ظلّ الثنائي: شنطة الخطيب وشعطة قبلان

في الوقت الذي اتجهت فيه الولايات المتحدة إلى المملكة العربية السعودية التي تتقدّم قاطرة صناعة المستقبل ومشروع التنمية والاستقرار في المنطقة والنظر إلى قضاياها بعيون الحداثة، يبقى لبنان في منطقة الظل. مشروع الدولة فيه بحاجة لحسم، لا لحوار وبوار. والحسم مؤجل أو بانتظار اضطلاع المسؤولين في سدّة الحكم بإلزامات المسؤولية.

في فترة المشاهدة الساكنة عندنا والانتظار الثقيل، يظهر ثنائي جديد على أنقاض سقوط دولة "حزب الله" الثنائية الحدّ. ثنائي الشيخ علي الخطيب والمفتي أحمد قبلان يملآن الفراغ بمثله.

الشيخ الخطيب حزم شنطته – غير الشنطة المليئة بالدولارات التي دخلت على اسم المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى. شنطة سفر هذه المرة. يمخر بها عباب السماء. يتوجّه شرقاً إلى إيران، بعكس رياح السياسة الدولية ومعالم تشكّل المشهد الجديد في المنطقة. يزدري في طريقه إلى مطار طهران، طائرة دونالد ترامب التي تحطّ في مطار الرياض.

وخطابه ومشروعه للبنانيين الشيعة، هو المسلّط على مجلسهم الإسلامي الأعلى، نقيض تام لمصلحة اللبنانيين الشيعة التي تقتضي الاندماج بالهوية اللبنانية وبالمشروع العربي للسلام في المنطقة، لا بأي مشروع ديني أو عقائدي عابر للحدود السياسية للدول على سبيل فرض الحرب الدائمة لتوسيع نفوذ إيران وولاية الفقيه المتمدّدة.

ومثل الشيخ علي الخطيب المعرّج بشنطته على أسفاره، حاملاً وجهاً لا نريده للشيعة اللبنانيين، المفتي أحمد قبلان مدجّج بشعطاته، مستغلاً أيضاً موقعه لأجندات حزبية لا تحاكي تطلّعات اللبنانيين الشيعة. في كلّ خطبة شعطة. وكذلك في كل موقف أو بيان أو تصريح. أصبح اليوم، يهاجم الغرب، نعم الغرب، وكلّ الغرب في هذه اللحظة بالذات. فكأنّي به يتسلّى، على مسمع السامعين، من موقعه الرفيع، بلعبة الفسطاطين وألاعيب الأولين. يهاجم قيم الليبرالية ورجس الحريات. ينقلب على مشروع الدولة، أي دولة، كجهاز ناظم للمجتمع. وكأنّي به يفتي، من جملة مناراته الفقهية، برجم إرث ماكس فيبر وفريدرش هيغل. ويقول للشيعة اللبنانيين: تمسّكوا بأسباب نكبتكم! واعتصموا بحبل مشنقتكم!

نحتاج اليوم لمشروع سياسي يخرج من الطائفة الشيعية بوجه الثنائي البائد "أمل - حزب الله" والثنائي الشارد المتمثل بشنطة الخطيب وشعطة قبلان. فيستعيد لبنان حاضنته العربية، ويكون جزءاً من مشروع السلام والاستقرار والنماء. ونحتاج لمشروع ثقافي يخرج من الفقه الشيعي ليحاكي الحداثة ومتطلباتها، ويصالح تمثلاتنا الاجتماعية مع قيم الاعتدال والإنسانية ونبذ التطرّف، ويبني القدرات الفردية كالتفكير الذاتي والحس الناقد والانفتاح على الناجز الحضاري للبشرية.