المصدر: الجريدة
الخميس 7 نيسان 2022 19:36:15
كتب محمد عبدالله السبيعي في الجريدة الكويتية:
يمر لبنان منذ فترة ليست بالقصيرة بأزمة سياسية واقتصادية، تتوالى هذه الأزمات كموجات تتهادى على الشواطئ اللبنانية، ولا ميناء لنهايتها، ولا مرسى لحل دائم وفعلي، ولا مستقر لهذه الفوضى التي تعصف بهذا البلد الذي أنهكته أزمة تلد أزمة ولا حل!!
لبنان ينزف ألماً ووجعاً، لبنان مأسآة وحسرة لا تنتهي، وديان من الحزن ينزف، تسونامي من المآسي والخذلان، خذلان الحلم والأمل، حلم الوطن والمواطنة والهوية الثابتة المتفق عليها من كل الأطراف.
يلمح المراقب للشأن اللبناني هذه الأيام كمية استنزاف اليأس وتكرار مشهد الأوجاع والذل والهوان، سواء أمام محطات الوقود، أو أفران الخبز أو الصيدليات، أو انقطاع التيار الكهربائي، ويهان المواطن في أبسط حاجياته الأساسية التي من المفترض بدهياً أن يحصل عليها، تجاوز الدولار 24 ألف ليرة لبنانية، والتفكير الوحيد في ذهن الشباب اللبناني «كيف بدي فل، وأنفذ بجلدي من هالبلد»، للأسف سمعتها من أكثر من صديق وزميل، وصل اليأس مداه، وآهٍ من نهايات اليأس وفقدان الأمل.
قتل الطموح داخل كل شاب وشابة وأصبح الشغل الشاغل للشباب وهمهم الأكبر النفاذ بالأحلام والآمال إلى ديار أرحب وأوطان أوسع، وأصبح الحلم ماذا آكل غداً «وطعمي ولادي»، هل أجد رعاية صحية لائقة ترعاني وتهتم بي إذا اقتضى الأمر؟ وهل سأحصل على التعليم الجيد لأبنائي؟ وهل ستستمر الكهرباء بالانقطاع وأركن للمولدات الاحتياطية التي استنزفت جيوب المواطنين؟ فالحصول على المواد الغذائية بأسعار معقولة، ورعاية صحية لائقة، وتعليم جيد، وكهرباء 24 ساعة، أصبحت هي الحلم والأمل!!
أزمة الولاءات الخارجية لكل الأقطاب الإقليمية تأتي لتزيد الطين بلةً، وأصبح الهمّ الأكبر لكل طرف البحث في الملفات القديمة لخصومهم السياسيين ونشر الغسيل على بلكونات السوشال ميديا، حتى بات الأمر مخجلاً ومعيباً، ولا يليق بشركاء الوطن ومن يجمعهم سقف وطن واحد مهما وصلت الخلافات مداها خصوصاً في بلد لطالما آمن بحرية النشر والفكر.
لبنان الذي كان ملجأ وملاذاً لكل من ضاقت بهم ديارهم وأوطانهم، وضاقت بأفكارهم وآرائهم، لبنان أصبح في فترات مضت كالأم التي تأكل أبناءها... تكويهم بنارها ولظاها.
فيا سياسيي لبنان بكل مشاربكم وتوجهاتكم: ألا تشاهدون المآسي أمام أعينكم؟ ألا تشعرون بالألم والحسرة في عيون المواطنين، وأنتم الذين لطالما ختمتم مؤتمراتكم بـ»عشتم وعاش لبنان»؟! أم أن لبنان أدخل «العناية المركزية» حتى تتقاسموا وتتفقوا وتتحاصصوا؟! عشتم وأدخلتموه العناية الفائقة.