زيارة السعودية: بداية لتصويب العلاقة بين البلدين

تعد زيارة رئيس الجمهورية العماد جوزف عون إلى المملكة العربية السعودية خطوة بارزة ومهمة في مسار العلاقات اللبنانية ـ السعودية.

وتحمل الزيارة الخارجية الأولى لرئيس الجمهورية في طياتها أكثر من مجرد مناسبة ديبلوماسية، وتتخذ بداية لتصويب العلاقة بين البلدين وإعادتها إلى مسارها الصحيح.

وقال مصدر سياسي لبناني رفيع لـ "الأنباء": "لطالما كانت المملكة العربية السعودية داعما رئيسيا للبنان على الصعيدين السياسي والاقتصادي، ولها دور كبير في الحفاظ على استقرار البلاد خلال فترات الأزمات. إلا أن العلاقة بين لبنان والمملكة شهدت تدهورا ملحوظا في الأعوام الماضية بسبب مجموعة من العوامل السياسية والإقليمية، التي أثرت سلبا على التنسيق بين الحكومتين. وهنا تأتي زيارة الرئيس عون لتكون بمنزلة فرصة لتصفية الأجواء ورفع كل ما شاب العلاقة في العقد الأخير".

واوضح المصدر "من أبرز أهداف الزيارة، العمل على إعادة بناء العلاقة الاقتصادية بين لبنان والسعودية، خصوصا في ظل التحديات الكبيرة التي يواجهها الاقتصاد اللبناني. وقد كانت السعودية ولاتزال، أحد أهم الشركاء الاقتصاديين للبنان. ومن المتوقع أن تساهم زيارة الرئيس عون في إعادة الروح إلى هذه العلاقة، بما يعود بالفائدة على لبنان الذي يحتاج إلى دعم اقتصادي كبير في هذه المرحلة الصعبة. ويتضح أن عودة السعوديين إلى لبنان بعد فترة طويلة من الغياب، هي واحدة من أولويات هذه الزيارة. ويأمل اللبنانيون في استعادة السياحة السعودية والاستثمارات التي كانت تشكل أحد أعمدة الاقتصاد اللبناني في الماضي البعيد والقريب".

وأكد المصدر ان "الأهمية الكبرى لهذه الزيارة لا تقتصر فقط على الجانب الاقتصادي، بل أيضا على الجانب السياسي، اذ تعبر عن الشكر للمملكة العربية السعودية على دورها الأساسي في إنهاء الشغور الرئاسي في لبنان، والذي استمر لفترة طويلة وألقى بظلاله على الحياة السياسية اللبنانية".

وأشار المصدر إلى انه "من المتوقع أن تشهد المحادثات بين الرئيس عون وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان نقاشات مفصلة حول دعم الجيش اللبناني، حيث سيكون هذا الموضوع أحد المحاور الرئيسة في اللقاء. كون دعم الجيش اللبناني يمثل أولوية استراتيجية بالنسبة إلى لبنان في مواجهة التحديات الأمنية المختلفة، سواء تلك المتعلقة بالتوترات الحدودية مع إسرائيل أو الأزمات الداخلية. لذا فإن التعاون العسكري بين لبنان والسعودية سيشكل أحد أوجه تعزيز العلاقة الثنائية بين البلدين".

ولفت المصدر إلى انه "في إطار تعزيز التعاون بين لبنان والمملكة، يتوقع أن يتم اقتراح تشكيل لجان مشتركة تضم الوزارات والادارات المعنية واختصاصيين من البلدين لمتابعة الملفات الأمنية والعسكرية والاقتصادية والتجارية والمالية وغيرها. هذه اللجان ستعمل على تبادل الخبرات والمعلومات وتعميق التعاون في مختلف المجالات التي تهم البلدين، ما يعكس تطلعات القيادة اللبنانية إلى توسيع دائرة التعاون مع المملكة في كل المجالات الحيوية".

واعتبر المصدر "إن زيارة الرئيس عون إلى السعودية تمثل محطة مفصلية في تاريخ العلاقات اللبنانية ـ السعودية، إذ تشير إلى بداية مرحلة جديدة من التعاون والتفاهم بين البلدين. وتعكس الزيارة رغبة لبنان في تعزيز علاقاته مع المملكة والعودة إلى موقعه الطبيعي في محيطه العربي، خصوصا في ظل التحديات التي يواجهها على المستويات الداخلية والإقليمية".