رؤية أورتاغوس لإنهاء التصعيد وترسيم الحدود اللبنانية قريباً

تتعاكس مقاربة حزب الله لملف السلاح والوضع في الجنوب، مع المقاربة الخارجية المطروحة. بوضوح، يطرح حزب الله أولوياته التي يعتبر أنها في سياق الاتفاق والوعود الدولية والأميركية. ولذلك يكرر مسؤولو الحزب التأكيد على أن ما جرى الاتفاق عليه في تفاهم وقف إطلاق النار، هو الانسحاب الإسرائيلي بشكل كامل من الأراضي اللبنانية، يلي ذلك وقف الاعتداءات وتحليق الطائرات المسيّرة والحربية، ثم تأتي عملية إطلاق سراح الأسرى اللبنانيين، بالإضافة إلى إطلاق مسار واضح لإعادة الإعمار، ومن ثم يدخل الحزب في تفاوض مباشر مع الدولة اللبنانية على معالجة موضوع السلاح، من ضمن استراتيجية دفاعية أو استراتيجية أمن وطني. 

سحب السلاح تمهيداً لإعادة الإعمار
في المقابل، فإن المقاربة الخارجية للملف تتناقض مع مقاربة الحزب، في ظل زيادة الضغط الخارجي على لبنان للإسراع في عملية سحب الأسلحة، ووضع جدول زمني واضح لذلك، من جنوب الليطاني ومن شمال نهر الليطاني وصولاً إلى البقاع حتى. وبعدها يُطلق مسار تثبيت ترسيم الحدود البرية، وإنهاء ملف ترسيم الحدود البحرية. وفيما بعد، يبدأ البحث في ملف إعادة الإعمار. إلى جانب هذا الجو الدولي، تفيد مصادر متابعة بأن الضغط الخارجي سيزداد على قاعدة أن إسرائيل لن توافق على بقاء أي قدرة عسكرية لدى حزب الله، ولا السماح بإعادة بناء قواته وقدراته. والغارات التي شنتها الطائرات الحربية الإسرائيلية قبل أيام في منطقة إقليم التفاح ومحيطها، هي دليل على الاستعداد الإسرائيلي للتصعيد أكثر في المرحلة المقبلة. 
ما بين هاتين المقاربتين، لا تزال الموفدة الأميركية إلى لبنان، مورغان أورتاغوس، تعمل على صياغة تصور لحلّ شامل. وهذا الحل يقوم على تقديم صيغة مرضية للطرفين، تتضمن وقفاً للضربات الإسرائيلية مقابل استكمال الجيش اللبناني الانتشار في الجنوب وتفكيك كل البنية العسكرية لحزب الله. ومع تفكيك هذه البنية، يبدأ الجيش الإسرائيلي بالانسحاب من الأراضي التي لا يزال يحتلها، ويتم إطلاق سراح الأسرى ومن ثم الوصول إلى اتفاقات أمنية أو ترتيبات عسكرية من قبل لجنة الإشراف على تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار، على أن تكون هذه الاتفاقات ضامنة لعدم حصول أي تطورات عسكرية في تلك المنطقة. وفيما بعد يتم التفاوض على تثبيت ترسيم الحدود وإطلاق مسار إعادة الإعمار. 

صيغة أورتاغوس للنقاش في إسرائيل
يفترض أن تنتهي أورتاغوس قريباً من هذه الصيغة التي تعمل عليها، على أن تبحثها مع المسؤولين الإسرائيليين في المرحلة المقبلة، في محاولة للحصول على موافقتهم بشأنها، وبعدها تزور لبنان لمناقشة هذا الاقتراح مع المسؤولين اللبنانيين. وفي حال نجحت أورتاغوس في الحصول على موافقة الطرفين، ستكون قد حققت إنجازاً يُسجل باسمها على طريق سحب فتيل أي تصعيد مستقبلي على الجبهة الجنوبية للبنان، خصوصاً أن التهديدات الإسرائيلية تتوالى بشأن إمكانية تصعيد وتيرة العمليات ضد حزب الله ومواقعه في حال عدم الوصول إلى حلّ.
من آليات الضغط على لبنان أيضاً، التلويح الأميركي بعدم توفير الميزانية اللازمة بشكل كامل لقوات الطوارئ الدولية، اليونيفيل، خصوصاً أن هناك ضغوطاً إسرائيلية تستند على أن هذه القوات لم تقم بما يتوجب عليها طوال السنوات الماضية لمنع حزب الله من بناء قدراته العسكرية. هذا الضغط والذي يتضمن إشارات ورسائل بعدم التمديد لليونيفيل يهدف إلى توسيع صلاحيات ونطاق عمل هذه القوات، أو الوصول إلى تقليص عددها إلى حد كبير، في مقابل توسيع صلاحيات عمل لجنة الإشراف على اتفاق وقف إطلاق النار، وسط مساع لتطوير عمل هذه اللجنة التي ستكون معنية بوضع الترتيبات الأمنية في الجنوب.