المصدر: وكالة الأنباء المركزية
الاثنين 2 آب 2021 17:55:46
لم يعد خافيا أن جريمة مرفأ بيروت ومسار التحقيق فيها فتح أكثر من باب على الفتاوى والقراءات الدستورية بدءاً من صلاحية القضاء المختص بمحاكمة الرؤساء والنواب وبرفع الحصانات وصولا إلى المرجعية التي يفترض أن تحقق مع المسؤولين الأمنيين. وبعدما نفى المحقق العدلي في جريمة مرفأ بيروت ما ورد اليوم في بعض وسائل الإعلام والمواقع الإلكترونية عن خبر زيارته القصر الجمهوري والإستماع إلى مدير عام أمن الدولة اللواء طوني صليبا، بدأ الحديث عن قرار رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب إلحاق اللواء صليبا بالمجلس الأعلى للدفاع بحيث اعتبره البعض هفوة أو سقطة ولن يكون لها من مفاعيل سياسية وعدلية لأنه يتبع له مباشرة ومن غير الجائز إلحاقه بهيئة استشارية لا هيكلية إدارية لها ولا يحق لها اتخاذ القرارات ويبقى دورها في إطار رفع التوصيات إلى مجلس الوزراء الذي يعود له اتخاذ القرارات بما يراه مناسباً.
الخبير الدستوري سعيد مالك قال لـ"المركزية": "بعيدا من المواقف السياسية التي يتحفنا بها السياسيون ثمة نصوص دستورية. وبالعودة إلى الأحكام القانونية المرعية الإجراء وتحديدا قانون الدفاع الوطني الصادر وفق المرسوم 112 /83 يتبين جليا أنه عملا بأحكام المادة 7 التي تنص على انشاء المجلس الاعلى للدفاع جاء في الفقرة 5 من المادة 7 ما حرفيته: تُنشا لدى المجلس الأعلى للدفاع مديرية عامة تُعرف بالمديرية العامة لأمن الدولة. ونصت المادة 10 من نفس القانون على ان من يقوم بعمل الأمانة العامة هو رئيس الحكومة. وبعيدا من موقعه وممارسة صلاحياته وفقا للمادة 64 الواردة في الدستور، يشغل رئيس الحكومة ايضا منصب امين عام المجلس الاعلى للدفاع. وإذا كانت هناك أي مطالبة أو مراسلة تخص اللواء طوني صليبا فهي توجه إلى الأمانة العامة بواسطة رئيس الحكومة. ولكن لا يمكن إلحاق اللواء صليبا برئاسة الحكومة لأن الموضوع يختلف. فشخصه في منصب رئيس الحكومة أمر، وكأمين عام لمجلس الدفاع الأعلى أمر آخر".
ويؤكد مالك "أن هذه المهام تقع أيضا ضمن إطار تصريف الأعمال، وله حق الفصل والبت بموضوع الإذن". وأضاف: "بغض النظر عن التهديدات الإعلامية التي نسمعها ونقرؤها ومنها ما ورد اليوم حول زيارة المحقق العدلي طارق بيطار القصر الجمهوري والإجتماع باللواء أنطوان صليبا في مكتب الوزير السابق سليم جريصاتي، لا بد من الإشارة إلى أن اللواء صليبا لا يرضى بمخالفة القانون والذي ينص صراحة على أن الإستماع اليه واستجوابه بصفة مدّعى عليه لا يحصل أولاً إلا بإذن من المجلس الأعلى للدفاع. وهذا الأخير لم يبت بعد بالإذن بانتظار إشارة من هيئة الإستشارات في وزارة العدل، للبت بموضوع الصوت الذي يحتسب للوزيرة زينة عكر، هل يكون صوتا أو صوتين كونها تشغل منصب وزيرة الدفاع ووزيرة الخارجية. كما أن المجلس الأعلى للدفاع لم يتطرق بعد إلى موضوع إعطاء الإذن بخصوص اللواء صليبا".
وردا على سؤال حول الكلام عن أن إلحاق اللواء صليبا بالمجلس الأعلى يطرح مصير الادعاء عليه، وأن يكون القاضي بيطار قد أعطي الضوء الأخضر لملاحقته؟ أجاب مالك: "طبيعي، فمديرية أمن الدولة وعملا بأحكام قانون الدفاع الوطني تابعة للمجلس الأعلى للدفاع ومن يقرر إعطاء الإذن أو حجبه عن اللواء صليبا هو المجلس الأعلى للدفاع ويصوت على هذا القرار بالأكثرية العادية" .
بين معركتي رفع الحصانات القانونية والدستورية ونزع السلاح غير الشرعي ثمة من يرى في المعركة الثانية أولوية. وفي هذا الإطار يقول مالك: "أعتقد أن معركة السلاح غير الشرعي هي مطلب ثابت وحق ويجب الإستمرار بالمطالبة به ولو كان بعيد المنال. لكننا اليوم في خضم جريمة العصر وهي جريمة المرفأ وعلينا الذهاب نحو تسهيل عمل القضاء ورفع الحصانات وإعطاء الأذونات حتى يتمكن القضاء اللبناني من الإستمرار في عمله في كشف الحقيقة في تحقيق العدالة. اما موضوع نزع سلاح حزب الله فهذا مطلب سيادي ولكن يبقى في انتظار التطورات االإقليمية".
وفي مسألة إبداء رئيس الجمهورية ميشال عون استعداده للمثول أمام المحقق العدلي أوضح: "ليست المرة الاولى التي يضع فيها رئيس الدولة نفسه بتصرف التحقيق. فالرئيس الأسبق إميل لحود وضع نفسه في خدمة التحقيق في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري وإن كان تحقيقا دوليا. اليوم يمكن أن يصار إلى الإستماع إلى إفادة رئيس الجمهورية من قبل المحقق العدلي على سبيل المعلومات، وليس كمدعى عليه. ولرئيس الجمهورية أصول للتقاضي ومحكمة مختصة ويمكن له أن يضع نفسه في خدمة العدالة وان يطلب الاستماع له اذا وجد المحقق العدلي ان في ذلك إفادة لمسار التحقيق".
هل تكون نهاية المسار الوصول إلى الحقيقة في جريمة تفجير المرفأ؟ "نأمل ذلك والرهان على تسهيل عمل المحقق العدلي وإلا نكون مضطرين لإعادة المطالبة بالتحقيق الدولي" يختم مالك.