زيادة الأجور= ارتفاع نسب التضخم... ما يعطى باليد اليسرى يؤخذ باليمنى!

كتبت رانيا شخطورة في وكالة أخبار اليوم:

"ارضاءً للموظفين، تسعى الدولة الى زيادة الاجور في محاولة منها لفك الاضرابات في اكثر من قطاع بدءا من الادارات العامة وصولا الى اوجيرو، حيث مرافق الدولة وارزاق الناس تشلّ وكان آخرها قطاع الاتصالات!

 

ويرى مرجع اقتصادي ان قرارات الدولة عشوائية، تزيد من حدة الازمة ولا تعالجها، شارحا عبر وكالة "أخبار اليوم" ان  زيادة الاجور أكان للقطاع العام او القطاع الخاص تٌدفع من النشاط الاقتصادي والا الامر يكون خسارة، بمعنى ان الشركات تدفع الزيادة من ارباح اضافية تحققها والدولة تدفعها من الضرائب.

 

 

والسؤال هنا هل تحصّل الدولة ما يكفي من ضرائب في ظل افلاس عدد من الشركات واخرى لا تسدد متوجباتها... قائلا: "وكأن الدولة "تضحك على الناس"، اذ لا يوجد نشاط اقتصادي اضف الى ذلك التهريب والتهرب الضريبي..."

 

واعتبر المرجع ان الدولة كي تفي بالتزاماتها ستلجأ الى مصرف لبنان من اجل طبع العملة الامر الذي سيؤدي تلقائيا الى زيادة التضخم، وبالتالي ما سيتقاضاه العمال والموظفين نتيجة لهذه الزيادات ستساوي ما يتقاضونه راهنا، وهذا ما يؤدي الى الدوران في حلقة مفرغة.

 

وفي هذا السياق، اعطى المرجع مثلين عن التضخم: الاول الحاصل في الولايات المتحدة وهو آلية معقدة لا مجال لمقارنتها مع لبنان، ولكن هناك ظاهرتان متشابهتان: ارتفاع الاجور، وارتفاع اسعار المحروقات الذي ادى الى ارتفاع كافة الاسعار جراء الحرب الروسية على اوكرانيا. والثاني في تركيا حيث بلغت نسبة التضخم اكثر من 20%.

 

 

احد الحلول التي اعتمدت في الولايات المتحدة هو لجوء المصرف المركزي الى زيادة الرواتب، اما في تركيا فقرر الرئيس رجب طيب اردوغان السير عكس النظرية الاقتصادية العالمية فأجبر المصرف المركزي على تخفيض الفوائد.

 

واعتبر المرجع انه كان يفترض بلبنان ان يحذو حذو الولايات المتحدة، لكن اختار التجربة التركية، الامر الذي دفع بالتضخم اللبناني الى ملامسة الـ300%، اذ حين حاول مصرف لبنان رفع الفوائد منع من ذلك.

 

 وردا على سؤال، قال المرجع: "ارتفاع الاجور في اقتصاد غير منتج  يؤدي الى زيادة الطلب التي تؤدي بدورها الى التضخم تلقائيا، وبالتالي زيادة الاجور راهنا كمن اعطى باليد اليسرى واخذ باليد اليمنى، مشددًا على ان التضخم مرض الامراض في اي اقتصاد وله انعكاسات تستمر للاجيال المقبلة".

 

وذكّر المرجع بالتعميم الذي وجّهه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الى كل الإدارات والمؤسسات العامة والبلديات واتحادات البلديات والمجالس والصناديق والهيئات والإدارات ذات الموازنات الملحقة من اجل "تحديد كامل التقديمات والمنافع التي يستفيد منها العاملون لديها وأي نفقة الزامية أخرى مرتبطة احتسابها بالحدّ الادنى الرسمي للأجور، على أن تكون المعلومات شاملة وتفصيلية وواضحة وعلى مسؤولية من أعدها، وعلى أن ترفع المعلومات المطلوبة إلى المديرية العامة لرئاسة مجلس الوزراء خلال مهلة اقصاها عشرون يوماً".

 

وقال المرجع: "في حال نفذت الحكومة الزيادات فإنها ستكون اتخذت قرارًا كارثيًا يوازي القرار الذي اتخذته حكومة الرئيس حسان دياب حين توقفت عن دفع سندات اليوروبند، وأيضًا اقرار سلسلة الرتب والرواتب في العام 2018 دون دراسة دقيقة للارقام.

 

وانطلاقا مما تقدّم، سئل: لكن كيف يمكن للناس أن تتدبر امرها، والا يحق للقطاع العام ان يعيش بكرامة؟ اجاب المرجع: هناك حلول عدة يمكن للدولة ان تلجأ اليها، منها فتح الباب لموظفي القطاع العام للعمل في القطاع الخاص، دون منحهم زيادات، مع العلم ان الفائض كبير جدا في القطاع العام، ولا يمكن البحث في صرفهم، كونهم المنتخب الاساسي للاحزاب السياسية التي ستعترض على اي اجراء من هذا النوع.

 

ومن الحلول أيضًا، تطبيق الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص، بدءًا من مؤسسة كهرباء لبنان "الفاشلة" وقطاع الاتصالات الذي تسير على نفس سكة الفشل، حيث هذه الشراكة يجب ان تضمن الزامية ابقاء الموظفين اقله لمدة سنتين، وخلال هذه الفترة يمكن للشركات الخاصة ان تحمل الاعباء كون رواتب الموظفين متدنية، وبعد انقضاء هذه المهلة يمكن صرف كل موظف غير منتج او لم يثبت جدارة. وان كانت هذه الاعباء مقبولة للقطاع الخاص، الا انها في الوقت عينه تخفف عبء القطاع العام على الدولة".