المصدر: وكالة أخبار اليوم
الاثنين 31 كانون الثاني 2022 16:30:03
كتب أنطون الفتى في وكالة "أخبار اليوم":
لا شيء مستفزّاً في هذا البلد، أكثر من دولة تكذب، وتكذب، وتكذب... وتكذب على شعبها، في الوقت الذي باتت فيه كلفة فاتورة هذا الكذب، باهظة جدّاً، فقراً، وجوعاً، ومزيداً من المشاكل اليومية.
إيجابية؟
فرغم أن البلد على الحضيض، إلا أننا لا نسمع إلا من ينقل إلينا أن الأجواء التي رشحت عن هذه الرسالة، أو تلك الزيارة، أو هذا الاتّصال، إيجابية، فيما نحن نعلم تماماً أن لا شيء قادراً على أن يكون إيجابياً، انطلاقاً من أن لا العرب، ولا العالم، سيقبلون بتمويل دولة إيران في لبنان.
"شحادة"
دولة "الشحادة" من الخارج، و"تشحيد" شعبها في الداخل، عبر مساعدات اجتماعية، لن تكون إلا تنفيعات في آخر الأمر، تتناسى أن لا كهرباء ستتوفّر في البلد، إذا استمرّت الضّربات الإيرانية الصّاروخية في الخليج.
مصر دولة عربية، والأردن مثلها. فهل يتخيّل أحدنا أن القاهرة وعمان ستمضيان بمشروع كهربائي "استراتيجي"، اقتصادياً، كما على مستوى الاستعمال اليومي، إذا استمرّ تدفّق الأنشطة المُقاتِلَة لدول الخليج العربي، عبر الحدود اللبنانية؟ وهل يُمكن الاعتقاد أن الأميركيين سيضغطون لتحقيق ذلك، كرمى للإيرانيّين في لبنان؟
وهل من عاقل يتخيّل أن الضّربات الصاروخية في الخليج، ليست إيرانية المنشأ، وأن تنفيذها يتخطى جماعة "الحوثي" وحدها؟
الكهرباء
وهل من عاقل يتخيّل أن بعض الأجوبة المطلوبة من الدولة اللبنانية، ردّاً على أسئلة حول مشروع تزويد لبنان بالكهرباء، من خلال الغاز المصري عبر الأردن، محصورة بكيفية تأمين التمويل، وببعض الأمور التقنية، فقط، وبما هو معزول عن السلوكيات اللبنانية تجاه أزمات المنطقة؟
وهل من عاقل يتخيّل أن دولاراً عربياً وخليجياً أو أجنبياً واحداً، سيستقرّ في لبنان، على وقع "الإيجابيات" اللبنانية "الأفلاطونية"، لا سيّما تلك التي تتعلّق بالسوق السوداء، فقط؟
أوقِفوا الضّحك على الناس، ولا تتجاهلوا واقع أننا صرنا في مكان، فيما العالم في آخر. وهو ما يعني أنكم تضيّعون وقتنا، وتهدرون سنوات من عمرنا، على "اللاشيء"، بينما "توضيب" أكاذيبكم بات مستحيلاً، بعدما ضاقت المساحات لها، بفعل "الإيجابيات" الكاذِبَة، والمتكرّرة.
مُضرّة
أشار الوزير السابق رشيد درباس الى أن "قبل انتخاب "فخامة" الرئيس (رئيس الجمهورية ميشال عون)، تلقينا كمية من الوعود، ووعدنا أنفسنا بكثير من الآمال الافتراضية بأن دولة جديدة، ونظاماً جديداً سيقومان على أساس فكرة "الرئيس القوي"، والتعاون بين القوى المختلفة التي تآلفت لتصل به الى سدّة الرئاسة".
ولفت في حديث لوكالة "أخبار اليوم" الى أنه "بعد هذه الوجبة الدّسمة من الوعود، تلقّينا وجبات متتالية من الكلام، وكل كلام كان يمحوه آخر، وكل تصرّف كان يُفضي الى وادٍ أكثر عُمقاً. هذا تعوّدنا عليه، والآن أيضاً، نحن أمام جولة كلامية جديدة من الإيجابيات حول الردّ اللبناني على الورقة الكويتية، وبالتالي أمام وجبة كلامية جديدة. ولكن الوجبات الكلامية تلك، كانت تخدّر في السابق، ومن ثم أصبحت بلا طعم أو فائدة بعد ذلك، وهي اليوم تحوّلت الى مُضرّة جدّاً، وذات نتائج سيّئة".
الصواريخ
ودعا درباس الى "تلمُّس خطط التعافي المالي والاقتصادي، ومشروع الكهرباء المُنتظَر، من خلال الانتباه الى أنه، فيما تبيع الدولة اللبنانية الكثير من الكلام لدول الخليج، يجد الخليجيون أنفسهم يتلقّون، في الوقت نفسه، وعوداً مصحوبة بصواريخ تتساقط على دولهم".
وأضاف:"هذا دليل ملموس، على أن إيران ليست في اتّجاه تهيئة الأجواء لخروج لبنان من محنته، بل انها تعمل على تأزيم تلك المحنة. وبالتالي، يتحوّل جواب لبنان على الورقة الكويتية الى ما يُشبه "رغوة الصابون"، بألفاظ فخمة وضخمة ربما، ولكن بمحتوى أجوف كلياً، وبلا أي تدبير عملي".
ساحة
وشدّد درباس على أنه "عندما تُقصَف الإمارات ودول الخليج بالصواريخ، فهذا يعني أنه يوجد من يقول للخليجيين والعرب، أخرِجُوا القرار الدولي 1559 من أفواهكم".
وتابع:"تتعاطى إيران مع الورقة الكويتية في لبنان، على أساس أنها ورقة لا تصلح للكتابة عليها. وبموازاة ذلك، لم يُوكِل الرئيس عون أي موفد من قبله ليتواصل مع "حزب الله"، حول أن الاستمرار بسياسة الاعتداء على دول الخليج يجب أن تتوقّف. كما أن رئيس الجمهورية لم يُصدِر أي بيان مثلاً، يُطالِب فيه "حزب الله" بالعَلَن، بوقف الاستهدافات متعدّدة الأشكال لدول الخليج، انطلاقاً من أن لبنان ما عاد قادراً على أن يتحمّل".
وختم:"زار الرئيس عون مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، ليتحدّث عن العناوين السياسية، والانتخابات النيابية. ولكن لا شيء سينفع عملياً، إلا إذا طالب (عون) "حزب الله" بوقف التصعيد على دول الخليج العربي. وبغير ذلك، سنكون أمام مزيد من الفقر، ومن التناسي الخارجي لواقع أننا نحمل ديموغرافيات عربية كثيرة، على أكتاف جسمنا اللبناني الضّعيف. وهذا كلّه بسبب استعمال لبنان، كساحة انطلاق للسياسة الإيرانية".