ردم البحر دون دراسة للأثر البيئي: 100 ألف متر مربع موزّعة بين عكار والكورة وصور

منذ أن انتهت الحرب بدأ الحديث يزداد عن إمكانية ردم البحر من جديد بالركام الناجم عن مئات وربما آلاف الغارات التي شنّتها إسرائيل على لبنان. وكان متوقعاً أن تلجأ الحكومة الى هذا الحل مبررة ذلك بأنه الأقل تكلفة والأسرع للتخلص من ردم الحرب، لكن ما كان مفاجئاً تمرير مجلس الوزراء في آخر جلسات ثلاثة مشاريع لردم الأملاك العامة البحرية، يبلغ إجمالي مساحتها حوالي 100 ألف متر مربع في كل من بحنين (قضاء عكار) وراسمسقا (قضاء الكورة) والقليلة (قضاء صور) بموافقة من وزير البيئة ناصر ياسين دون أي دراسة للأثر البيئي لهذه المشاريع، ما يشكل مخالفة جسيمة لقانون حماية البيئة الصادر سنة 2002 وتعديلاته ومراسيمه التطبيقية دون ذكر أنها ستردم بمخلفات الحرب خصوصاً أن موقع مشروعين منها بعيد نسبياً عن الأماكن التي تعرّضت للقصف. فما الغاية من ردم البحر؟ وما آثار هذه المشاريع على البيئة؟

يجيب الناشط البيئي رئيس جمعية الأرض-لبنان بول أبي راشد "الواضح أن الهدف من هذه المشاريع تجاري مافياوي بحت، ولا علاقة له بعملية إعادة الإعمار إذ لم تذكر مراسيم الحكومة هذا الأمر". ويضيف "هذه "تمريقة" بكل ما للكلمة من معنى، ولم يتحدث عنها أحد من الوزراء، والدليل على ذلك أن ثمة مرسوماً من هذه المراسيم صدر في 7 كانون الثاني، أي قبل انتخاب رئيس الجمهورية بـ48 ساعة".

وعن مضارّ هذه المشاريع يقول أبي راشد "البحر هو شبيه للغابة وفيه حياة وكائنات بحرية، حتى إن بعض الدراسات خلصت إلى أن النسبة الأكبر من الأوكسيجين في الكوكب ناجمة عن النباتات البحرية، وإن لم نحمِ البحر فستتوقف السياحة وتنخفض نسبة الأسماك وتتأثر الحياة البيولوجية فيه".

وبحسب أبي راشد "رئيس الحكومة وكل الوزراء مسؤولون عن هذه المراسيم، لكن نحن كبيئيين نلوم وزير البيئة ناصر ياسين الذي وافق على هذه المشاريع وعلى مشاريع أخرى كانت لها تبعات على البيئة على الرغم من أنه صوّر نفسه عندما أتى إلى الوزارة أنه قريب من المجتمع المدني وجمعياته لكنه خيّب ظننا في ما بعد، إذ لم يكن حريصاً على قانون البيئة والاتفاقيات البيئية الموقع عليها لبنان".

أما رئيس جمعية "الجنوبيون الخضر" هشام يونس فيلفت إلى أن العقارين المحددين في القليلة بقرار الحكومة محاذيان لموقعين بيئيين وهما الحمى الطبيعية في القليلة وفي بلدة المنصوري، وكلاهما موقع بيئي هام ويعد موقعاً لتعشيش السلاحف البحرية المهدّدة بخطر الانقراض"، مضيفاً "القرار ليس واضحاً وفيه مخالفة صريحة لكل القوانين ذات الصلة المرعيّة الإجراء ولا سيما قانون البيئة رقم 444 الذي يلزم بإجراء تقييم للأثر البيئي وإبداء رأي وزارة البيئة قبل الموافقة والذي يتضمّن أيضاً عرض المشروع على أصحاب المصالح من أهالي البلدة أو المحيط فضلاً عن إعداد دراسة معمّقة عن أثر المشروع على النظام البيئي البحري الذي يطال مباشرة استدامة المجتمعات الساحلية وحرفها".

يبقى التعويل على أن تشكل حكومة جديدة يكون ضمن أولوياتها الملف البيئي، خصوصاً أن رئيس الجمهورية تعهّد في خطاب قسمه بالحفاظ على البيئة، بعدما أهملت الحكومات السابقة هذا الملف متذرعة بأن البلاد غارقة في أزمات أمنية واقتصادية ومالية يجب معالجتها قبل أي شيء آخر.