رعاية رئيس مجلس القضاء الأعلى لم تذلل التباينات بين الحجار والبيطار في تحقيقات انفجار المرفأ

 عشية الذكرى الرابعة لانفجار مرفأ بيروت في الرابع من آب المقبل، تراجعت الآمال إلى أقصى الحدود باستئناف التحقيق العدلي في القضية، جراء عجز النائب العام التمييزي القاضي جمال الحجار والمحقق العدلي القاضي طارق البيطار عن تفكيك العقد القانونية التي تفرمل التحقيق منذ أكثر من عامين ونصف العام، ما ينذر بعودة التصعيد من قبل الأهالي الذين يلوحون بالعودة إلى الشارع قريبا جدا.

 

ولم تفلح اللقاءات الأربعة التي جمعت الحجار والبيطار بإحداث أي خرق حقيقي يؤدي إلى استئناف التحقيقات المجمدة منذ 24 ديسمبر/كانون الاول 2021، جراء عشرات دعاوى الرد والمخاصمة التي أقامها سياسيون مدعى عليهم ضد البيطار.

 

وأفادت مصادر قضائية مطلعة بأن «الاجتماع الذي عقد نهاية الأسبوع الماضي بين الرجلين وبحضور رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود «بدد كل الإيجابيات التي بنيت في الأشهر الماضية».

 

وأكدت المصادر لـ«الأنباء» الكويتية أن اللقاء «انفض على أجواء قاتمة لأن الحلول التي قدمها الحجار رفضها البيطار، كما أن المخارج التي طرحها المحقق العدلي لم تلق قبولا لدى النائب العام التمييزي، لأنها تعقد الأمور أكثر من السابق ولا تعبد الطريق أمام استئناف التحقيق».

 

رعاية القاضي عبود الذي يمثل رأس هرم السلطة القضائية للاجتماع الأخير، لم تساهم في تقريب وجهات النظر ولا في طرح أفكار مشتركة. وتشير المصادر إلى أن الحجار اقترح على البيطار «تجزئة ملف انفجار المرفأ، وإحالة الشق المتعلق بالادعاء على رئيس الحكومة السابق حسان دياب والنواب والوزراء على المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء (في المجلس النيابي)، وإحالة الشق المتعلق بالقضاة المدعى عليهم على محكمة خاصة وملاحقتهم وفق إجراءات قانونية محددة، ومن ثم المضي بالتحقيق العدلي بما يخص بقية المدعى عليهم من موظفين ومدنيين».

 

هذا الطرح لم يلق قبولا لدى المحقق العدلي، الذي بدأ يدرس جديا اتخاذ خطوات تؤدي إلى استئناف التحقيق أيا كانت النتائج والتداعيات.

وتؤكد المصادر المواكبة لأجواء اللقاء الأخير والعاصف أن البيطار «رفض في شكل قاطع اقتراح الحجار، باعتبار أن هذا الملف جزء لا يتجزأ، وأن قرار مجلس الوزراء الذي أحال القضية الى المجلس العدلي أسقط ضمنا الحصانة عن أي شخصية تحوم حولها الشبهات سواء كان رئيسا أو وزيرا أو نائبا أو مسؤولا أمنيا، وإن الاجتهاد الذي وضعه (البيطار) في يناير 2023 لا يزال ساري المفعول ولا لزوم لرفع الحصانات عنهم، كما أن دعاوى الرد والمخاصمة المقامة ضده لا قيمة لها، لأن المحقق العدلي لا يمكن رده أو مخاصمته».

 

أمام انسداد الأفق على حل وسط يؤدي إلى إخراج الملف من التعقيدات القانونية والألغام السياسية، ترى مصادر مقربة من النائب العام التمييزي أن رفض البيطار لمقترحاته لا يحمله مسؤولية الاستمرار في تجميد التحقيق.

وتؤكد المصادر لـ«الأنباء» أن الحجار «لن يقبل اتهامات من أي طرف بتعطيل التحقيق، وأنه ملتزم بما وعد به لجهة «تتويج مسيرته القضائية باستكمال التحقيق والوصول إلى الحقيقة، لكن ليس وحده من يقرر ذلك»، مشيرة إلى أن النائب العام التمييزي «قد يجد نفسه مضطرا إلى التنحي عن هذا الملف ليقطع الطريق على تحميله مسؤولية التعطيل، ولديه الكثير من الأسباب القانونية والموضوعية لذلك».

 

وتشدد المصادر على أنه «ليس من عادة الحجار أن يهرب من المسؤولية، لكن على الآخرين أن يتعاونوا معه لا أن يتركوا له اجتراح الحلول في قضية معقدة للغاية».

 

لن يدع المحقق العدلي الذكرى الرابعة للانفجار تمر وهو مكتوف اليدين. وأفادت معلومات متداولة في أروقة قصر العدل في بيروت بأن البيطار «بدأ يتردد إلى مكتبه مرة أو مرتين في الأسبوع، ويعكف على تنظيم مستنداته استعدادا لاتخاذ إجراءات تتيح له استئناف التحقيق».

 

ولا تستبعد المعلومات أن «يلجأ المحقق العدلي إلى تحديد مواعيد جلسات سيخصصها لاستجواب المدعى عليهم من السياسيين والأمنيين الذي لم يمثلوا أمامه. وفي حال امتناعهم مجددا سيتخذ القرارات المناسبة»، مشيرا إلى أن هذه الخطوة «ستمهد لمرحلة ختم التحقيق وإحالة الملف على النيابة العامة التمييزية لإبداء مطالعتها بالأساس، تمهيدا لإصدار القرار الاتهامي وتحويل القضية برمتها الى المجلس العدلي».