شمال الليطاني... الاستحقاق الأخطر: نموذج سيناء يطبَّق جنوباً؟

تنشغل الدوائر الأميركية في العمل على تقديم طرح شامل يؤدي إلى اتفاق بين لبنان وإسرائيل، في محاولة لتجنّب التصعيد العسكري. في هذا الإطار تندرج التسريبات الإسرائيلية نقلاً عن مسؤولين أميركيين بأن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يضغط رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لاعتماد الديبلوماسية كأساس للوصول إلى اتفاق مع لبنان. في المقابل إسرائيل حتى الآن لا تبدو مقتنعة بالحلّ السياسي أو الديبلوماسي، وهي تواصل تجهيزاتها لشن عملية عسكرية، أصبح مؤكداً أنه تم تأجيلها لما بعد نهاية السنة. إلا أن تل أبيب تواصل إعداد تقاريرها لإقناع الأميركيين بأهمية الضربة التي تريد توجيهها للحزب، مع تحييد الدولة اللبنانية والمحافظة على التفاوض معها. وفي هذا السياق، تندرج المناورة العسكرية التي يجريها الجيش الإسرائيلي في جبل الشيخ ومزارع شبعا وتحاكي قتالاً برياً. 

 

شمال النهر.. الموعد يقترب!

يتركز الطرح الأميركي على زيادة عدد الأعضاء المدنيين الذين يشاركون في جلسات الميكانيزم، على أن يبقى السفير سيمون كرم رئيساً للوفد اللبناني، في مقابل ضم أعضاء جدد، كل حسب اختصاصه. وفي المقابل، لا تمانع إسرائيل في الوصول إلى اتفاق عبر الديبلوماسية، لكنها تركز على ضرورة خلق منطقة عازلة، وسحب سلاح حزب الله بالكامل من منطقة الجنوب وليس فقط في جنوب الليطاني. وأما الجيش اللبناني فيواصل تحركاته في جنوب الليطاني، ويعمل على سحب المزيد من الأسلحة، استعداداً لرفع التقرير الرابع للحكومة في 5 كانون الثاني من العام 2026. ومن المتوقع عندذاك أن يعلن الجيش انتهاء العمل في جنوب النهر، فيما لا بد من انتظار ردة فعل الإسرائيليين الذين يصرون على الدخول إلى المناطق السكنية والأملاك الخاصة. ويبقى الأساس ما بعد انتهاء الجيش من مهتمه في جنوب الليطاني، وكيف سيبدأ العمل في شمال النهر. فهذا الأمر يحتاج إلى قرار جديد من الحكومة تكلف بموجبه الجيش بوضع خطة للتحرك باتجاه سحب السلاح. وعندئذٍ لا بد من انتظار ردة فعل حزب الله وكيفية تعاطيه مع هذا التطور. 

 

لبنان وتجربة الإندوف 

وتتمسك إسرائيل أيضاً بمسألة فرض منطقة عازلة في الجنوب، وهي التي يسميها الأميركيون منطقة اقتصادية يتم التفاهم على كيفية إدارتها. فيما الجميع يتجهز لمرحلة ما بعد انتهاء مهام قوات اليونيفيل، وسط طروحات كثيرة لتشكيل قوات دولية، أو قوات مشابهة لقوة الإندوف في الجولان، في ظل رفض إسرائيلي مطلق لتشكيل قوات أممية. وفي هذا السياق، تتقدم جهات دولية عديدة باقتراحات لإدخال قواتها إلى الجنوب، بينما من الواضح أن إسرائيل ترفض ذلك، وتصر على أن تكون هي المتحكمة بإدارة هذه المنطقة بالمعنى الأمني والعسكري والسياسي، إما من خلال التنسيق مع لبنان، وإما من خلال وجود قوات أميركية، إضافة الى احتمال وجود قوات بريطانية انطلاقاً من عمل بريطانيا على انشاء قواعد عسكرية متقدمة للجيش اللبناني في الجنوب.

 

قوة ضامنة للفريقين 

المساعي الديبلوماسية التي يركز عليها الأميركيون، تشمل العمل على وقف الاعتداءات والضربات ووضع خطة للانسحاب من النقاط التي تحتلها إسرائيل في جنوب لبنان، في مقابل سحب سلاح حزب الله وإنشاء منطقة اقتصادية عازلة أو خالية من السكان، إلا الذين يتم منحهم تصاريح للبقاء. وأما الفكرة الأبرز فهي كيفية إدارة هذه المنطقة برعاية دولية، ومن خلال قوة تشكل ضمانة للجانبين. وفي هذا السياق، يبرز مقترح جديد يشبه إلى حد بعيد الصيغة المعتمدة في سيناء بين مصر وإسرائيل، والتي عمل الإسرائيليون على إنجازها، وهي اعتماد ترتيبات سيناء، أي أن تكون هناك شخصية ديبلوماسية أميركية تشرف على مراقبة تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار، وعلى كيفية إدارة الوضع في الجنوب، وفي هذه المنطقة الاقتصادية أو العازلة.