المصدر: أساس ميديا
الكاتب: ملاك عقيل
الخميس 18 نيسان 2024 09:42:25
سجّل وزير الدفاع موريس سليم سابقة لم تعرفها حكومات ما قبل الطائف ولا بعده من خلال الطعن أمام مجلس شورى الدولة بقرار تعيين رئيس الأركان الصادر عن حكومة هو أحد أعضائها، والمعنيّ الأوّل بقرار التعيين. فما هو مصير الطعن؟ وهل يخسر قائد الجيش مجدّداً الضابط رقم 2 الذي ينوب عنه عند غيابه؟
تجاوز وزير الدفاع بعض الآراء القانونية التي تقرّ بعدم صلاحية وزير الدفاع تقديم مراجعة طعن أمام “الشورى” بقرار الحكومة الصادر في 8 شباط الماضي. والقاضي بتعيين العميد حسّان عودة رئيساً للأركان ومنحه قدماً للترقية خمسة أشهر وترقيته إلى رتبة لواء.
اتّخذ سليم قراره باستقلالية تامّة عن رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل. وهو المسار الذي اعتمده العميد المتقاعد، ابن المؤسّسة العسكرية. منذ تعيينه وزيراً للدفاع، حيال كلّ ملفّات وزارته والنزاع مع قائد الجيش العماد جوزف عون وآخر نماذجه امتحانات الكليّة الحربية. وحتّى في شأن قرار مقاطعة جلسات الحكومة المقتنع به بسبب “استيلاء حكومة نجيب ميقاتي على صلاحيات رئيس الجمهورية”. مع العلم أنّ سليم لم يحضر اللقاء التشاوري الأخير الذي دعا إليه رئيس الحكومة يوم الإثنين الفائت.
الشورى ونتائج “الحربيّة”: لا رأي!
في هذا السياق، تفيد معلومات “أساس” بأنّ “مجلس الشورى” أصدر قراره في طلب الحكومة إبداء المجلس رأيه بالتأخير في إعلان لائحة المقبولين في مباراة الدخول إلى الكليّة الحربية والتي وافق عليها المجلس العسكري ولم تصدر بقرار من وزير الدفاع.
أتى القرار الذي اطّلع عليه “أساس” على شكل “لا قرار”. إذ أشار إلى أن “يبقى دائماً لمجلس الشورى صلاحية تقدير إعطاء الرأي في الموضوع المُحال إليه ومدى تعلّقه بحقوق خاصة وشخصية، ومدى احتمال أن يتمّ تقديم مراجعة قضائية أمامه بشأن ذات الموضوع. وبالتالي يعود له أن يُوازِن بين إعطاء الرأي وبين عدم إعطاء رأيه مسبقاً بموضوع قد يُسبّب مراجعة قضائية أمامه”.
ماذا بعد الطعن بتعيين رئيس الأركان؟
لكن ما هي تداعيات مراجعة الطعن التي قدّمها الوزير سليم في 15 الجاري ضدّ المستدعى ضدّها الدولة – رئاسة مجلس الوزراء. طالباً إبطال قرار التعيين مع طلب وقف التنفيذ؟
يُجمِع عدد كبير من القانونيين على أنّ وزير الدفاع ليس “صاحب صفة ومصلحة”. كما يفرض القانون، ليتقدّم كأيّ ضابط متضرّر بمراجعة طعن بقرار الحكومة. وهناك قرار صادر عن هيئة القضايا في “الشورى” بأنّ الوزير ليست له صفة بالطعن بقرارات مجلس الورزاء عملاً بمبدأ التضامن الوزاري.
مع ذلك، “فَعَلَها” الوزير بعد 35 يوماً من صدور القرار، أي ضمن مهلة الشهرين القانونية. وسبق ذلك إصداره تعميماً باعتبار قرار مجلس الوزراء منعدم الوجود كأنّه لم يكن.
قرار التعيين دستوريّ… غير دستوريّ
في المقابل، يتّفق العديد من أهل القانون أيضاً على أنّ قرار الحكومة “أتى مخالفاً للمادّة 66 من الدستور الّتي تولي الوزراء إدارة مصالح الدّولة. ويُناط بهم تطبيق الأنظمة والقوانين بكلّ ما يتعلّق بالأمور العائدة إلى إدارة الوزير. ومخالف لأحكام قانون الدّفاع الوطني الّتي تنصّ على أنّ تعيين رئيس الأركان يتمّ بمرسوم. بناءً على اقتراح وزير الدفاع بعد استطلاع رأي قائد الجيش. كما أنّ المادّة 54 من الدّستور تشترط توقيع الوزير المختصّ على المراسيم الّتي تصدر عن مجلس الوزراء”.
لكنّ قرار التعيين لم يصدر أصلاً بمرسوم. وقد تمّ تعليل هذه النقطة من خلال الدراسة القانونية الشاملة التي أعدّها الأمين العامّ لمجلس الوزراء القاضي محمود مكّية. كما أنّ الدراسة استندت في تجاوز الحكومة لصلاحية وزير الدفاع رفع اقتراحه بالاسم إلى واقع الظروف الاستثنائية والحربية ومبدأ استمرارية المرافق العامّة ونظريّة “الشكليّات المستحيلة” (Formalities impossible) وتخلّف الوزير عن القيام بواجباته.
تعيين مُغطّى بالسياسة
هكذا، وبعد قرار الشورى في مسألة نتائج الكليّة الحربية التي تعتبر أحد أوجه النزاع بين قائد الجيش ووزير الدفاع. وضع الوزير سليم هذه المرّة الكرة في ملعب رئيس مجلس الشورى القاضي فادي الياس.
في السياسة، يجدر التذكير بأنّ قرار تعيين رئيس الأركان صدر عن حكومة تشارك فيها غالبية القوى السياسية باستثناء التيار الوطني الحر. وقد غطّاه الحزب وبموافقة من الزعيم الدرزي وليد جنبلاط.
يشير المدافعون عن القرار إلى أنّ “قرار التعيين صدر في الفترة التي قُدّم فيها الطعن بقانون التمديد لقائد الجيش. فلو قَبِلَ المجلس الدستوري الطعن يومها، من دون وجود رئيس أركان ينوب عنه، لكان طار الجيش في ظلّ عدم وجود قيادة له”.
سابقة هيكتور وعصام
يذكّر هؤلاء أيضاً بقرار الشورى حيال طلب الوزيرين هكتور حجار وعصام شرف الدين إبطال المرسومين 10948 و10949 (أوّل مرسومين بتوقيع حكومة ميقاتي نيابة عن رئيس الجمهورية) الصادرين بتاريخ 5/12/2022. مع طلب وقف تنفيذهما، حيث ردّ الطعن بالمرسومين. معتبراً أن ليس للوزير صفة للطعن بقرارات الحكومة.
وفق المعطيات، عند تبلّغ رئاسة الحكومة مراجعة الطعن بتعيين رئيس الأركان من قبل هيئة القضايا سترسل جوابها.
تموضع فادي الياس
هنا تشير مصادر سياسية بارزة لـ “أساس” إلى أنّ رئيس “الشورى” القاضي فادي الياس، وبعدما تعرّض لهجوم مباشر من النائب جبران باسيل على خلفية تموضعه إلى جانب الرئيس ميقاتي، عاد مجدداً إلى قواعده السياسية التي انطلق منها بوصفه وديعة الرئيس ميشال عون في “الشورى”.
الدليل على ذلك، وفق المصادر، إصدار “الشورى” في 4 نيسان الماضي قراراً برئاسة القاضي الياس بوقف تنفيذ مرسوم ردّ الرئيس ميقاتي قانون تعديل قانون الإيجارات للأماكن غير السكنية الصادر عن مجلس الوزراء الى مجلس النواب، وكان أول “المبشّرين” بالقرار نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب على منصّة “أكس” قبل أن تتبلّغ رئاسة الحكومة بقرار “الشورى”!
يُذكر أنّ اللجان النيابية المشتركة اعتبرت أنّ مراسيم ردّ القوانين (الثلاثة بينها قانون الإيجارات) التي أحالها ميقاتي الى المجلس يشوبها عيب دستوري بالشكل والمضمون، ما استدعى طلباً نيابياً بإعادة هذه القوانين الى الحكومة لنشرها. وقانون الايجارات اليوم لا يزال عالقاً في الهيئة العامّة لمجلس النواب.
كما ترى المصادر أنّ “الشورى خَدَم وزير الدفاع وباسيل حين لم يعطِ رأيه في نتائج مباراة الدخول إلى الكلية الحربية الذي طلبته رئاسة الحكومة”.
واليوم السؤال الكبير كيف سيتعاطى “الشورى” مع طعن وزير الدفاع بقرار تعيين رئيس الأركان وطلب وقف تنفيذه خصوصاً أنّ قبول الطعن يرتّب واقعاً عسكريا جديداً غير مسبوق في تاريخ المؤسسة العسكرية؟
يقول عارفو القاضي الياس أنّ “الأخير لا يَحكم إلا بلغة القانون ولا يمكن تصنيفه في خانة أي طرف سياسي، وهو معروف بمناقبيته والتزامه تطبيق القوانين واحترام الدستور. فيما القرار الذي أصدره، مع القاضيين في مجلس الشورى كارل عيراني ومليكة منصور، يصوّب الانحراف في عمل الحكومة ويوقف تجاوزات الرئيس ميقاتي وتعدّيه على صلاحيات رئيس الجمهورية، وهو يشكّل صوناً للحقوق. وربما يجدر انتظار قرار الشورى في الطعن المقدّم بقرار تعييين رئيس الأركان كي تعرف الخلفية القانونية التي تتحكّم بكافة قرارات الشورى ورئيسه”.