المصدر: وكالة الأنباء المركزية
الكاتب: يولا هاشم
الجمعة 3 كانون الثاني 2025 16:26:00
أكدت تركيا أنها ستعمل على إقامة علاقات استراتيجية مع الإدارة السورية الجديدة برئاسة أحمد الشرع، وسيتم إعداد خريطة طريق لتلبية احتياجات الدفاع والأمن في المرحلة الانتقالية. وأعلنت وزارة الدفاع التركية أنها تُجري تقييمات مستمرة بشأن مستقبل نقاط المراقبة التابعة لها في محافظة شمال غربي سوريا، بما في ذلك احتمال إغلاق أو تقليص عدد هذه النقاط، مشيرة إلى أن المحادثات مع الجانب السوري تتواصل، مشددة على أهمية إقامة علاقات إستراتيجية بين البلدين لضمان الاستقرار في المنطقة. لكن ثمة تساؤلات حول ما إذا كان النفوذ التركي سيحلّ محلّ نظام بشّار الأسد، كون تركيا أهم فائز جيوإستراتيجي مباشر مما تشهده سوريا.
العميد المتقاعد ناجي ملاعب يؤكد لـ"المركزية" ان "تركيا لاعب إقليمي كبير لكنها لا تمسك بيدها القرارات الحاسمة في المنطقة. يكفي النظر إلى كيفية تعاملها مع الاكراد وخوفها من أن يكون لأكراد سوريا نشاط في حزب العمال الكردستاني المحظور تركياً والموضوع على لائحة الارهاب، حيث قامت بثلاث عمليات في المنطقة الكردية- السورية وهي "درع الفرات" و"غصن الزيتون" و"نبع السلام"، نجحت في بعضها لكنها لم تحسم المعركة، أولاً لأن الاميركيين لديهم 8 قواعد في مناطق قوات سوريا الديمقراطية اي ان هناك خطوطاً حمراء على التقدّم التركي والحصول على مطلب ان يُبعَد الاكراد عن الحدود التركية -السورية مسافة 30 كلم، هذا وضع صعب تنفيذه. وثانياً، حتى عندما دخلت روسيا الى الجو السوري وحاولت مع الاتراك القيام بعمليات خفض التصعيد، وشاركت تركيا روسيا في إطفاء أماكن الاشتعال التي كانت ما بين المعارضة السورية المسلحة والجيش السوري، صحيح أنها أسهمت في نقل الكثير من المقاتلين وعائلاتهم الى إدلب لكنها في الوقت عينه قامت بالمشاركة في دوريات مشتركة على الخط الدولي الـM4 والـM5 مع القوات الروسية واحتفظت على هذا الخط بتواجد لها، لكنها لم تحسم اي أمر في هذا الاتجاه. المعروض اليوم، هو ان قوات سوريا الديمقراطية وافقت على تمركز قوات من الجيش السوري الجديد على الحدود ما بين تركيا وسوريا، اي الحدود التي تنتشر عليها قوات سوريا الديمقراطية".
لكن ما هو الموضوع الذي يشغل تركيا؟ يتابع ملاعب: "هو فرملة اي تواصل بين أكراد سوريا وأكراد تركيا. أكراد سوريا لا يتجاوز عددهم المليوني نسمة في حين ان أكراد تركيا يصل عددهم الى عشرين مليون نسمة، وبالتالي، إذا كان لدى العشرين مليونا ظهير عسكري في سوريا فهذا يشكل خطراً على تركيا، لكن رغم كل ذلك لم بُحسَم الامر بعد، وأعتقد بأن القرار الذي نُفِّذ في سوريا روسي -اميركي -تركي ولحق بهم الايراني. لم يكن منسقا مع الايراني لكن إذا عدنا الى مرحلة سابقة فإن روسيا حاولت إصلاح الإدارة السورية لكنها لم تفلح بحسب كلام صادر عن الروس. وعلى اعتاب ما حصل، سحبت روسيا، التي على ما يبدو كانت على علم بذلك، كل قطعاتها الجوية والبحرية من قاعدتيها في حميميم واللاذقية. وثمة حديث عن مقايضة ما بين سوريا وليبيا، ومن غير المعلوم بعد ما إذا كان النفوذ الروسي سينمو في ليبيا على حساب التركي، وان يكون النفوذ التركي بديلا للروسي. باختصار، لم يستطع الاتراك سابقا حسم الأمر في سوريا أكان من خلال التعاون مع الروس أو الاميركيين".
ويعتبر ملاعب "أننا اليوم امام وضع جديد، الاتراك بيدهم الامر لكن ما يعنيهم هو التعامل مع الاكراد وقد بدأت تباشير عن حل ما مع الاكراد. ان يزور وفد من حزب "الديمقراطية والمساواة للشعوب" المؤيد للأكراد في تركيا، زعيم حزب العمال الكردستاني السجين عبدالله اوجلان المحكوم بالسجن مدى الحياة في سجنه قرب اسطنبول والكلام الذي نُقل عن اوجلان انه يوافق على تواصل الشعبين الكردي والتركي مستقبلا وان يتخلى الاكراد في سوريا عن سلاحهم مقابل تعاون كردي -تركي. هذا الكلام قوبل من قبل الإدارة الجديدة في سوريا بالقول أن الاكراد مكوّن اساسي من مكونات الدولة السورية وظُلِموا سابقاً ونحن مستعدون للتعاون معهم. وقد حصل اجتماع بين الاكراد والادارة الجديدة برعاية اميركية. ويضاف الى ذلك ما بدر عن صالح مسلّم، السياسي الكردي، بأننا مستعدون بأن نكون جزءا من الجيش السوري مستقبلا بما نختزن من تدريب وخبرة في ان نكون نواة هذا الجيش".
ويرى ان "ما يعني أنقرة ان مستقبل الحكم في سوريا لن يكون في حال عداء مع تركيا. يبدو ان إبعاد الايرانيين من سوريا وكذلك الروس الذين لم يعودوا فاعلين، ثمة هيمنة تركية على الوضع الجديد خصوصا ان تركيا تختزن قادة إسلاميين وتوجهها إسلامي، ومن يحكم في سوريا حديثا هم من كانوا تحت الهيمنة التركية، وهذا واضح".
ويتابع: "سنشهد في الايام المقبلة اهتماما تركيا أكبر في سوريا، حتى ان احد المصارف التركية عرض افتتاح فرع في سوريا، لأن المنطقة التي كانت تحت الهيمنة التركية، أي إدلب، كان التداول فيها يتم بالليرة التركية واللغة الثانية في المدارس كانت التركية والمخافر كانت بإشراف الاتراك. إلى أي مدى سيُعطى هؤلاء في المرحلة الانتقالية ترسيخ سلطة مُقرّبة من الأتراك تمهيدا لقيام دستور جديد ذي طابع إسلامي، بدأ الكلام عن تغيير المناهج الدراسية. هناك نفي، انه لم يطل امورا اساسية في البلد واكتفى فقط بإلغاء ما يمثله العهد السابق في المعاهد الدراسية.
ويختم ملاعب: "ان يُفرَض قادة غير سوريين في الجيش الجديد في سوريا ،هذا لم يكن ليحصل ما لم يكن مطلباً تركياً بأن يكون توجه إسلامي. فكما ان حزب "العدالة والتنمية" يحكم في تركيا ان يكون في سوريا حزب مماثل او حتى صيغة مماثلة. عسى الايام تكشف عكس ذلك لكن هذا الواقع حتى الآن".