عقبات في مسار التمديد لليونيفيل

مع اقتراب موعد الحسم بشأن مصير قوات الطوارئ الدولية العاملة في جنوب لبنان «اليونيفيل»، يترقّب الداخل والخارج قرار مجلس الأمن بخصوص تجديد ولايتها التي تنتهي في 31 آب الجاري، في ظل مشاورات دبلوماسية مكثفة بين باريس وواشنطن، وضغوط إسرائيلية متصاعدة للدفع نحو إدخال تعديلات جوهرية على مهامها أو تقليص حجمها، ما يجعل هذا الاستحقاق اختباراً حسّاساً للتوازنات الدولية والإقليمية حول لبنان.

أما داخلياً، فقد أكدت الحكومة اللبنانية التزامها الكامل بتمديد ولاية «اليونيفيل» دون أي تعديل، معتبرة وجودها ضروريا للحفاظ على الاستقرار في الجنوب ودعم الجيش اللبناني في بسط سلطة الدولة، وهي كانت شدّدت في رسالتها الرسمية إلى الأمين العام للأمم المتحدة ورئاسة مجلس الأمن، على التزام لبنان الكامل بتنفيذ القرار 1701، وعلى أهمية حصر السلاح بيد الدولة وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي اللبنانية، مشيرة إلى الثقة التي تحظى بها «اليونيفيل» لدى أهالي الجنوب ودورها في تعزيز الأمن والاستقرار.

مصادر دبلوماسية تعتبر عبر «اللواء» بانه علينا أن ننتظر نتائج جلسة المشاورات المغلقة لمجلس الأمن الدولي التي ستعقد في 18 آب لبحث طلب الحكومة اللبنانية تمديد ولاية «اليونيفيل» لمدة عام إضافي حتى 31 آب 2026، مشيرة الى انه من المقرر أن يتم التصويت على مشروع القرار في 25 من الشهر نفسه، علما انه سيسبق هذا الموعد اجتماعات تنسيقية بين الدول الـ47 المساهمة في البعثة وأعضاء المجلس، لتجديد التزاماتها حيال حجم المشاركة وأدوارها ضمن القوة المؤقتة المؤلفة حالياً من نحو 10,500 عنصر.

ولفتت المصادر الى أن لبنان يسعى إلى التجديد التقني لهذه القوات وفق القرار 1701 الصادر عام 2006، والذي يشكّل الإطار القانوني لعمل «اليونيفيل».
ولكن في المقابل ، تتوقّع المصادر بأن يواجه مسار التمديد عقبات، أبرزها الضغوط الأميركية - الإسرائيلية الرامية إلى تعديل التفويض الممنوح لهذه القوة، بما يمنحها حرية حركة أوسع في الجنوب، ويقلّص من شرط التنسيق المسبق مع الجيش اللبناني، مع احتمال كبير بأن يكون التجديد لمرة واحدة وأخيرة، تمهيداً لإعادة النظر الجذرية في دور هذه القوات لاحقاً.

وتلفت المصادر الى التحرك الفرنسي الأخير باتجاه عدد من المسؤولين اللبنانيين، حيث أبلغهم القائم بالأعمال الفرنسي في لبنان برونو بيريرا دا سيلفا الصعوبات المحتملة التي قد تعترض مسار التمديد هذا العام، وأن الصيغة التي قد تعتمد هي التمديد لسنة واحدة مع بقاء احتمال إدخال تعديلات على مهام البعثة قائماً.

علما ان باريس هي من تتولى صياغة مشروع القرار بصفتها «حاملة القلم» لشؤون لبنان في مجلس الأمن، كما انها تقوم بمشاورات مستمرة ومكثفة مع الولايات المتحدة، في محاولة منها للتوصل إلى صيغة وسط تحفظ التوازن بين متطلبات الأمن على الحدود الجنوبية، وحساسية الوضع السياسي في الداخل اللبناني.

كما تلفت المصادر الى ان إسرائيل تدفع من ناحيتها باتجاه إنهاء التفويض «لليونيفيل»، وهي تعمل للتأثير على الموقف الأميركي بحجّة عدم فاعلية القوة في منع تهريب السلاح، ورغم ان الولايات المتحدة تشاطر الى حد ما إسرائيل في مواقفها، ولكن يبدو وبحسب المصادر بان العامل المالي لدى الولايات المتحدة هو الأساس في ظل تقليص حصتها في تمويل بعثات حفظ السلام الأممية.

ولكن بحسب المصادر فانه لا يمكن الفصل أيضاً بين ملف التجديد «لليونيفيل» وبين التطورات الميدانية والسياسية التي شهدها لبنان منذ وقف الأعمال العدائية في 27 تشرين الثاني 2024، مروراً بموافقة الحكومة اللبنانية على خطة المبعوث الأميركي توم برّاك لحصر سلاح «حزب الله» والفصائل المسلحة الأخرى بيد الدولة ضمن جدول زمني محدد، وهو ما سيشير إليه أيضا مشروع القرار الفرنسي في هذا الإطار.

في المحصلة، يقف لبنان اليوم أمام سباق دقيق بين الجهود الفرنسية لتمرير تجديد ولاية «اليونيفيل» من دون تعديلات جوهرية، وبين الضغوط الإسرائيلية - الأميركية الرامية إلى إعادة صياغة دورها بما يتلاءم مع التغيّرات الميدانية. وإذا كانت أغلب التقديرات ترجّح حصول التمديد في اللحظة الأخيرة، فإن طبيعة التعديلات إن وجدت ستكون مؤشراً حاسماً على اتجاه السياسة الدولية في التعاطي مع الملف اللبناني في المرحلة المقبلة.