رسالة الضمانات الأميركية... تكريس للتصعيد أم محاولة لاحتواء الصراع؟

تُثير رسالة الضمانات الأميركية التي تؤيد «حق إسرائيل بالعمل في الأراضي اللبنانية» جدلاً سياسياً واسعاً وتحليلات متباينة حول تداعياتها على الوضع الإقليمي، في ظل الجهود المتواصلة للتوصل إلى تهدئة بين الأطراف المتنازعة.

الإعلان عن هذه الضمانات يضع علامات استفهام حول التوازن بين مطالب إسرائيل الأمنية والرفض اللبناني لأي انتهاك لسيادته.
دلالات الضمانات الأميركية

تشكل الرسالة، وفق القناة العبرية 13، امتداداً للسياسة الأميركية التقليدية بدعم إسرائيل، لكنها تتخذ بُعداً أكثر حساسية في ظل الوضع المتوتر على الحدود الشمالية.

وتتعهد الرسالة بضمان أمن إسرائيل وحقها في اتخاذ إجراءات عسكرية داخل لبنان إذا لزم الأمر، وهو ما يعكس تغيراً في الموقف الأميركي تجاه حرية الحركة العسكرية الإسرائيلية.

هذا الموقف يُقرأ كضوء أخضر لإسرائيل لتصعيد عملياتها العسكرية في حال شعورها بوجود «تهديدات فورية»، ما يشير إلى إمكانية استخدام هذه الضمانات كأداة ضغط سياسي وعسكري على لبنان وحلفائه، خصوصاً «حزب الله».

الموقف اللبناني: بين الرفض والحذر

على الجانب اللبناني، يعكس التشاؤم الذي أبدته المصادر الرسمية شعوراً بالخطر من تداعيات هذه الضمانات. لبنان، الذي يعاني من أزمات اقتصادية وسياسية حادة، يجد نفسه أمام تحدٍّ جديد يتمثل في محاولة إسرائيل فرض معادلات أمنية على حساب سيادته.

ويظهر أن الموقف اللبناني يتمحور حول رفض أي صيغة تمنح إسرائيل حرية العمل العسكري، سواء من خلال اللجان الأمنية الدولية المقترحة أو عبر التفسيرات الموسعة لقرار مجلس الأمن 1701.

«حزب الله»، بوصفه اللاعب العسكري الأبرز في الجنوب اللبناني، يدرك أن هذه التطورات قد تستدعي إعادة النظر في إستراتيجيته الدفاعية والسياسية.

الموقف الإسرائيلي: إستراتيجية جديدة

في إسرائيل، يُعتبر الإصرار على حرية العمل العسكري جزءاً من تغيير أوسع في العقيدة الأمنية. تصريحات وزير المالية بتسلئيل سموتريتش تعكس تحولاً في التفكير الإسرائيلي تجاه لبنان وقطاع غزة، من سياسة الردع التقليدية إلى إستراتيجية «الهجوم الاستباقي».

هذا التحول، إذا ما طُبّق، سيؤدي إلى تصعيد التوترات ويُبقي المنطقة على حافة الانفجار.

المسار الأميركي: بين الوساطة والمصالح

يبدو أن الولايات المتحدة تحاول موازنة دورها كوسيط مع مصالحها الإستراتيجية في دعم إسرائيل.

مبعوثها عاموس هوكشتاين يعمل على إيجاد صيغة توافقية تُرضي الطرفين، لكن نجاح هذا المسعى يعتمد على قدرة واشنطن على إقناع إسرائيل بتقديم تنازلات محدودة، وعلى استعداد لبنان لقبول حلول وسط تحفظ ماء الوجه.

- سيناريوهات محتملة

1 - نجاح الوساطة

إذا تمكنت الجهود الأميركية من تقريب وجهات النظر، فقد تشهد المنطقة تهدئة موقتة تتيح للطرفين إعادة ترتيب أوراقهما، مع استمرار حالة التوتر.

2 - فشل الاتفاق

انهيار المفاوضات قد يؤدي إلى تصعيد عسكري كبير، خصوصاً مع تزايد الضغوط الداخلية على القيادة الإسرائيلية لتطبيق سياسات أكثر صرامة، ومع تصميم «حزب الله» على حماية المعادلة القائمة.

3 - تسوية رمادية

التوصل إلى اتفاق غامض قد يسمح للطرفين بادعاء تحقيق مكاسب من دون حل جذري للخلافات، ما يترك الباب مفتوحاً لاندلاع مواجهات في المستقبل.

- نحو معادلة جديدة؟

تُمثّل رسالة الضمانات الأميركية اختباراً حقيقياً للمعادلات القائمة في جنوب لبنان.

بين تطلعات إسرائيل لتوسيع نفوذها الأمني، ورفض لبنان لأي مساس بسيادته، تلعب الولايات المتحدة دوراً حساساً قد يحسم مآلات هذا الصراع المستمر.

التصعيد أو التهدئة، كلاهما خيار مطروح، لكن السؤال الأكبر هو: هل سيتجه الطرفان نحو تغيير قواعد اللعبة أم تثبيتها بوجوه جديدة؟