عين التينة، غرّد رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني النائب طلال ارسلان عبر "تويتر" قائلاً: "لقاء عين التينة تطرق الى المواضيع الخلافية السياسية والأمنية كافة في الجبل، والعمل على حلّها ضمن القانون والأعراف المتعارف عليها".
فعلاً لقد صبّ لقاء عين التينة ضمن حل الخلافات الامنية، ولكن كيف؟
هل تذكرون حادثة قبرشمون التي نتج عنها سقوط الضحيتين رامي أكرم سلمان و سامر نديم أبي فراج وجرح آخرين بعد اشتباك مسلح بين الغريب ومناصرين للحزب الاشتراكي على وقع تنقلات موكب وزير الخارجية آنذاك جبران باسيل؟ انها تلك الحادثة التي لا تزال مطبوعة بالاذهان منذ وقوعها في تموز 2019.
لاسيما انها فرملت عمل الحكومة وأدّت الى غياب جلسات مجلسها لمدة ليست بقليلة.
هذه الحادثة التي كادت ان تضرب عرض الحائط مصالحة الجبل ومساعي مثلث الرحمة البطريرك صفير، والتي اعادت ملامح الطائفية البغيضة الى بلداته و قراه، حلّت طبقا رئيسا على مائدة عين التينة لطيها من باب الصفقات و المحاصصات، لا من باب البحث عن الاسباب و حلولها
ففي الشكل يظهر غياب الطرف الاساس المسبب للحادثة "التيار الوطني الحر" بشخص رئيسه النائب جبران باسيل ليؤكد على ان اللقاء لا يتعدى اللملمة بهدف تمرير المصالح.
اما في المضمون، فالاسماء و الصفقات تتضح معالمها، و للوزير الغريب مكافأة من عيار "مدير عام" اذ انه و في هذه المرة لم توكل الى زوجة وزير مهمة انشاء المهرجانات و تنظيمها، بل ادخلت الى صلب الادارة العامة.
أخطر من الصفقة
تلتفت الانظار الى التعيينات الادارية هذا الاسبوع، وهذه المرة تسجل الحكومة نوعاً جديداً من الممارسات "اللاأخلاقية": انها ليست تسوية، انها ليست محاصصة، انها كل ذلك بالاضافة الى صفقة، صفقة بنيت وشيّدت على حساب دماء ضحايا قبرشمون والشويفات.
انها صفقة من صفقات دهاليز الحسابات الداخلية، ولكن قوامها اليوم هو "تصفية قلوب" و"تسكير ملفات" وسط مخاوف حقيقية من ان ينفجر الوضع في الجبل. باختصار، ان هذه الحكومة لا تريد ان تعيد لجبل لبنان نقاءه الا على حساب من بذلوا الدماء ... ان الواقع اخطر من واقع اخلاقي... انه من انجازات السلطة!