المصدر: الوكالة المركزية
الكاتب: طوني جبران
الأحد 10 أيلول 2023 10:26:06
من اليوم وحتى الثلاثاء المقبل تاريخ وصول الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان الى بيروت قد تتغير أمور كثيرة.
كل ساعة تمضي ستأتي بخيارات جديدة، فما جرى في الهند أمس على هامش قمة العشرين ولا سيما القمة الفرنسية – السعودية بين الرئيس ايمانويل ماكرون وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان سيلقي بظلاله على تحركات اليومين المقبلين ولا سيما عند ما يمكن ان تؤدي اليه من تعاون فرنسي – سعودي وخصوصا ان ظلله اطراف الخماسية الخاصة بلبنان بالدعم المطلوب.
اركان الخماسية كانوا وما زالوا على علم بتفاصيل ما تحقق حتى اليوم، وموافقون على ما هو مطروح. وهم ليسوا غافلين عما ينوي لودريان القيام به ويواكبونه ولو من مواقع مختلفة. فلا ينسى أحد انه سبق لهم ان كانوا على علم مسبق بما ينوي القيام به وبحجم التنسيق القائم مع السعودية والأهداف المرجوة وقد فوضوه في لقاء الدوحة بالخطوات المقبلة متمنين له بالنجاح في مهمته، ولم يبخلوا بالدعم الذي تمناه في وقت لم يوجه اليه احد اي ملاحظة حتى اليوم على رغم مسلسل الاتهامات التي قالت بخروجه عن ثوابت اللقاء وما انتهت اليه لقاءات الدوحة وما سبقها وتلاها من مشاورات لم تتوقف عبر القنوات الديبلوماسية.
وعليه ، كشفت مراجع ديبلوماسية وسياسية لـ "المركزية" ان حتى تلك اللحظة المتوقعة التي سيكون فيها لودريان في بيروت ستتظهر الخطوات التي تم التفاهم بشأنها وما يمكن القيام به. ففي الأجندة الاستباقية لهذه الزيارة مزيد من اللقاءات ومنها اللقاء المنتظر يوم الاثنين في العاصمة الفرنسية بين لودريان وكل من الوزير السعودي المفوض بملف لبنان نزار العلولا وسفير المملكة في بيروت وليد البخاري على لائحة الإستحقاقات المقبلة قبل ان ينتقل الموفد الرئاسي الفرنسي الى بيروت في اليوم عينه ليبدأ مهمته قبل ظهر اليوم التالي.
وقبل التوسع في التوقعات التي يمكن ان يقود اليها هذا اللقاء، لا بد من الإشارة الى أن كانت هناك روايات ترجح انعقاده في الهند لو كان العلولا وبخاري من أعضاء الوفد السعودي المرافق لولي العهد وكذلك لودريان في عداد وفد الرئيس الفرنسي كما تردد من قبل، لكن ذلك لم يثبت وبقي الخيار المطروح يستدعي انتظار نتائج عقد اللقاء في باريس يوم غد.
على هذه الخلفيات، توسعت المراجع المعنية بالاستحقاق في قراءتها للمرحلة المقبلة ورأت أن وان صحت المعلومات التي تتحدث عن تفاهم شبه كامل بين أعضاء الخماسية على عناوين المرحلة، يفترض بأن تؤدي مساعي لودريان الى خطوة ما أكثر وضوحا تنهي الحالة الرمادية التي تعيشها البلاد والظلال التي تغلف الاستحقاق بالكثير مما لا يطمئن الى ما هو آت. فالجميع يدرك حجم المخاطر المترتبة على فشل المبادرة الفرنسية ومعها مساعي الخماسية الدولية. وما يزيد في الطين بلة أن مبادرة بري لا يمكن ان تكون البديلة منها، فسقوط الاولى لا يمكن أن تحييه الثانية.
وعليه، تعترف المراجع عينها بأن لا بد عندها من ان تكون ساعة الحسم كما تريدها باريس ومعها الخماسية قد اقتربت لمجرد أن يطلق آلية العمل التي قرر خوضها وما يريد تحقيقه من مهمته هذه. فهو سبق ان ابلغ اللبنانيين بنوع من "طاولة مهمة" تفرض شيئا من الحوار الثنائي غير الموسع على خلاف ما أراده رئيس مجلس النواب نبيه بري ، لكنهما التقيا على تحديد نتائج طرح كل منهما، في شكله ومضمونه ومفاده جلسة انتخابية يدعو إليها الرئيس بري على ان تليها دورات انتخابية متتالية تستمر الى حين انتخاب الرئيس.
وفي غياب اي معطيات تؤكد امكانية الوصول الى هذه المرحلة التنفيذية التي تتساوى فيها مبادرة لودريان مع ما قصده بري من دعوته، لجهة ما يمكن ان تنتهي اليه طاولة الحوار الموسعة فكلتا الخطوتين قالتا بالجلسة الانتخابية والدورات المتتالية وعليه طرحت الأسئلة فهل سيكون هناك ما يعيق ذلك؟ وهل يمكن ان فشلت مبادرة لودريان ان تحقق مبادرة بري هدفها؟
توضيحا لهذه المعادلة، يدرك المراقبون ان التعقيدات التي واجهت مسعى الرئيس بري لعقد "طاولة حوار موسعة تفيض عن تلك التي يواجهها لودريان، وهو ما أدى الى تريثه في توجيه الدعوة بانتظار ما يحققه لودريان. فنجاحه سيكون دافعا للاستغناء عن الثانية طالما ان الهدف من المبادرتين الوصول الى عقد جلسة انتخابية تليها دورات متتالية لا تتوقف إلا عند انتخاب الرئيس العتيد للجمهورية.
على هذه القاعدة تداولت الحلقات الديبلوماسية الضيقة التي تتابع ملف الاستحقاق الرئاسي معلومات قالت ان الرهان على مبادرة لودريان قد يكون في محله هذه المرة، ليس لان نتائجها مضمونة بشكل حاسم، لكن مجرد الانتقال من مرحلة تمترس الفريقين خلف مرشحيهما الوزيرين السابقين سليمان فرنجية وجهاد أزعور يفتح الافق على لائحة أخرى من المرشحين الذين يمكن ان يتحقق التقاطع حول احدهم. فللمرحلة المقبلة قواعد وشروط تحاكي شخصية الرئيس العتيد ومؤهلاته ومواصفاته وما هو مطلوب منه من اجل ان يعود لبنان الى كنف المجتمعين العربي والدولي؛ بناء على ما تقدم، يبدو ان الرهان عقد مرة أخرى على لودريان، فإن نجح في توفير أجوبة واضحة على السؤالين الذين طرحما في رسائله الـ 38 على النواب سيكون سهلا عليه ان يعلن لائحة بالقواسم المشتركة التي يمكن ان يلتقي حولها المتحاورون الذين شاركوا في استشاراته المرتقبة من دون تسجيل اي مقاطعة. وإن لم تتكشف بعد كامل الاجوبة التي تسلمها من الكتل والنواب المستقلين، فإن أياما قليلة فاصلة عن الكشف عن هذه العناوين التي لن يتردد لودريان في الاعلان عنها في خطوة طالبته بها الخماسية الدولية لتكون مهمته الاخيرة. فان انتهت الى ما يشكل مخرجا للمأزق القائم كان به، وإلا سيكون لبنان امام مرحلة جديدة تنخفض فيها جرعات الدعم الدولية وتفتقد معها الرعاية التي ما زال يحظى بها لتدخل البلاد مسارا مختلفا لا يمكن تقدير مظاهره وخسائره من اليوم.