المصدر: وكالة الأنباء المركزية
الكاتب: طوني جبران
الاثنين 1 نيسان 2024 12:24:36
اختصرت وزارة الدفاع الاميركية في تقييم لمجريات الحرب في لبنان والمنطقة في معلومات عممتها على المراسلين لديها أول من أمس الجمعة ما حمله الموفدون الاميركيون الى لبنان والمنطقة. وقالت ان بلادها “تسعى لحل دبلوماسي لتجنيب جنوب لبنان أي صراع طويل". و"إن واشنطن لا تريد صراعا إقليميا". ولكن ما "يقوم به الحوثيون يؤثر على القدرات الاقتصادية لدول المنطقة". ولا تقتصر نتائج عملياتهم على امن اسرائيل وحدها، ذلك ان "عنف الحوثيين المتهور في البحر الأحمر يؤثر على أمن المنطقة". وختمت: "نحن مع دولة فلسطينية قابلة للحياة جنباً إلى جنب مع إسرائيل".
وفي معاينتها لهذه "العبارات - المفتاحية" الدقيقة التي تناولت الحرب في غزة وتردداتها من جوانبها المختلفة من غزة الى لبنان والبحر الاحمر، قالت مصادر ديبلوماسية مطلعة لـ المركزية" انها شكلت مقاربة شاملة للموقف الاميركي مما يجري على هذه الساحات. وهي في شكلها ومضمونها ملخصا لما نقله الموفدون الغربيون والعرب والأمميون وخصوصا الأميركيين منهم الى المسؤولين في دول عدة، واللبنانيين منهم بنوع خاص منذ الأيام الأولى لاعلان الحرب. وهي مواقف بقيت تتردد الى أن عاد الموفد الرئاسي الاميركي اموس هوكشتاين للقيام بجولاته المكوكية بين بيروت وعواصم المنطقة، وصولا الى مختلف الوفود الاميركية سواء من أعضاء الكونغرس او كبار موظفي وزارة الخارجية، وكان آخرهم نائب مساعد وزير الخارجية الاميركية إيثان غولدريتش الذي أمضى أياما عدة في بيروت التقى خلالها عددا من كبار المسؤولين في محادثات اجرى خلالها جولة افق معمقة مع وزير الخارجية عبد الله بو حبيب، في حضور السفيرة الاميركية في بيروت ليزا جونسن في اطار ما سماه "استقصاء المواقف من مجمل التطورات على الساحة اللبنانية وفي المنطقة وشرح المواقف الاميركية من كل ما يجري".
وأضافت المصادر عينها أن الديبلوماسي الاميركي سأل عما جنته حرب "الإلهاء" و"الإسناد" التي خاضها "حزب الله" دعما لما يسميه "المقاومة الفلسطينية" في غزة سوى أنها أدخلت لبنان في آتون حرب ولم تقدم ولم تؤخر في ما يجري في غزة". ولما لم ينتظر جوابا يعرفه سلفا اكد ان بلاده "رغبت بحصر ما يجري في لبنان منذ اللحظة الاولى وبأسرع وقت ممكن وعدم الربط بين ما يجري في غزة وباقي مناطق التوتر التي توسعت لأهداف مختلفة لا تعني ما جرى في السابع من تشرين الأول الماضي".
وان عاد الموفد الاميركي الى مطالب "حماس" عند إعلان عملية "طوفان الأقصى"، قال ان الحركة لم تتحدث عن اي ملف سوى القضايا التي تعني الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية وما في السجون الاسرائيلية من موقوفين. وإن اي محاولة لاستغلال ما حصل للتوسع في قطاف اي من أرباحه على ساحته - ان كان هناك ما يسمى بانتصار - لن يكون له أي تأثير، ولا يجب ان يكون هناك اي أمر خارج العلاقات الواجب قيامها على مستوى العلاقات الاسرائيلية – الفلسطينية" المتدهورة منذ عقود من الزمن وتعدد المواجهات العسكرية. ولفت الى ان اي عملية تؤدي الى "الافراج عن الرهائن والاسرى في غزة" ستشكل بابا لفتح المسارات السياسية والديبلوماسية ومن بينها السعي الى قيام "دولة فلسطينية قابلة للحياة جنبا إلى جنب مع إسرائيل" وهو ما نسعى الى القيام به في ظل المصاعب والعقبات التي تواجهنا، ذلك ان رهاننا على تعاون العالم أجمع والحلفاء بشكل خاص له حساباته الدقيقة عند الحديث عن مستقبل القطاع وقضايا اخرى مختلفة تلخص بما يقال عن "اليوم التالي" للحرب.
وبناء على ما تقدم، فقد كرر الديبلوماسي الاميركي الحديث عن الضغوط الاميركية للجم اي مشروع لتوسيع الحرب وسط السعي الى محاصرة التفلت العسكري مخافة ان "يقع ما لا يمكن لجمه، فساعة بداية اي حرب يمكن توثيقها ولكن هل بقدرة أحد ضبط خواتيمها". وان "للبنان مصلحة في التوصل الى تفاهم ينهي الحرب ويعيد الاستقرار الى الجنوب ليعود عشرات الآلاف من النازحين اللبنانيين الى قراهم ووقف العمليات العسكرية. وكما في لبنان حيث انكم "لا تريدون الحرب" كذلك في اسرائيل فهم يتحدثون عن ضرورة التوصل الى حلول ديبلوماسية". ولذلك "نحن بحاجة الى ترجمة هذه الرغبات".
واستنادا الى ما تقدم، من طروحات ومعلومات تتصل بنوايا الاميركيين والاطراف الاخرى بمن فيهم المتورطون في الحرب، من المهم جدا فهم ما قصده الاميركيون من تراجعهم عن تسليم اسرائيل ما ارادته من الأسلحة والصواريخ والذخيرة ما زال يخضع للبحث والتمحيص وسط أكثر من قراءة سعيا الى التثبت من قصد الادارة الاميركية التي تراجعت أمام مطالب وزير الدفاع يوآف غالانت. فهل لأنه من فريق رئيس حكومة الحرب ام انه امر يتصل بخطته التي لا تتوافق وخطة رئيسها بنيامين نتانياهو في شق كبير منها وخصوصا بما يتصل بمستقبل القطاع.
ولذلك، توسعت المصادر الديبلوماسية لتقول ان علينا التثبت من قدرة غالانت على التماهي مع المعارضة الإسرائيلية متمثلة بيائير لابيد وغيره ممن يناهضون الخطط الحربية في رفح ويؤيدون التوجهات الاميركية بضمان تجنب المآسي الانسانية التي لم يعد بقدرة احد اخفاءها بعد القرار التمهيدي لمحكمة العدل الدولية. وكذلك بالنسبة الى تجنب وقوع مجازر اضافية تزيد من عبء الضغوط الدولية من الحلفاء والخصوم على الادارة الاميركية التي يحملونها مسؤولية دعمها ومساندتها لا بل مشاركتها في كل ما يتصل بالمجازر الجماعية التي حصدت حتى اليوم اكثر من 32 الف شهيد وقد تجاوز عدد الجرحى الـ 110 آلاف في ظل فقدان أثر حوالى 10 آلاف فلسطيني آخر.
ولمزيد من التمعن في هذه القراءة يكفي الاشارة الى ان ما كشفه غالانت مؤخرا عن خطة يطرحها على "حكومة الحرب" فور عودته الى بلاده لا تلتقي مع طروحات نتانياهو الذي يريد ان يبقى القطاع تحت سيطرته لعشر سنوات على الاقل ورفض اي دور للسلطة الفلسطينية التي تستعد بحكومتها الجديدة من التكنوقراط لمواجهة ترتيبات "اليوم التالي" للحرب مع تمايز في عدد السنوات التي سيدير فيها القطاع مدنيا وعسكريا . فغالانت يؤكد بـ "أن إسرائيل لن تحكم مدنيا قطاع غزة" وأن "سكان القطاع سيديرون أمورهم بأنفسهم" وان التقى مع نتانياهو على "أنّ "حماس" لن تعود لحكم قطاع غزة أبدا". فهو يؤكد على "تعزيز الحدود بين غزة ومصر بوسائل إلكترونية بدعم من واشنطن".و"أنّه "لن يكون هناك أي عودة للاستيطان في غزة". وأن "مصر ستكون بوابة القطاع، على أنّ تقوم إسرائيل بتفتيش كل البضائع الداخلة إلى غزة".
والى ان تتثبت المصادر من الفصل نهائيا بين مجموعة الخطط التي ما زالت موضوع صراع كبير بين نتنياهو والأميركيين ومعهما قوى اسرائيلية مختلفة من اركان "حكومة الحرب" والمعارضة وما بينهما من القوى الدولية التي ترفض اي توجه لاجتياح رفح وديمومة الاحتلال الاسرائيلي للقطاع سيكون من الصعب الحديث عن وقف نار ثابت سبق ان قال به قرار مجلس الأمن الى أن يتبين الخيط الابيض من الاسود"