المصدر: MTV
الخميس 17 كانون الاول 2020 07:32:56
كتب داني حداد في موقع mtv:
عاد سامي الجميّل الى مسقط رأسه "مهجّراً" من البيت المركزي في الصيفي، حيث ترك انفجار المرفأ دماراً وضحيّة.
يستوجب المطر الغزير في بكفيا القيادة بتأنٍّ، إلا أنّ رئيس حزب الكتائب اللبنانيّة يبدو واثقاً من رؤيته عبر المسار الذي اختاره منذ العام ٢٠١٥، معارضاً متحرّراً من عِقد الالتزامات وعبء التحالفات.
على وقع أصوات المطر المرتطم بزجاج المكتب، نبدأ حوارنا مع النائب السابق سامي الجميّل عن الجدوى التي نتجت عن خطوة الاستقالة من مجلس النوّاب. يقول، بلهجةٍ ساخرة: "المجلس النيابي يعمل بشكلٍ خارق، والتشريع يتلاءم مع أهميّة هذه المرحلة". ثمّ يضيف: "بعد التجربة، أصبحنا أكثر اقتناعاً بصوابيّة هذا القرار الأخلاقي، ولكنّ المشكلة أنّ المسؤولين لا يشعرون بوجع الناس ويضعون أيديهم على البلد وهم حوّلوا الشعب اللبناني الى رهينة. من هنا، لم نعد نقدر على الجلوس مع هذه المنظومة الفاشلة، وليعرف الناس أنّ المجلس النيابي بات اليوم بأكمله جزءاً من هذه التركيبة التي تسلّم البلد الى جهنّم. إنّه مجلس عقيم".
جبهة سياسيّة قريباً
بعد خطوة الاستقالة، تتكثّف الاتصالات واللقاءات التي يجريها رئيس "الكتائب". يقول: "نتّجه الى مواجهة مع جميع الذين يشبهوننا، وفي طليعتهم النوّاب المستقيلين، والمجموعات الشبابيّة التي تبرز أخيراً وشخصيّات مستقلّة من مختلف المناطق، ونحضّر أنفسنا للاستحقاقات المقبلة، ونعمل على إطار عمل جامع وقد أصبحنا في مرحلة متقدّمة، ولكن لم نبلغ مرحلة الإعلان عن الشكل والإسم بعد".
نتوقّف مع الجميّل عند عبارة "الذين يشبهوننا"، ونسأل: هل حلفاؤكم السابقون في 14 آذار ما عادوا يشبهونكم؟
يجيب: "لا، فهم اتّخذوا خيارات أخرى، مثل الدخول في التسوية الرئاسيّة وإقرار الموازنات التي ساهمت في إيصالنا الى ما نحن عليه والتصويت على قانون الانتخاب الذي سلّم البلد الى حزب الله. من هنا، فإنّ هذه الخيارات كانت الحدّ الفاصل في علاقتنا مع حلفائنا. بالنسبة إلينا هناك لبنان قديم يجسّده المجلس النيابي الحالي، أما نحن فنطمح للبنان جديد مع ناس يشبهوننا".
العلاقة مع جعجع
نسأل الجميّل: ما تعليقك على ما قاله رئيس حزب القوّات اللبنانيّة سمير جعجع عن أنّ خلافكما شخصي لا سياسي؟
يجيب: "لو كانت المشكلة، كما حاول تصويرها، هي بعدم اعترافنا بـ "القوات" كجسمٍ مستقلّ، لما كنّا صوّتنا له كمرشح لرئاسة الجمهوريّة في 26 جلسة نيابيّة، وكان حينها في خطّ المواجهة، ودعمناه. ولكن، حين انفصل عن هذا الخيار ومشى في التسوية، بات لكلّ منّا مسار متناقض، ما يعني أنّ المشكلة سياسيّة لا شخصيّة".
ونسأل: هل صحيح ما قاله عن رفضكم النقاش مع المجموعات الشبابيّة في مسألة التحالف مع "القوات"؟
يردّ الجميّل، بحزم: "موقفنا واضح، وهو عدم التحالف مع المنظومة السياسيّة التي أبرمت التسوية الرئاسيّة وتتحمّل مسؤوليّة ما وصلنا إليه".
ويتابع: "حان الوقت لكي يتحمّل كلّ فريق مسؤوليّة خياراته، والنقاش السياسي مرحّب به بينما تناول الآخر بالشخصي مرفوض".
كما يكشف الجميّل عن موفدين لجعجع يزورونه من حينٍ الى آخر، "في محاولة لرأب الصدع، إلا أنّ المشكلة دائماً هي شخصنة الأمر، بينما الأساس هو تناقض خياراتنا في السنوات الأخيرة، علماً أنّنا نحترم شباب "القوات" ونجد أنّهم أقرب الى توجّهاتنا منهم الى توجّهات قيادة حزبهم".
المسؤولون عن انفجار المرفأ
يعتبر رئيس "الكتائب" أنّ خطوة قاضي التحقيق في قضيّة انفجار المرفأ فادي صوان جيّدة ولكن ناقصة. يقول: "على القاضي صوان أن يوسّع إطار الاتهامات، فالمعنيّون بالمسؤوليّة كثر، من الوزارات الى الأجهزة الأمنيّة، وحين يقوم بخطوة شاملة لن يسائله أحد. هو قام فعلاً بأمرٍ جريء، وفتح للمرة الأولى باباً لمحاسبة حقيقيّة، ولكن عليه ألا يستثني أحداً".
وعن ردّة الفعل الطائفيّة على استدعاء صوان لرئيس حكومة تصريف الأعمال، يرى الجميّل أنّها "تأتي في سياق محاولات الإفلات من القضاء، تحت غطاء طائفي. ولذلك، كنّا ضدّ رفض مساءلة رياض سلامة لأنّه ينتمي الى طائفة معيّنة. ورئيس الجمهوريّة يجب أن يخضع أيضاً للمساءلة، خصوصاً أنّه كان يعرف بوجود هذه المواد".
"الكتائب" بعد "17 تشرين"
يتحدّث سامي الجميّل عن مختلف القضايا بتحرّرٍ واضح. لا يسعى الى إرضاء فريق، ولا يتجنّب إحراج حليف. ولكن، هل هذه المواقف العالية السقف تُترجم في ارتفاع شعبيّة الحزب، خصوصاً بعد 17 تشرين الأول 2019؟
يشير الجميّل الى أنّ "شعبيّة الحزب زادت ثلاثة أضعاف، وندرك ذلك من خلال الإحصاءات". ويضيف: "نعبّر عن قناعاتنا ولا نحاكي ما يريده الناس، والبرهان أنّ الناس أرادوا إعطاء فرصة لهذه السلطة في الانتخابات النيابيّة الماضية، ثمّ اكتشفوا أنّنا كنّا على حقّ. أمّا اليوم، في حال أتيح للشعب اللبناني التعبير عن رأيه فسيحاسب في الانتخابات النيابيّة المقبلة، ونحن نعمل على تكوين البديل مع مجموعات لبنانيّة أخرى".
حكومة مستقلّة مع رئيسٍ مستقلّ
وفي الملف الحكومي، يقول الجميّل: "نتمنّى تشكيل حكومة مستقلّة توقف النزيف وتبدأ الإصلاحات وتنظّم انتخابات نيابيّة نزيهة. ولكنّ المؤشرات كلّها تدلّ على أنّ منطق المحاصصة هو السائد، ولذلك فإنّ أيّ كلام عن استقلاليّة الحكومة هو ضحك على الناس".
نسأل: هل الحقّ في التأخير على عون أو الحريري؟ يجيب: "لا نميّز بين أفراد المنظومة وجميعهم ينتمون الى منطقٍ واحد، هو منطق المحاصصة وعدم الشعور بالمسؤوليّة تجاه الناس.
ويختم: "لا يمكن للحريري أن يترأس حكومةً مستقلّة، بل يجب الإتيان بشخصيّة مستقلّة. إذا كان الحريري على رأس الحكومة، فإنّ القوى السياسيّة الأخرى ستطالب بالمشاركة، ما يعيدنا الى نقطة الصفر".
قال سامي الجميّل
- مع سقوط المنظومة كلّها بدءاً من المجلس النيابي ثمّ ولادة حكومة جديدة وانتخاب رئيس جديد.
- يجب حصول الانتخابات النيابيّة بغضّ النظر عن جهوزيّة فريق المعارضة لها.
- الحاجز بين لبنان القديم ولبنان الجديد هو حزب الله والمنظومة التي تغطّيه.
- القضاء اللبناني أمام محطّة تاريخيّة، والأمل الوحيد هو في تضامن الجسم القضائي ومواجهته للضغط السياسي.
- مطمر الجديدة جريمة بالتواطؤ بين القوى السياسيّة كلّها، وحين وقفنا في وجهه وضعونا في مواجهة الناس.