المصدر: الوكالة المركزية
الكاتب: طوني جبران
الأحد 11 أيار 2025 10:51:50
كشفت مصادر ديبلوماسية عربية لـ "المركزية" بأن التحضيرات الجارية لاستكمال الجولة الخليجية والعربية التي ينوي رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون القيام بها ستشمل القاهرة وبغداد في مرحلة تلي زيارته الكويتية اليوم بنية اعادة وصل ما انقطع بين لبنان والعالم العربي بعد فترة طويلة من خلو سدة الرئاسة، امتدت على مدى 26 شهرا، غاب عنها لبنان عن موقعه الرئاسي في قمتين عربيتين سنويتين دوريتين واقتصرت المشاركة خلالها على مستوى رئيس الحكومة. وهو ما ابقى لبنان على هامش أولويات العرب والخليجيين قبل ان تتسبب موجة تهريب الكابتاغون السوري المدسوس في صادرات الليمون والرمان والشاي وشسيات الشاحنات بمزيد من أشكال القطيعة السعودية والخليجية شبه الشاملة، اثر اكتشاف خط نقلها اليها مباشرة، أو عبر دولة ثالثة معظمها كانت دولا افريقية، فازداد الشرخ بين لبنان وبعض الدول الخليجية وبات ضروريا إستعادة موقعه على لائحة اولوياتهم.
على هذه الخلفيات وتحت هذه العناوين، تندرج زيارة الرئيس عون اليوم الى الكويت بعد ان شملت في وقت سابق المملكة العربية السعودية التي استهل بها مسلسل زياراته الخليجية قبل ان يزور إمارة قطر ودولة الإمارات العربية المتحدة لينتهي من جولته على الدول الشرقية من دول مجلس التعاون الخليجي العربي والتي تسبق الزيارة المقررة الى القاهرة في بداية الثلث الأخير من أيار الجاري قبل ان يزور العراق تلبية لدعوة رسمية تلقاها للقيام بهذه الزيارة في وقت قريب لا يتجاوز الشهر الجاري أو مطلع حزيران المقبل على أبعد تقدير.
وانطلاقا من هذه المؤشرات، قالت المصادر الديبلوماسية ان الهدف من جولة الرئيس عون الى الكويت هو نفسه الذي قاده الى دول المنطقة وللتعبير عن شكره لمسلسل المبادرات الكويتية الذي انطلق من وعدها باعادة بناء اهراءات مرفأ بيروت في أعقاب عملية تفجير المرقا في 4 آب 2020 وهي التي كانت قد مولت بناء الاهراءات المدمرة عام 1964، ولكن الظروف السياسية والامنية حالت دون إطلاق هذه المبادرة التي ما زالت مطروحة . والى ذلك تستحق الكويت الشكر ولو في توقيت متأخر على مبادرة كويتية اخرى. فوزير خارجيتها قاد أولى المبادرات التي أعادت العلاقات ولو بشكل جزئي بين مجموعة دول مجلس التعاون الخليجي ولبنان في الثلث الأخير من شهر كانون الثاني مطلع العام 2022 عندما حمل الى لبنان ما عرف بـ "الورقة الكويتية" التي اقترحت على لبنان القيام ببعض الإجراءات لفك العزلة الخليجية بعد اكتشاف موجات تهريب الكابتاغون إليها والامارات والسعودية والتي ساهم تنفيذ بعضها باعادة العلاقات بشكل جزئي لم تصل الى السماح لابناء هذه الدول بزيارة لبنان حتى الأمس القريب.
ولا ينسى للكويت حصرها للترددات التي نشأت في اعقاب اكتشاف ما عرف بـ "خلية العبدلي" التي اتهمت فيها مجموعة من "اللبنانيين الشيعة" بالتحضير لاعمال شغب وتشكيل مجموعات مسلحة في الكويت بتحريض من "حزب الله" فبقيت ردات فعلها محصورة بالمتهمين ولم تصل الى اصابة او محاسبة اي من افراد بيئتهم المذهبية وباقي اللبنانيين المتعاطفين مع الحزب في تلك المرحلة.
وقالت المصادر ان الرئيس عون كان صريحا في ما كشفه عشية زيارته للكويت بإعلانه ان الهدف منها شكرها على الدعم للبنان وعلى استضافتها للجالية اللبنانية، مشددًا على أن وجودها أساسي على الصعيد الدبلوماسي والاقتصادي والانمائي. إضافة الى طمأنة الكويتيين الذين لم يعودوا الى لبنان بشكل منظم وموسع منذ عامين تقريبا، ويؤكد لهم "أن الدولة موجودة في كل لبنان وأن قرار حصر السلاح اتخذ ويبقى موضوع كيفية التنفيذ موضحًا أن الموضوع يحل بالتشاور ولا نريد أي صراع عسكري".
ونضيف: ثمة من قرأ في توقيت الزيارة جوانب مختلفة، فاستعجال الرئيس عون لجولته الخليجية يستبق توقعات بامكان التوصل الى انفراجات واسعة في المنطقة ولبنان، ذلك ان الرهان على نتائج زيارة الرئيس الاميركي دونالد ترامب الى مجموعة دول الخليج العربي تنبىء بإمكان إطلاقه مبادرة كبيرة ستقود الى انفراجات في أكثر من نقطة متفجرة ولا سيما في غزة ولبنان واليمن وهي مرحلة ان عبرت ستكون لها ارتدادات سريعة على الوضع في لبنان ويشكل الانفتاح على هذه الدول بابا واسعا يفتح الطريق الى مجموعة من المبادرات الخليجية تجاه لبنان على شكل استثمارات مالية. فلبنان كما قال الرئيس عون امس لا يريد هبات مالية انما يصر على تعزيز الاستثمارات في القطاعات الحيوية بطريقة لا ترهق لبنان ولا تزيد من ديونه الخارجية بقدر ما هو يحتاج الى ما يقود الى تكبير حجم الاقتصاد اللبناني وضخ أموال فريش في هذه القطاعات بهدف تجاوز حالة الانكماش الاقتصادي وتسهيل الخروج من الازمة النقدية بوسائل لا تتطلب ما هو مفقود على الساحة اللبنانية.
وعند الدخول في هذه التفاصيل تتوسع المصادر الديبلوماسية لتقول ان اي انفراجات محتملة على الساحتين السورية والفلسطينية ستنعكس حتما على الوضع في لبنان. والى تلك المرحلة على لبنان ان يكون جاهزا للقيام بما هو مطلوب منه على مستوى الاصلاحات الادارية والمالية واستكمال ما بدأ به. ذلك ان ما أنجز حتى اليوم لن يدوم طويلا ولن تكون نتائجه مضمونة ما لم تتزامن مع التوصل الى اتفاق مع "حزب الله" ليتحول الى المجالات السياسية بعد تسليم سلاحه في خطوة تلي السلاح الفلسطيني ليستقر الوضع الداخلي بطريقة يستعيد من خلالها لبنان ما افتقده من الثقة الخارجية والداخلية بالدولة ومؤسساتها.
ويراهن اركان العهد الجديد على مجموعة من المبادرات الايجابية التي يوحي بها تقدم الخيارات السياسية والديبلوماسية على العسكرية في أكثر من منطقة متوترة. وهو أمر قد يكون قريبا إن صحت السيناريوهات التي تتحدث عن المبادرات التي وعد بها الرئيس الأميركي في زيارته المقبلة منتصف الاسبوع الجاري الى دول الخليج العربي والتي ستكون مناسبة للكشف عن التوجهات الاميركية الجديدة الهادفة الى التحول نحو مجموعة من الخطوات السلمية التي تضع حدا للازمة الانسانية المتفاقمة في غزة واستكمال ما هو مطلوب من انسحاب اسرائيلي مما تبقى من النقاط المحتلة في لبنان لاستكمال المسارات المطلوبة على الطريق الى مرحلة من التعافي والانقاذ طال انتظارها.