المصدر: الأخبار
الثلاثاء 8 أيلول 2020 07:07:25
مع إقفال مطمر الجديدة في 14 الجاري، وبعده كوستابرافا، وتدمير معامل الفرز والتخمير في الرابع من آب، وزيادة حجم النفايات بسبب الردميات الناجمة عن تفجير المرفأ... سيكون البلد على موعد، بعد أسبوع، مع أزمة نفايات أكثر حدّة من كل سابقاتها، وتصل إلى حدّ الكارثة
أيام قليلة، ويبلغ مطمر الجديدة طاقته الاستيعابية القصوى، لتعود قضية النفايات إلى ما قبل المربع الأول. المطمر الذي مُدّد له ثلاثة أشهر وتقرّر رفع مستواه متراً ونصف متر، لطمر نصف نفايات بيروت وجبل لبنان، امتلأ إلى آخره من دون إيجاد بديل!
مجلس الإنماء والإعمار أبلغ من يعنيهم الأمر في رئاسة مجلس الوزراء ووزارة البيئة بأن المطمر سيقفل في حلول 14 الجاري، ما يعني أن أكثر من ألف طن من النفايات المنزلية الصلبة يومياً ستبقى في الشوارع، كما في كل مرة! إلا أن الكارثة هذه المرة أخطر بما لا يقاس، إذ أن الأمر لا يقتصر على انتهاء القدرة الاستيعابية للمطامر فحسب، بل يترافق مع تدمير معامل الفرز والتخمير في الكورال والكرنتينا بسبب تفجير المرفأ. وتُقدر كلفة إعادة تأهيل هذه المعامل وتشغيلها بنحو سبعة ملايين دولار غير متوفرة وسط حالة إفلاس عام، إضافة إلى 56 مليون دولار كانت مطلوبة لتطوير معامل الفرز واستكمال معمل التخمير في مطمر كوستابرافا الذي يشارف، أيضاً، على بلوغ قدرته الاستيعابية القصوى بعد توسيعه مرتين من دون إنجاز معمل التخمير الموعود.
ويزيد الأمور سوءاً أن توقف المعامل عن العمل منذ شهر تقريباً، بعد الانفجار الكارثي، زاد بشكل كبير من نسبة النفايات التي تذهب إلى مطمرَي الجديدة وكوستابرافا، إذ بات الأول يستقبل، يومياً، نحو 1300 طن من النفايات بدل ما بين 500 و 800 طن، وتجاوز حجم النفايات التي يستقبلها كوستابرافا يومياً الـ 1500طن بدل 1000 طن، إضافة إلى 750 طناً يومياً كانت تذهب إلى معامل الفرز والتخمير. وترافق ذلك مع كمية ضخمة من الردميات والزجاج نجمت عن التفجير ورُميت في مستوعبات شركات الجمع، وكمية أضخم تم تجميعها في أماكن عشوائية بانتظار معالجتها بشكل آمن، علماً بأنها تتضمّن نفايات خطرة (وليست ردميات عادية) تحتاج إلى معالجة وإدارة خاصة! أضف إلى ذلك كله، تراجع نوعية الأعمال للشركات الملتزمة الكنس والجمع والطمر بعد تدهور سعر صرف الليرة وأزمة العمال الأجانب في هذه الشركات الذين يطالبون بتسديد رواتبهم بالدولار وتأخر الدولة في تسديد المستحقات للشركات (كشفت مصادر متابعة أن المناقصة التي أجريت لإقفال مكبّ طرابلس القديم وإعادة تأهيله عبر سحب الغازات والعصارة منه وتدعيم حائط الدعم لم يتقدم إليها احد بسبب فروقات الأسعار والخلاف على كيفية تسعير الدولار).
مع هذا كله نكون أمام مشكلة متعددة الوجوه لا سابقة لها في كل أزمات النفايات التي مرّت. وبعدما بات كل شيء يذهب إلى الطمر، ليس معلوماً أين ستُطمر هذه الكميات الضخمة من النفايات بعد 14 الجاري، والأسوأ بعد إقفال كوستابرافا؟ ومن سيدفع كلفة إعادة تأهيل المعامل المدمّرة بفعل الانفجار؟ ومن سيمول المعامل والمطامر الإضافية في بقية المناطق بعدما زادت كلفتها، وخصوصاً أن هذه القضية لم تُدرج ضمن «البرنامج الفرنسي» للحكومة المقبلة، وبات على أي «انتحاري» يقبل بتسلّم وزارة البيئة أن يتعامل مع ملف انهارت من تحته كل مقوّماته أن يبدأ من تحت الصفر! وماذا سيكون موقف الحكومة الجديدة إذا وُضعت أمام الاختيار، مثلاً، بين تمويل السلة الغذائية والدواء وتمويل «سلة النفايات»؟ علماً بأن دعم السلة الغذائية يكلف الخزينة نحو 100 مليون دولار سنوياً، فيما يكلف دعم عملية معالجة النفايات ضعف هذا المبلغ تقريباً، وما لا يقل عن 150 مليون دولار لتشغيل آلية التخلص من النفايات من دون إنشاءات (ولا سيما الأعمال البحرية من ردم وتوسيع وتجهيز) واستملاكات.
وزير البيئة دميانوس قطار غائب عن السمع ولا يتحدث إلى الإعلام، ويوحي بأنه مستقيل كلياً من مسؤولياته كونه استقال قبل الحكومة وليس ملزماً بتصريف الأعمال… لكنه نسي أنه استنفد، قبل استقالته، الأشهر الثلاثة التي طلبها يوم التمديد لمطمر الجديدة. مع العلم بأن الحكومة الراحلة، منذ لحظة تشكيلها، كانت قد تركت حقيبة البيئة لمن لم يبق له مكان بعد المحاصصات على تلك السيادية والخدماتية كالعادة.