عزل سياسي ومجتمعي.. حزب الله يخسر حلفاءه

كشفت مصادر سياسية لبنانية، أن حزب الله بات يواجه تخبطا كبيرا في تحالفاته السياسية الكلاسيكية التي تعاني من شرخ كبير؛ وهو ما يجعله يعمل في الفترة الأخيرة على ترميم علاقته بالتيار الوطني الحر الذي كان حليفا رئيسا خلال السنوات الأخيرة، إلا أن المحاولة باءت بالفشل.

وأوضحت المصادر في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد، عمل مؤخرا على عقد اجتماعات مع رئيس التيار الوطني الحر، جبران باسيل، من أجل بحث الشرخ الذي ضرب التحالف بينهما وإمكانية الوقوف على نقاط مشتركة تتعلق بالتعامل مع انتخابات مجلس النواب المقبلة، لكنه لم يجد تجاوبا من باسيل.

وبيّنت المصادر، أن رعد وجد أن تفكك تحالفاته البرلمانية التي كانت حاضرة في الدورات النيابية الأخيرة والتي كانت منعكسة سياسيا بشكل إيجابي على تحكم "حزب الله" في الأغلبية البرلمانية، ستضرب نسبا كان يحققها في الاستحقاقات التي كان يخوضها لأكثر من 20 عاما.

رهان جديد

وأكدت المصادر، أن التيار الوطني الحر اعتمد فصل تحالفه مع "حزب الله"، ويعمل حاليا على ترتيب شكل جديد يراهن عليه في الفوز بأكبر قدر من المقاعد في الانتخابات القادمة.

وأضافت المصادر، أن فك هذا التحالف من جانب التيار الوطني الحر كان معتمدا مع توجه الدولة لسحب سلاح حزب الله، وسط ما يراه باسيل بأن المهمة المقبلة للتيار هي تصحيح المسارات الانتخابية والسياسية وتنويع تحالفاته التي يجري مفاوضات حولها مع من كان يدخل في مواجهات واشتباكات معهم، وقت تعاونه مع حزب الله.

عزل سياسي ومجتمعي

ويرى الباحث السياسي اللبناني قاسم يوسف، أن "حزب الله" لديه إشكالية في تحالفاته "حيث يغسل من اتفقوا معه في السياسات السنوات الأخيرة أيديهم من أي تعامل معه، في ظل تخوفهم من رد الفعل داخليا أو خارجيا، تجاه أي تعاون من جانبهم معه".

ويؤكد يوسف في حديث لـ"إرم نيوز"، أن "حزب الله" في الطريق إلى العزل السياسي والمجتمعي، وانعكس جانب من ذلك في ذكرى اغتيال أمينه العام السابق حسن نصرالله، من حيث عدد الحاضرين ومواقعهم ومناصبهم السياسية والحزبية في لبنان، لافتا إلى أن حلفاء حزب الله يدركون أنه انتهى عسكريا وسياسيا في الداخل اللبناني وإقليميا، وأنه لا فائدة من الرهان عليه.

صفقة انتخابية بعيدا عن حزب الله

وتابع يوسف بأن التيار الوطني الحر يبحث عن صفقة انتخابية بعيدا عن حزب الله لقطع علاقته نهائيا بالأخير في ظل بحث جبران باسيل عن أي مسار يساعده في رفع واشنطن لائحة العقوبات على التيار وأهم خطوة في ذلك فك الارتباط نهائيا مع "حزب الله".

وأردف، أن "حزب الله" يواجه صعوبة في إظهار قوته بعد أن بدأ حلفاء الأمس بالابتعاد عنه سياسياً وانتخابياً؛ ما يترك الحزب في وضع يجعله غير قادر على إيصال رسائله حول وجوده وقوته في الساحة السياسية، وهو ما يجعله يعمل على توجيه رسائل لحاضنته الشعبية مفادها أنه لا يمكن إقصاؤه من المعادلة السياسية وأنه لا يزال فاعلاً ومؤثراً.

فقدان التحالفات

فيما يقول المحلل السياسي اللبناني داني سركيس، إن عدم ذهاب "حزب الله" إلى إجماع بقية التيارات السياسية والأحزاب بنزع سلاحه في ظل اعتبار ترسانته ذريعة لإسرائيل لحرب شاملة على لبنان، أفقده الكثير من تحالفاته، خاصة أن سلاحه لم يستطع الدفاع عن قياداته أو تنظيمه، وتضرر منه لبنان كثيرا، ودفع أهل الجنوب الثمن الذين باتوا مهجّرين بفعل رهانات التنظيم.

وأضاف سركيس في حديث لـ"إرم نيوز"، أن "حزب الله" لا يريد أن يكون فصيلا طبيعيا يمارس الحياة السياسية مثل بقية الأحزاب والتيارات، حيث يرى أن حضوره على الساحة اللبنانية لا يكون إلا بالاحتفاظ بالسلاح على الرغم من أن لديه تمركزات شعبية في الكثير من المناطق، ولكنه اعتاد على فرض وجوده بالسلاح.

وأردف سركيس أن الأزمة أمام "حزب الله" لم تعد في حلفاء الأمس فقط، "ولكن من كانوا من جمهوره سواء من قلب حاضنته أو من كان يدغدغ مشاعرهم بخطاب إدعاء المقاومة، بعد أن فقد جزءا كبيرا من  أهل الجنوب منازلهم وحياتهم، وبات واضحا لمن كانوا يشجعونه سياسيا، أنه لا يضع في حسبانه لبنان نهائيا، وأن ما يحركه فقط القرار القادم من إيران".