المصدر: النهار
الأحد 12 تشرين الثاني 2023 06:38:00
جاء في صحيفة النهار:
على وقع مقرّرات القمة العربية الإسلامية المشتركة في الرياض التي شكّلت أوسع إدانة للمجازر الإسرائيلية في غزة من مجموعة كبيرة من الدول واتخاذ مجموعة قرارات متشددة وحازمة لوقف هذه المجازر وفرض فك الحصار عن القطاع وفتح الممرات الإنسانية والمطالبة بوقف تزويد إسرائيل بالأسلحة إلى سواها من مقرّرات، لم يخرج الوضع اللبناني عن أطر المعادلة الميدانيّة والسياسيّة التي تحكم الوضع في الجنوب حيث تتّسع رقعة المواجهة بين "حزب الله" وإسرائيل بشكل متدرّج أخيراً ولو لم تصل إلى حدود التهديد بمواجهة شاملة بعد.
ذلك أنّ الكلمة الثانية التي ألقاها الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله بدت بمثابة تثبيت واستكمال لمعادلة المشاغلة والمساندة التي أعلنها في كلمته الأولى وهذه المرّة تحت عنوان أنّ "الكلمة والقرار للميدان في معركة مراكمة الإنجازات" الأمر الذي يعني المضيّ في الواقع الميداني السائد الذي أسهب نصرالله في تحديد نوعية التصعيد في المواجهة ان في السلاح أو في العمق أو في الكثافة القتاليّة. وثمّة انطباعات أنّ الكلمة التي جاءت متزامنة تماماً على وقع القمّة العربيّة الإسلامية انطوت على نهج واضح يوحي باستمرار المواجهة جنوباً على النحو الذي طبع الأيام الأخيرة في انتظار الاختبار المقبل الذي تحدّده التطوّرات في غزة. فلا تراجع في المواجهة بل تدرّج حذر يرتبط بالعمليّة الديبلوماسية الحارّة التي لا بدّ أن تتحدّد معالمها بعد القمّة وتأثيرها على مجريات الحرب في غزة.
وفي كلمته لمناسبة "يوم الشهيد" خصّص نصرالله معظم مواقفه للإسهاب في وصف كلّ ساحة من ساحات المساندة لغزة في المنطقة وتوجّه إلى الولايات المتحدة الأميركية قائلاً: "إذا أردتم أيها الأميركيون أن تتوقّف العمليّات في جبهات المساندة وألّا تذهب المنطقة إلى حرب إقليمية، عليكم أن توقفوا العدوان والحرب على غزة".
أمّا في شأن الجبهة اللبنانية فأكّد "إنّ عمليّات "المقاومة" الإسلامية مستمرّة على الرّغم من كلّ إجراءات الاحتلال الوقائية". وقال أنّه "على الرّغم من المسيّرات المسلّحة للعدو، وهي سلاح جديد لم تكن في عدوان تمّوز، فإنّ العمليّات مستمرة وهي بمثابة عمل استشهادي".
في المقابل كان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي يلقي كلمة لبنان الرّسمية أمام القمّة العربيّة الإسلامية معتبراً أنّه: "في هذه اللّحظة التي تجمعُنا في بلاد الحرمين الشريفين، نحن مدعوون إلى التضامن والعمل المشترك من أجل إنقاذ فلسطين وغزة. كلنا استعرضنا الوضع الكارثي، ولكن علينا أن ننتقل الى مربع القرار. فغزة تستغيثكم فلا تردوها خائبة".
وقال ميقاتي: "إنّ ما يشهده جنوب لبنان حاليّاً من أحداث، وإن اعتُبِرَتْ في العمق صدىً للمآسي في قطاع غزة، ليست في حقيقتِها سوى نتيجةٍ لتفاقم اعتداءات إسرائيل على السيادة الوطنية وخرقها المستمر والمتمادي للقرار الدولي رقم 1701. ولقد بادرت شخصيّاً منذ اندلاع أحداث غزة إلى إطلاق النداءات العلنية للحفاظ على الهدوء ولضبط النفس على الحدود الجنوبية، ووجَّهْتُ التحذيراتِ، من تمدد الحرب التدميرية في غزة إلى جنوب لبنان، ومنه إلى المنطقة".
وأضاف: "إنّ خيارنا في لبنان كان ولا يزال هو السّلام، وثقافتنا هي ثقافة سلام مبنيةٌ على الحق والعدالة وعلى القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية. لكننا شعب ما رَضِي، ولن يرضى بالاعتداءات على سيادته وعلى كرامته الوطنية وسلامة أراضيه، وعلى المدنيين من أبنائه، وبخاصة الأطفال والنساء.
وبالرغم من كل هذا وذاك، نُجدّد اليوم أمامكم التزام لبنان الشرعية الدولية - لا سيما القرار 1701 - ونُشدّد على ضرورة الضغط على إسرائيل لتنفيذ كافة مندرجاته وإلزامها بوقف استفزازاتها وعدوانها على وطننا".
يُشار الى ان ميقاتي التقى الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي على هامش القمة واكد رئيسي خلال اللقاء أنَّ "فصائل المقاومة في لبنان وغزة لا تخضع لإيران ولا تتلقى الأوامر منها"، مشيراً إلى أن تلك الفصائل مستقلة في قرارها وعملها.وقال إن "أساس المقاومة هو الردع ومنع الإعتداءات الإسرائيلية"، مشيراً إلى أن "إجراءات حزب الله في جنوب لبنان مبنية على الحكمة والعقلانية"، وأضاف: "مع ذلك، يجب التأكيد على أن الكيان الإسرائيلي لا يفهم سوى بلغة القوّة".
اما على الصعيد الميداني فإن الوضع في الجنوب حافظ امس على نسبة عالية من التصعيد والمواجهات . وأعلن "حزب الله" انه استهدف ثكنة راميم (قرية هونين اللبنانية المحتلة) بالأسلحة الصاروخية وحقّق فيها إصابات مؤكدة. كما استهدف قوة مشاة مؤلّلة في تلة الكرنتينا في منطقة حدب يارون وحقّق فيها إصابات مؤكدة. كما استهدف موقع حدب البستان بالأسلحة الصاروخية وحقّق فيه إصابات مباشرة . واستهدف موقع الجرداح بالقذائف المدفعية وحقّق فيه إصابات مباشرة، ايضا استهدف موقع الرادار في مرتفعات شبعا وموقع المطلة فرد الجيش الاسرائيلي بقصف مدفعي لتلة الحمامص وأطراف الخيام والعديسة.
في المقابل تعرضت منطقة اللبونة في رأس الناقورة لقصف مدفعي مركز. كما استهدف القصف المدفعي الاسرائيلي محيط عدد من القرى في منطقتي مرجعيون وبنت جبيل. وتعرضت أطراف بلدتي الضهيرة والجبين في القطاع الغربي، لقصف مدفعي كما تعرضت أطراف بلدة عيتا الشعب واطراف مجدل زون لغارات. وافيد ان أطراف الضهيرة والناقورة وجبل اللبونة في القطاع الغربي تعرضت لقصف عنيف ما ادى الى المزيد من النزوح. الى ذلك، افيد ان مسيرة اسرائيلية استهدفت سيارة بيك أب في احد البساتين في منطقة البراك في منطقة الزهراني على الساحل اللبناني شمالا، في وقت اعلن الجيش الإسرائيلي ان "طائراتنا أغارت على أهداف لـ"حزب الله" بعمق 40 كيلومترًا داخل لبنان. اما الجديد في الواقع الميداني أيضا فتمثل في اعلان حركة "امل" عن استشهاد شاب وجرح اثنين آخرين من ضمن مجموعة تابعة للحركة بعد استهدافهم من مسيّرة للجيش الاسرائيلي في القطاع الشرقي. ونعت "أمل"، للمرة الاولى٦ "الشهيد علي جميل الحاج داوود الذي استشهد بعد تعرض أحد مواقع الحركة في بلدة رب ثلاثين الجنوبية الى اعتداء مباشر من العدو الإسرائيلي".
وردا على خطاب السيد حسن نصرالله قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو : "حذّرت حزب الله من الخطأ والدخول في الحرب ومستعدون للتحرّك في كل الجبهات وخصوصاً الشمالية".
ومن جهته، اعتبر وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت أن "حزب الله يلعب بالنار" معلنًا أن "القوات الإسرائيلية على الأرض مستعدة لكل مهمة في الشمال".
وفي تصريح سابق، قال غالانت إن حزب الله يقترب من "ارتكاب خطأ كبير"، مهددا بأن ذلك سيؤدي إلى تحويل بيروت إلى غزة ثانية. وجاء حديث يوآف غالانت خلال جولة على الجبهة الشمالية على الحدود مع لبنان، حيث التقى عناصر الفرقة 91.
وقال في تصريحات نقلتها وسائل إعلام إسرائيلية "أنا أقول من هنا لمواطني لبنان، أنا أرى مواطني غزة يسيرون وهم يحملون الرايات البيضاء ويسيرون على طول الشاطئ جنوبا. حزب الله يجر لبنان الى حرب قد تندلع، وهو يرتكب الأخطاء واذا ارتكب هذه الأخطاء هنا فمن سيدفع الثمن أولا هم مواطنو لبنان، وما نقوم به في غزة نعرف كيف نكرره في بيروت" . وأضاف:"طيارونا يجلسون داخل قمرات الطائرات المستعدة للتوجه للشمال ، لدينا كل ما يلزم لنفعل نفس ما نقوم به في الجنوب. سلاح الطيران قوته هائلة، ونحن لم نستخدم عشرة في المائة من تلك القوة في غزة".