المصدر: الانباء الكويتية
الكاتب: داود رمال
الجمعة 31 أيار 2024 00:20:14
عندما تتحرك الديبلوماسية الفاتيكانية بتوجيه مباشر من الكرسي البابوي، دائما تكون حركة صامتة، وهذا لا يعني ان الامر الذي يدور بشأنه النقاش ليس بالخطير او العاجل، انما هو اسلوب معتمد ومكرس من قبل كل البابوات الذين تعاقبوا على كرسي الفاتيكان.
وفي هذا الاطار ينتقي السفير البابوي في لبنان المونسنيور باولو بورجيا حركته ولقاءاته، والتي يخرج القليل منها عبر الاعلام، وغالبا ما يزار ولا يزور الا المرجعيات الرسمية.
ما يكرره المسؤولون الفاتيكانيون على مسامع زوارهم، او ما تسمعه قيادات لبنانية من عميد السلك الديبلوماسي السفير البابوي، هو «خوف حقيقي على صيغة لبنان الرسالة والتعايش، والاستهجان من السلوك اللبناني، لاسيما ممن هم في مواقع القيادة الرسمية وغير الرسمية، الذين لا يتصرفون وفق المخاطر الكبيرة جدا التي تتهدد لبنان، في ظل التحولات العالمية ومعها الاقليمية، بحيث ينتقل العالم من نمط حكم وسلوك سياسي واقتصادي واجتماعي، إلى نمط شديد الحساسية ولا ينتظر احدا لكي يلحق بركبه او يحجز مكانا في قطاره الفائق السرعة».
هذه المخاوف سمعها مسؤول لبناني رفيع من رئيس دولة كبرى التقاه مؤخرا، اذ بادره الاخير إلى القول «عليكم ان تقتنعوا ان الحلول في لبنان لن تكون الا سياسية وتوافقية وبصيغة «رابح - رابح» اي لا غالب ولا مغلوب، ومن يظن انه منتصر او غالب سيكتشف انه الخاسر الأكبر».
ويضيف المسؤول نقلا عن رئيس الدولة «ان القرار الدولي 1701 جاء بعد حرب شرسة ومدمرة وخسائر بشرية ومادية فادحة، ومفاوضات مضنية، وهذا القرار عبر الالتزام الكامل ببنوده وحده يضمن الاستقرار والهدوء على جانبي الحدود الجنوبية، ويؤسس لحل نهائي ينهي نقاط الخلاف على طول الحدود البرية. ومن يعتقد في لبنان او في إسرائيل ان إسقاط هذا القرار او تجاوزه هو مكسب له، نقول له انه سيؤدي إلى الفوضى الشاملة الخارجة عن السيطرة. لذا لابد من حضور قوي وفاعل لكل مؤسسات الدولة اللبنانية في منطقة عمل قوات اليونيفيل وتحديدا المؤسسات العسكرية والامنية».
ويشير إلى ان «القوى السياسية في لبنان ترتكب الخطيئة الكبرى عندما تستسهل عدم انجاز الاستحقاقات الدستورية».
ويسأل: «هل تعلمون ان أهم استحقاق دستوري عندنا هو الانتخابات المحلية والتي تسمونها الانتخابات البلدية والاختيارية، لأننا نتعامل معها على انه الميزان والبوصلة لتوجهات الشعب ولما يريده من خلال خياراته، الا انكم تصرون على عدم اجرائها وهذا هو السقوط الكبير للطبقة السياسية».
ويحذر من ان «هناك عقلية تترسخ في لبنان، وهي عقلية قتالة، تقوم على التأبيد في الحكم، اذ لم نجد احدا يتنحى بملء ارادته لتسهيل عملية تداول السلطة، فهذا الامر متعذر عندكم ولا يحصل الا بتدخل من السماء. البعض عندكم يبقون في السلطة (عدا رئيس الجمهورية).. وهذا علامة موت للأوطان والمجتمعات، ولابد من دم جديد يضخ في الجسم المؤسساتي اللبناني، قبل ان يقع الهيكل على رؤوس الجميع».