كتب أنطون الفتى في وكالة "أخبار اليوم":

ما هو سرّ هذه الرمادية، وتلك الضبابية والمراوغة، لدى كلّ الذين يحملون في يدهم مفتاح الفرَج للأزمة اللبنانية، في كل مرّة تصل فيها الأمور الى العمل على الأساسيات التي تسبّبت بالحصار، وبخنق لبنان؟ 

مساومة

فالى جانب عناوين كثيرة ممتازة، وضرورية، من بينها ضرورة الإلتزام بممارسة الدولة قرارها الحرّ وسلطتها على كامل أراضيها، أُغفِل في البيان الذي صدر عن الرؤساء السابقين للحكومات، في بيت الوسط أمس، ذكر النّقطة الأبرز التي لا يجب المساومة عليها، والتي يتوجّب وضعها كشرط من شروط العمل على تشكيل أي حكومة جديدة، وبَدْء العمل على حلّ الأزمة، وهي ضبط الحدود، ووقف التهريب. 

"رفع عتب"

الأربعة كانوا ضبابيّين، ووقفوا في المنطقة الرمادية تجاه تلك النّقطة، على غرار غيرهم من المسؤولين اللبنانيين، "عندما تحزّ المحزوزية". فالنّسخة اللبنانية من جهنّم تقوم في أساسها، وبالنّسبة الأكبر منها، على الفلتان الحدودي والتهريب. فلماذا يُعتَّم دائماً على هاتَيْن النّقطتَيْن؟ ولماذا تُذكران بمراوغة، أو بخجل، إذا ذُكِرَتا، وعلى سبيل "رفع العتب"، لا أكثر ولا أقلّ؟

من الصّقور

شدّد مصدر واسع الإطلاع على أنه "لو كان الدّعم للرئيس فؤاد السنيورة، أو للرئيس تمام سلام، لتشكيل الحكومة الجديدة، لكان ذُكِرَ في بيان الأمس، وبوضوح، ضرورة العمل على وقف التهريب، وضبط الحدود. ولكن بما أن الدّعم مُنِحَ للرئيس نجيب ميقاتي، لم يتمّ التطرُّق الى هذَيْن الأمرَيْن".

وأوضح في حديث الى وكالة "أخبار اليوم" أن "ميقاتي، والرئيس سعد الحريري، لا يُمكنهما أن يتبنّيا العمل على وقف التهريب، وضبط الحدود، بل سلام والسنيورة، وذلك نظراً الى أن الأوَّلَين يُرشَّحان للمهام في أزمنة التسويات والتوافقات والمفاوضات وتدوير الزوايا، وبما لا يُقلِق الفريق "المُمانِع" في الأمور الأساسية والحسّاسة".

وأضاف:"الرئيس سلام لا يقبل بأن يُحصَر بتلك الصّورة، فيما يبقى السنيورة مرفوضاً من فريق 8 آذار بشدّة، لأنه يُعتَبَر من الصّقور في مواجهة السياسات "المُمانِعَة". 

7 أيار

ولفت المصدر الى أن "تبنّي ترشيح ميقاتي يعني أن اللعبة السياسية القادمة في البلد، ستكون ضمن الحدود التي وضعها الفريق "المُمانِع"، بالإتّفاق مع المجتمع الدولي، ليس أكثر".

وتابع:"نحن نعيش ضمن تلك الخطوط الحمراء في الوقت الراهن. ولذلك، لا حاجة لدى أحد لمحاولة إظهار ما يُخالِف ذلك. فحياة الشعب اللبناني باتت مضبوطة على هذا الإيقاع أصلاً، منذ أشهر".

وختم:"لا يُمكن لمجلس الوزراء أن يتّخذ قراراً جدياً بضبط الحدود ووقف التهريب، بلا اتّفاقات وتسويات دولية، وإلا فإننا سنشهد صدامات داخل لبنان كلّه، أبعَد من تلك التي رأيناها في 7 أيار 2008".