المصدر: النهار
الكاتب: علي حمادة
الخميس 4 أيلول 2025 07:31:20
من المهمّ أن نعرف مدى استعداد "حزب الله" لتخريب السلم الأهلي في سبيل المحافظة على سلاحه، وبالتالي على الوظيفة الإقليمية التي من أجلها أنشأه "الحرس الثوري" الإيراني ذراعا له تعمل على الساحة اللبنانية تحت شعار ما سمي "مقاومة". تقديراتنا أن الحزب المذكور مستعد وجاهز للاصطدام بالجيش اللبناني، ولن يتأخر لحظة عن الاعتداء على المكونات اللبنانية الأخرى التي يعرف أنها تجمع على معارضته بقوة. أكثر من ذلك، يعرف "حزب الله" أن مَن كانوا مِن خارج بيئته الحاضنة يصنفون حلفاء غادروا المركب، وقفزوا منه واصطفوا في الضفة الأخرى. أما من بقوا في صفه فحفنة من أيتام السياسة والإيديولوجيات المتحللة، والمخابرات السورية السابقة، ومافيات النظام الأمني اللبناني - السوري السابق. هؤلاء لم يجدوا مكانا يؤويهم تحت بند اللجوء السياسي! بات هذا الحزب وحيدا في الساحة.
الحقيقة أننا كنا في الأعوام الماضية نواظب على التأكيد أن من استطابوا العيش في ظل سيطرة "حزب الله" على الحياة السياسية والأمنية والمالية في البلاد، وتواطأوا معه في كل مجال من المجالات، ما كانوا أكثر من قوى انتهازية لاهثة خلف مكاسب صغيرة في السياسة والمال والنفوذ. اليوم يكتشف الحزب المذكور أن خصومه القدامى الذين ما حادوا قيد أنملة عن طريق الحق، كانوا أكثر رأفة به من حلفائه السابقين الذين قفزوا من المركب من دون أن يرف لهم جفن. لقد أصيب الحزب المذكور لسنوات طويلة بالعمى السياسي، وعاش على وهم قوته في الداخل وصلابة تحالفاته، وعجزت قياداته عن فهم مسألة مهمة جدا هي أن صيغته وطبيعته كانتا غريبتين عن صيغة لبنان التاريخية وتركيبته وتوازناته الدقيقة، فضلا عن دينامية الحياة المشتركة التي تجمع البيئات اللبنانية، على علاتها.
واليوم قبل أن يقف في مواجهة إسرائيل أو الولايات المتحدة، يقف "حزب الله" في مواجهة الأكثرية الساحقة من اللبنانيين، ويجرّ خلفه البيئة الحاضنة أولا نحو حرب ثانية لن تبقي ولن تذر، ويجرها ثانيا إلى صدام سياسي أهلي قد لا يكون سلميا بسبب كل هذا التحريض الذي ينتهجه ضد من يعارضونه في السياسة وعبر المؤسسات الدستورية التي تتألف منها الدولة تحت سقف الدستور والقانون. ولنقلها بصراحة، لا ميثاقية لسلاح من خارج الشرعية، وبالتأكيد لا شرعية لسلاح كنا ولا نزال نعتبره أداة لترهيب اللبنانيين وتركيعهم.
نقول هذا نحن الذين لم نلتفت يوما إلى إذعان المتواطئين، والمستفيدين من التواطؤ والاستسلام للحزب في كل المجالات. فمن ساروا على طريق الحق، طريق معارضة الحزب، لم يستوحشوا لِقِلّةِ سالكيه!
إنّ رفض الحزب تقبل حقيقة أن سلاح الحزب المذكور لم تعد له جدوى، ومماطلة "الأخ الأكبر" في القيام بما يتعين عليه القيام به من أجل طي هذه الصفحة، سيؤديان إلى كارثة حقيقية تفتح الباب أمام جولة عنف جديدة مع إسرائيل. وسينعكس ذلك مزيدا من الانهيار في علاقة البيئات اللبنانية مع البيئة التي يستغلها الحزب، إلى درجة دفعها دفعا إلى الهاوية، ومن خلالها لبنان بأسره.
عودوا إلى العقل. عودوا إلى لبنان!