المصدر: الحرة
الكاتب: وائل الغول
الاثنين 2 أيلول 2024 15:24:58
ما هي "العقيدة النووية الروسية؟، وماذا يعني تعديلها؟"، تساؤلات صاحبت إعلان موسكو نيتها إدخال تعديلات على تلك العقيدة في ظل الحرب بأوكرانيا، ونجاح القوات الأوكرانية في السيطرة على مناطق من الأراضي الروسية.
والأحد، نقلت وكالة تاس للأنباء عن نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي ريابكوف القول، إن روسيا ستدخل تعديلات على عقيدتها النووية ردا على تصرفات الغرب بشأن الصراع في أوكرانيا.
ولم يوضح ريابكوف ما الذي سيترتب على هذه التغييرات، لكن تصريحه يعد "الأكثر حسما" حتى الآن بشأن المضي قدما في "تغيير العقيدة النووية الروسية"، بحسب رويترز.
ما هي "العقيدة النووية الروسية"؟
هناك تسع دول فقط حول العالم تمتلك أسلحة نووية وهي "روسيا، الولايات المتحدة، فرنسا، الصين، بريطانيا، الهند، باكستان، وكوريا الشمالية"، فضلا عن إسرائيل التي "لم تؤكد ولم تنف أبدا" حيازتها السلاح النووي.
وتمتلك روسيا أكبر مخزون من الأسلحة النووية في العالم بما لديها من نحو 6000 رأس حربي.
وتنص العقيدة النووية الروسية الحالية، على استخدام روسيا أسلحة نووية "في حالة وقوع هجوم نووي من قبل عدو أو هجوم بأسلحة تقليدية يهدد وجود الدولة"، وفقا لمرسوم أصدره الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، عام 2020.
ويوضح الخبير الاستراتيجي الروسي، أندريه مورتازين، أن العقيدة النووية الروسية تنص على استخدام السلاح النووي في حالتين.
والحالة الأولى هي تعرض روسيا لـ"هجوم نووي"، ما يستدعي "الرد الجوابي"، والحالة الثانية تعرض كيان الدولة الروسية لـ"خطر وجودي"، وفق حديثه لموقع "الحرة".
ولا يوجد "تفسير محدد" لمعنى تعرض الدولة لـ"خطر وجودي"، ولا يتم تحديد ماهية تلك التهديدات الوجودية، حسبما يضيف الخبير الاستراتيجي الروسي.
ومن جانبه، يؤكد الخبير العسكري والاستراتيجي، العميد ركن أحمد رحال، أن هناك 4 أسباب قد تدفع روسيا لاستخدام السلاح النووي وفق العقيدة الروسية.
وتتعلق تلك الحالات بتهديد كيان الدولة حتى لو باستخدام "أسلحة تقليدية"، وإذا تم توجيه ضربات باستخدام "صواريخ باليستية"، أو التعرض لضربات نووية "مباشرة"، أو التعرض لمخاطر "السلاح الكيماوي والبيولوجي"، وفق حديثه لموقع "الحرة".
ما وراء "الإعلان الروسي"؟
أشار نائب وزير الخارجية الروسي إلى أن قرار تعديل العقيدة النووية الروسية "مرتبط بمسار التصعيد الذي ينتهجه خصومنا الغربيون"، فيما يتعلق بالصراع في أوكرانيا.
والشهر الماضي، باغتت أوكرانيا موسكو باختراق حدودها الغربية في توغل لآلاف القوات التي لا تزال روسيا تكافح لصدها.
ويربط مدير مركز خبراء "رياليست" الروسي، عمرو الديب، إعلان روسيا تغيير "مبادئ العقيدة النووية" بالتوغلات الأوكرانية في إقليم كورسك.
والتوغل الأوكراني في كورسك يعد من "المرات القليلة جدا التي تم فيها الاعتداء على أراضي روسيا ما بعد الحرب العالمية الثانية"، وفق حديثه لموقع "الحرة".
ويشير إلى أن التوغل الأوكراني دفع المسؤولين الروس لبحث "تغيير العقيدة النووية الروسية، بما يعطي الحق للسلطات في روسيا باستخدام السلاح النووي من أجل صد العدوان على الاتحاد الروسي، وردء الضرر عنها".
ويشدد على أن طول أمد الحرب ومد الغرب لأوكرانيا بأحدث الأسلحة، جعل كييف "تتجرأ وتحتل مناطق روسية في إقليم كورسك".
ويؤكد الديب أن استمرار العمليات العسكرية في أوكرانيا "يعمل على إضعاف الداخل الروسي".
وتغيير العقيدة مرتبط بـ"جرأة أوكرانيا وتوغلها بالأراضي الروسية"، ولذلك يجب أن يكون هناك "رد حاسم وغاشم" حتى لا يتحدث تحركات أوكرانية مماثلة يكون لها نتائج سلبية على الداخل الروسي، وفق مدير مركز خبراء "رياليست" الروسي.
لكن على جانب آخر، يتحدث الباحث في الشأن الروسي، نبيل رشوان، عن تكرار "تهديد المسؤولين الروسي لاستخدام السلاح النووي منذ الحرب في أوكرانيا".
وأصبح التلويح باستخدام الأسلحة النووية" أمر ممتهن ومتكرر"، وشروط استخدام روسيا السلاح النووي "غير موجودة في الوقت الحالي"، وفق حديثه لموقع "الحرة".
ويشدد رشوان على أن التوغل الأوكراني في كورسك "لا يهدد كيان أو وجود الدولة الروسية"، لكن التلويح بالنووي يكشف "حجم معاناة الجيش الروسي خلال الحرب بأوكرانيا".
وروسيا تجد صعوبة في طرد القوات الأوكرانية من كورسك، وهناك ما لا يقل عن 3 آلاف جندي روسي محاصرين هناك وبلا دعم "لوجيستي أو عسكري"، وفق الباحث بالشأن الروسي.
اتساع نطاق "الحرب في أوكرانيا"؟
تتهم موسكو الغرب باستغلال أوكرانيا لشن حرب عليها بالوكالة بهدف إنزال "هزيمة استراتيجية" بروسيا وتفكيكها.
وتنفي الولايات المتحدة وحلفاؤها ذلك، قائلين إنهم يساعدون أوكرانيا على الدفاع عن نفسها في مواجهة حرب عدوانية ذات أسلوب استعماري تشنها روسيا.
وكثفت الولايات المتحدة وحلفاءها الدعم العسكري لأوكرانيا بطرق لم يكن من الممكن تصورها عند بدء الحرب، بما في ذلك إرسال دبابات وصواريخ بعيدة المدى ومقاتلات من طراز إف-16.
ويشير الخبير العسكري والاستراتيجي، اللواء ركن أمين مجذوب، إلى "استنزاف روسيا تماما في الحرب بأوكرانيا".
والاقتصاد الروسي "تدهور"، وعسكريا فقد فاجأت أوكرانيا روسيا بـ"هجمات برية، ومن خلال المسيرات والطائرات الهجومية الحديثة من طراز إف-16"، ما جعل روسيا في "موقف دفاعي أكثر من كونه هجومي عند بداية الحرب"، وفق حديثه لموقع "الحرة".
ويعتقد مجذوب أن الإعلان الروسي محاولة لـ"إيقاف الاستنزاف الاقتصادي والعسكري"، وإبعاد شبح الهزيمة بعيدا عن روسيا، بعد مد الغرب لأوكرانيا بأحدث الأسلحة.
ويتفق معه العميد رحال، الذي يتحدث عن "معاناة الجيش الروسي في أوكرانيا"، لكنه يؤكد أن الحرب لن تخرج عن نطاق الأراضي الأوكرانية.
ولا مصلحة لبوتين بتوسيع رقعة الحرب، ولا توجد لدى روسيا "القدرات الكافية" على نشر الجيش الروسي على أكثر من جبهة، فهو يعتمد على الصواريخ والمسيرات الإيرانية، ويجلب "مرتزقة" من سوريا، وفتح مركز في الجنوب السوري من أجل "التجنيد" لإرسالهم للحرب في أوكرانيا، وفق الخبير العسكري والاستراتيجي.
ويؤكد العميد رحال أن بوتين لديه مشكلات كبيرة و"غير قادر على توسيع نطاق الحرب بالأسلحة التقليدية أو النووية"، وبالتالي فهذا "نوع من التهديد".
لكن على جانب آخر، يؤكد مورتازين، أن الولايات المتحدة وحلفائها من دول الغرب "هم من يحاربون روسيا في أوكرانيا"، ما يدفع موسكو لـ"الرد الوجوبي على تهديد كيان الدولة الروسية".
ويعتقد الخبير الاستراتيجي الروسي أن روسيا سوف تعدل "عقيدتها النووية"، ليكون هناك "رد نووي وجوبي" على دول الغرب والولايات المتحدة في حال "تهديد سلامة الأراضي الروسية".
وفي حال تهديد كيان الدولة الروسية فإن "الرد الوجوبي" سيكون على الولايات المتحدة "مباشرة"، لأنه لا يمكن استخدام السلاح النووي ضد روسيا الا بـ"موافقة أميركية"، وفق الخبير الاستراتيجي الروسي.
ويتفق معه الديب، الذي يعتقد الديب أن "الإعلان الروسي" بمثابة تمهيد لتوسيع رقعة الحرب في أوكرانيا.
وإذا بدأت روسيا استخدام أسلحة نووية سنكون أمام "بداية رسمية للحرب العالمية الثالثة"، وفق مركز خبراء "رياليست" الروسي.
ويتحدث الديب عن صراع غربي روسي "ساخن ومباشر" في أوكرانيا، ما قيد يدفع روسيا لاستخدام "أسلحة نووية تكتيكية" هناك.
وإذا استخدمت روسيا السلاح النووي، فإن بولندا ودول بحر البلطيق قد تكون "هدفا لروسيا في القريب"، حسبما يقول الديب.
هل تستخدم روسيا فعلا "السلاح النووي"؟
منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير 2022، لمح بوتين مرارا وتكرار، بإمكانية استخدام بلاده سلاح النووي في مواجهة الغرب الذي يمد كييف بالدعم العسكري.
ويصدر بوتين منذ ذلك الحين سلسلة من التصريحات التي يعتبرها الغرب "تهديدات نووية" كما أعلن نشر "أسلحة نووية تكتيكية روسية" في بيلاروس.
وتملك روسيا والولايات المتحدة معا 90 بالمئة من الرؤوس الحربية النووية في العالم.
ولذلك، يشير العميد رحال إلى اعتقاد بوتين أنه "يحارب الناتو وليس كييف"، ما يدفعه لـ"التلويح باستخدام النووي".
وفي ظل احتلال كورسك، ووقوع محطات نووية تحت سيطرة القوات الأوكرانية، ومد دول الغرب لكييف بـ"السلاح والمعلومات الاستخباراتية"، يرفع بوتين "بطاقة السلاح النووي، ويهدد بتغيير العقيدة النووية"، وفق الخبير العسكري والاستراتيجي.
وإذا استخدمت روسيا النووي فسوف يكون هناك رد من "الولايات المتحدة، وفرنسا، وبريطانيا" بالرد باستخدام الأسلحة النووية، لذلك فإن "بوتين يهدد من أجل حث الغرب على وقف الدعم في أوكرانيا، لا أكثر"، حسبما يضيف العميد رحال.
ومن جانبه، لا يعتقد رشوان أن موسكو سوف تستخدم السلاح النووي لأن الاستخدام "مضر بروسيا" فهناك جنود روس هناك، وجنوب غرب روسيا متداخل مع الأراضي الأوكرانية، ما قد "يلوث" أرض روسيا.
وإذا استخدمت روسيا أي سلاح نووي سوف تفقد حليفين كبيرين وهما "الصين والهند"، بعد رفضهما أي تحركات نووية روسية، وفق الباحث بالشأن الروسي.
ويتفق معه اللواء مجذوب، الذي يؤكد أن الغرب لن يتردد في استخدام "القوة النووية" للرد على "أي هجوم نووي روسي".
وإذا بدأت روسيا في السلاح النووي، فإن موسكو "تعلم جيدا" أنها ستتلقى "الضربة الثانية" من 5 جبهات ولن تستطيع صد الضربة، وفق الخبير العسكري والاستراتيجي.
ويصف مجذوب الإعلان الروسي بتصريحات "إعلامية" الهدف منها "التهويل"، بعدما دخلت روسيا في حرب "لم تجهز لها جيدا اقتصاديا وعسكريا، وتحدت الغرب كاملا، ولا تستطيع حاليا الصمود أمامه.