رياح "أوبك+": مستقبل أسعار المازوت "قاتم"!

مع بداية فصل الشتاء وارتفاع الحاجة إلى المازوت للتدفئة وتوليد الطاقة الكهربائية، تتضافر العوامل الدافعة بأسعار المحروقات عموماً والمازوت خصوصاً إلى الارتفاع. ولا ترتبط العوامل السالبة بالأزمة اللبنانية وحسب، بل بأزمات عالمية ايضاً تضغط بشكل أو بآخر على أسعار المحروقات في الدول المستوردة، ومن بينها لبنان.

عوامل عالمية
يدخل قرار أوبك بلاس (أوبك بلاس هو اتفاق يضم 23 دولة مصدرة للنفط منها 13 دولة عضواً في منظمة البلدان المصدرة للبترول-أوبك) بخفض إنتاجها، حيز التنفيذ مع بداية شهر تشرين الثاني المقبل أي بعد أيام قليلة. وتعتزم أوبك بلاس خفض إنتاجها من النفط بنحو 2 مليون برميل يومياً، وهو ما يؤدي إلى عودة أسعار النفط العالمية للارتفاع. ومن المتوقع أن يكسر سعر برميل النفط عالمياً سقف الـ100 دولار من جديد تاثراً بقرار أوبك بلاس.
وفي حين ستتحسّن المؤشرات المالية للدول المصدرة للنفط، بفعل قرار أوبك بلاس خفض إنتاج النفط عالمياً، إلا أن ذلك سيشكّل عاملاً أساسياً ضاغطاً على اقتصادات الدول المستوردة للنفط، ومن بينها لبنان، كما على معيشة مواطنيها.

ولا تقتصر العوامل الدافعة بسعر النفط إلى الارتفاع على قرار أوبك بلاس، فالسياسة الأميركية الرامية إلى وقف زيادة الفوائد على الدولار من شأنها الدفع بالمستثمرين الدوليين إلى الاستثمار بالنفط، وهو ما يزيد الطلب على النفط، وتالياً يدفع بالأسعار إلى الارتفاع. ولا ننسى زيادة الطلب على النفط من قبل الدول الباردة، لاسيما منها الأوروبية، مع بداية موسم الشتاء وارتفاع الحاجة للتدفئة.

عوامل محلية
وليست العوامل الداخلية الدافعة بأسعار المحروقات إلى الارتفاع أقل تاثيراً من تلك الخارجية. فبورصة أسعار المحروقات في لبنان تتحرّك صعوداً وهبوطاً تماشياً مع عوامل عديدة بينها كما ذكرنا سابقاً سعر النفط العالمي، الذي يتّجه في المرحلة المقبلة إلى الارتفاع حسب التوقعات. ومن بين العوامل المؤثرة بأسعار المحروقات مباشرة سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية، فالمشتقات النفطية يتم استيرادها من قبل الشركات المستوردة للنفط بموجب دولار السوق السوداء.

فمصرف لبنان كان قد توقف مؤخراً عن تأمين الدولارات لاستيراد المحروقات وفق سعر صرف منصة صيرفة، وبات على الشركات المستوردة تأمين الدولارات من السوق السوداء. وقد شهدت اسعار المحروقات ارتفاعات كبيرة في الأيام والأسابيع الفائتة تأثراً بارتفاع سعر صرف الدولار وبلوغه مستويات قياسية عند 40500 ليرة، قبل أن يعود ويتراجع إلى محيط 36000 ألف ليرة.

ومن غير المستبعد أن يتّجه سعر الدولار صعوداً مقابل الليرة في المدى القريب والمتوسط، بالنظر إلى غياب المؤشرات الحقيقية للحلول وضعف نوايا الإصلاح. وتقتصر مساعي خفض سعر صرف الدولار في السوق السوداء اليوم على ضخ مصرف لبنان الدولارات عبر منصة صيرفة، إلا أن عمليات ضخ الدولارات لا تزال خجولة إذ لم تتجاوز 30 مليون دولار منذ أيام. وهو ما يوحي بأن حاكم مصرف لبنان يتعمّد القيام بإرسال إشارات تؤكد قدرته على التحكّم بسوق الدولار، في سبيل تحقيق مكاسب معينة، سياسية على الأرجح.

من هنا، يمكن اعتبار تراجع سعر صرف الدولار مقابل الليرة مجرّد إجراء ظرفي. وعليه من المرّجح أن يشهد سعر صرف الدولار ارتفاعاً مع دخول البلد في مرحلة من الحراك الرئاسي، لاسيما مع ضعف قدرة مصرف لبنان على ضخ مبالغ دولارية كبيرة في السوق .

ويُضاف إلى تلك العوامل ارتفاع حجم الاستهلاك المحلي للمازوت مع بداية فصل الشتاء وغياب تغذية الكهرباء بشكل شبه تام عبر مؤسسة كهرباء لبنان، وتزايد استهلاك مولدات الطاقة الخاصة للمازوت، ما يزيد الطلبب على المادة وارتفاع سعرها. وهنا لا بد من الإشارة إلى أن حجم استهلاك المازوت في لبنان يقارب نحو 7 مليون و500 ألف ليتر باليوم، خلال فصل الشتاء، مع الأخذ بالاعتبار استمرار التهريب خارج الحدود وإن بكميات تقل عما كانت عليه في المرحلة السابقة.

وكان جدول تركيب أسعار المحروقات قد صدر اليوم، بارتفاع أسعار كافة المشتقات، بسبب احتساب سعر صرف الدولار بزيادة 400 ليرة أي نحو 37500 عوضاً عن 37100 ليرة في الجدول السابق، ونتج عن ذلك ارتفاع بسعر صفيحة البنزين 95 اوكتان إلى 713000 ليرة، بعد أن سجل ارتفاعاً في سعر الكيلوليتر المستورد ما يقارب 5 دولارات. وارتفاع سعر صفيحة المازوت إلى 856000 ليرة وارتفاع سعر قارورة الغاز إلى 423000 ليرة.