سلامة ليس منسياً.. والتحقيقات الأوروبية ببيروت لم تتوقف

فيما تنشغل الساحة اللبنانية بالمشهد الأمني المسيطر على باقي الأحداث اللبنانية، في ظل تصاعد التوترات العسكرية على الحدود اللبنانية-الفلسطينية، بين مقاتلي حزب الله والجيش الإسرائيلي، يتبين بأن الوفود القضائية الأوروبية مستمرة في متابعة قضية حاكم مصرف لبنان السابق، رياض سلامة داخل قصر عدل بيروت، بالرغم من البيانات الرسمية الصادرة عن السفارات الأجنبية، التي تطلب من جميع رعاياها مغادرة الأراضي اللبنانية تحسبًا للحرب.

زيارة سرية؟
بعد مرور أكثر من 3 أشهر على انتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة، يبدو واضحًا إصرار الوفود الأوروبية على متابعة هذا الملف القضائي للوصول إلى خواتيمه وملاحقة سلامة وتوقيفه. ووفقًا لمعلومات "المدن"، ففي الأيام الماضية حلّت تلك الوفود "ضيفة" لدى قاضي التحقيق الأول، شربل أبو سمرا، حاملةً صناديق تحوي أكداساً من المستندات والوثائق المتعلقة بقضية عائلة سلامة.

رغم ذلك، نفى مصدر قضائي حضور الوفود الأوروبية إلى قصر عدل بيروت، واعتبر أن التواصل يجرى هاتفيًا مع القضاء اللبناني، وبشكل دائم. ولكنه أكدّ بأن الوفود الأوروبية تطالب باستمرار الحصول على بعض المستندات والأوراق من داخل مصرف لبنان المركزي، بيد أن القضاء اللبناني لن يتمكن من تنفيذ جميع المطالب الأوروبية، وذلك حفاظًا على سيادة لبنان ومنعًا لتجاوز القانون.

يُذكر أن الوفود الأوروبية طلبت سابقًا الحصول على إذنٍ للدخول إلى مصرف لبنان المركزي والتدقيق في بعض الحسابات، معتبرةً أن سلامة يملك العديد من الحسابات المصرفية بأسماء وهمية، إلا أن القاضي أبو سمرا رفض هذا الطلب، "لكونه تعديًا واضحًا على سيادة لبنان".   

وفيما يتعلق بمتابعة قضية سلامة في فرنسا، أكد مصدر قضائي رفيع لـ"المدن" أن ملف سلامة حُوّل من القاضية الفرنسية أود بوروسي إلى قاضية تحقيق أخرى، لكن الأخيرة لا تتابع الملف حاليًا، إلى حين انتهاء إجازة أمومتها.

مرحلة طويلة
وفي حديث خاص مع الخبير في الشؤون الفرنسية، تمام نورالدين، أوضح لـ"المدن" بأن ملف سلامة لم يجمّد أبدًا، خصوصًا أن مجموعة كبيرة من قضاة التحقيق وعشرات المحققين في الشرطة القضائية الفرنسية يتابعون هذا الملف بشكل شبه يوميّ.

بدوره، لم ينف نورالدين بأن قضية سلامة قد تحتاج إلى سنوات طويلة، ومن الممكن أن تصل إلى حوالى 10 سنوات للإعلان عن الحكم النهائي بحق سلامة.

في الأشهر الماضية، ظهر واضحًا امتعاض القاضية الفرنسية أود بوروسي من المحاباة الواضحة بين بعض القضاة وسلامة خلال جلسات التحقيق داخل قصر عدل بيروت. ووفقًا لكلام نورالدين، فإن القضاء الفرنسي ليس راضيًا على أداء الجانب اللبناني، لكون القضاء اللبناني يحاول حماية سلامة وعرقلة مجرى التحقيقات بشتى الطرق، مشيرًا إلى أن القضاء الأوروبي يملك مئات الوثائق التي تدين وتورّط سلامة وأعوانه، وهي عبارة عن تحويلات مالية من حسابات عائلة سلامة المصرفية في مجموعة مصارف أوروبية، إضافة إلى مستندات مفصلة حول جميع العقارات والشركات التي تملكها العائلة في أوروبا. فيقول: "قضي الأمر على سلامة في أوروبا ولكن القضية بحاجة إلى المزيد من الوقت".

دور خير الدين
يذكر أن المصرفي مروان خير الدين وافق على التعاون مع القضاء الفرنسي بشكل كبير بعد توقيفه الفجائي، فقدّم الكثير من المعلومات المطلوبة منه، وتعهد بالمثول أمام القضاء الفرنسي عند الحاجة. وعليه، أوضح نورالدين أن القضاء الفرنسي نجح بالحصول على معلومات كثيرة من خيرالدين بعد مصادرة هاتفه الخلوي وحاسوبه، والاطلاع على رسائله النصية مع عائلة سلامة، إضافة إلى المعلومات الدقيقة التي صرح بها خيرالدين أمام القضاء الفرنسي. لذلك، فإن الملف بحاجة إلى بعض الوقت. لافتًا إلى أن السلطة القضائية "تتمتع باستقلالية واسعة، والسلطة السياسية الفرنسية غير قادرة على ممارسة أي  ضغوط عليها من أجل تجميد الملف".  

داخل القضاء اللبناني، توقف ملف سلامة عن المتابعة بسبب دعوى المخاصمة التي رفعتها ممثلة الدولة اللبنانية القاضية هيلانا اسكندر ضد القاضي أبو سمرا. ولكن، بعد أسبوع، سيحال القاضي أبو سمرا على التقاعد، وسيحول الملف إلى قاض آخر، فهل سنشهد تطورًا ملحوظًا في ملف سلامة في المرحلة المقبلة؟