“عصِر” أسماء قبل جلسة 9 كانون الثاني

دَخَلت جلسة التاسع من كانون الثاني مدار “الإعصار” الذي ضَرب لبنان وسوريا لجهة السؤال الكبير حول جدّية انتخاب رئيس الجمهورية وسط الفوضى العارمة في المنطقة، وقبل  دخول الرئيس الأميركي المُنتَخب دونالد ترامب البيت الأبيض.

يؤكّد الرئيس نبيه برّي على حتمية انعقاد الجلسة في الموعد المحدّد وخروج الدخان الأبيض من مدخنة ساحة النجمة. وقد أسهم اجتماع سفراء اللجنة الخماسية مع برّي أمس، والحديث عن حَصر رقعة الأسماء، في تعزيز هذا التوجّه، لكنّ مداولات الكواليس كانت لا تزال تشي بصعوبة حسم الإسم قبل التوجّه إلى البرلمان.

عجقة اتّصالات واجتماعات ونقاشات غير مُعلنة زادت وتيرتها بشكل ملحوظ بعد الثامن من كانون الأول لحظة سقوط نظام بشار الأسد. بدا الجميع كمن ابتلع “منشّطات رئاسية” قادت مرة جديدة إلى جعل عين التينة، قبلة الأنظار والتفاهمات، ضمن سياق حوارات متقطعة، لكن مترابطة، بخيط الجلسة الرئاسية في 9 كانون.

الأمر المؤكّد أنّ محاور الجلسة الهامّة التي ذكرها السفير المصري علاء موسى، يأخذ النقاش فيها أكثر من مدّة الـ35 دقيقة التي استغرقها اجتماع عين التينة من ضمنها عبارات الترحيب والضيافة. لكن المؤكّد أكثر أن هذا الاجتماع أمّن الغطاء “الخماسي” لجلسة 9 كانون الثاني التي أعاد بري التأكيد أمام ضيوفه على أنّها “ستّتم في موعدها وعبر جلسة مفتوحة بدورات متتالية، وبأنّ المباحثات مستمرّة في شأن التوافق على إسم”. كما بدا هذا الاجتماع أقرب إلى “صيانة” لنشاط اللجنة الخماسية الذي فُرمل بالكامل بعد الأحداث الأخيرة.

مهلة حثّ

قبل أن يحطّ سفراء اللجنة الخماسية في عين التينة كان السفير المصري علاء موسى يتحدّث من معراب عن “أخبار إيجابية في المرحلة المقبلة”، في الوقت الذي كان التواصل اللبناني شغّالاً، خلف الكواليس، مع أعضاء “الخماسية” المكلّفة حلّ الأزمة الرئاسية.

يقول النائب آلان عون لـ”أساس”: “الحراك اليوم مطلوب من الجميع لكسر المراوحة، وحراكنا يأتي في السياق نفسه. ما يساعد في هذه اللحظة هي مهلة الحثّ في 9 كانون الثاني التي تحاصر جميع الكتل للوصول إلى اتّفاق، ما يدفع الجميع إلى التفاعل المباشر سعياً لتحقيق خرق في الجلسة المقبلة، أو تحسبّاً لحصول أي مفاجأة من جهة أخرى”.

يُذكر أنّ النائب عون هو ضمن تكتل نيابي جديد بات له، مع ثلاثة من نواب “التيار الوطني الحر” السابقين، هوية نيابية مستقلّة تسعى مع نواب وسطيين ومستقلّين وكتل نيابية أخرى للعب دور مؤثّر في الملعب الرئاسي الذي لم يعد حكراً على المحاور الكبرى التقليدية.

يقول عون: “ننطلق في نقاشاتنا من ثابتة أنّه بعد كل الأحداث الأخيرة والانقسامات الكبيرة التي رافقتها، يجب أن يأتي الرئيس نتيجة تقاطع الفريقين المتخاصميّن، بالإضافة إلى الكتل الوسطية. أمّا محاولة تركيب رئيسٍ من طرفٍ واحد، ولو “بغطاءٍ وسطي”، بخلفية تقاسم حصص وسيطرة على الرئاسة، فهذه جريمة بحقّ لبنان بعد التحوّلات التي جرت، وذلك عبر إعادة انتاج منظومة سلطوية تحكمها الذهنية نفسها التي أوصلتنا إلى وضعنا الحالي”.

أضاف عون: “بالتأكيد، هناك “شرق أوسط جديد” ينشأ، فهل يعقل أن يُفكّر البعض بعد بإعادة إنتاج التركيبات نفسها؟”، موضحاً أنّه “كما على المعارضة أن تقتنع أنه لا يجوز أن تستثني المكوّن الشيعي من الاتّفاق على الرئاسة، كذلك على الثنائي أن يقتنع أنّه محكوم بتوافق مع الفريق الآخر، وأن لا يعيد تكرار تجربة تقاطع “جهاد ازعور” التي أقصَته، فيقوم بمثلها بصيغة أخرى من طَرَفه”!

تأجيل؟

حتى يوم أمس كانت لا تزال المعطيات تؤكد توجّس المعارضة من جلسة 9 كانون الثاني وخوفها من “تهريبة ما” وتفضيلها التأجيل إلى ما بعد استلام ترامب، على اعتبار أن “الوقت لصالحها”. فيما سجّل تقارب هو الأول من نوعه، لناحية شموليته، بين “القوات” والكتائب وقوى مسيحية مع الرئيس بري، وتحرّكات رئاسية بكافة الاتجاهات برز منها على مستوى الكتل النيابية حراك “كتلة الاعتدال”، و”اللقاء النيابي التشاوري المستقل”، وكتل المعارضة وقوى سنية، إضافة إلى المداولات غير العلنية على خط الضاحية وعين التينة وكليمنصو.

في هذا السياق، تفيد معلومات “أساس” بأنّ النائب جبران باسيل اتّخذ قراره وأبلغه للفرنسيين، ولبري أمس، بعدم تبني مرشّح بعينه، بما في ذلك من يؤيّد انتخابهم كجورج خوري واللواء الياس البيسري وزياد بارود، بل “حراكنا يرتكز على التداول مع الجميع حول الأسماء التوافقية المحتملة، ولا مانع لدينا بأن يُعرض علينا أكثر من إسم، ونعطي رأينا من دون أن نلتزم بتبني أي ترشيح. سنصوّت على هذا الأساس في مجلس النواب بالرفض أو القبول”، كما يقول باسيل في مجالسه.

كما تفيد المعلومات، بأنّ باسيل يتوجّس من أي خيار رئاسي قد يتبنّاه ويتحمّل مسؤوليته في حال فشله، فيما سيكرّر أمام بري موقفه الحاسم برفض انتخاب قائد الجيش العماد جوزف عون رئيساً للجمهورية، وتأكيده ضرورة عدم السير بتعديل الدستور من أجل وصوله، أو تكرار تجربة انتخاب ميشال سليمان بعدم الركون إلى خيار التعديل والاتّكاء على نصاب الـ86 صوتاً.