عون ضحية فيديوهات بالذكاء الاصطناعي... ماذا يقول القانون؟

تخترق فيديوهات منتجة بالذكاء الاصطناعي متصفحي الشبكات الاجتماعية في لبنان، على شكل إعلانات، تتضمن مشاهد لرئيس الجمهورية جوزاف عون تتناول تصريحات مختلقة، أو إعلانات تجارية، في واحدة من أغرب القصص التي دفعت الرئاسة لتحذير مروّجيها.

بدأت تلك الإعلانات بالظهور منذ حزيران الفائت، حيث تظهر كإعلانات ضمن جداريات الشبكات الاجتماعية مثل «فيسبوك» و«إنستغرام»، أثناء تصفحها. كما تظهر في «يوتيوب» خلال مشاهدة فيديو. وتتضمن الفيديوهات مشاهد للرئيس عون مفبركة بأنظمة الذكاء الاصطناعي، لكنها لا تحمل توقيعاً لمن يقوم بها ويروّجها، قبل أن تتوسع الظاهرة إلى استخدام صورة الرئيس أو صوته بعد إجراء تعديلات بالذكاء الاصطناعي، في إعلانات تجارية.

تحذير «الرئاسة»
حذرت الرئاسة اللبنانية ناشري تلك الفيديوهات، ولفتت في بيان أصدره مكتب الإعلام، إلى «لجوء جهات معينة من حين إلى آخر إلى توزيع تسجيلات مصورة، مدعية أنها تصريحات لرئيس الجمهورية تتناول مواضيع مختلقة، وأحياناً تروّج لمؤسسات أو أصناف تجارية». وأكدت «الرئاسة» أنه «لا صحة لمثل هذه التسجيلات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي في تركيبها»، وحذرت معدّي هذه التسجيلات والفيديوهات المزوّرة ومروّجيها من «الاستمرار في أعمالهم التي تعاقب عليها القوانين المرعية الإجراء».

تزوير الصور والأصوات
تُستخدم التقنيات الرقمية وأنظمة الذكاء الاصطناعي في تزوير الصور والأصوات، ما يهدد بتشويه صورة الشخصيات العامة، ولصق مواقف بها تخالف المواقف الرسمية. ويُنظر إلى هذا الفعل على أنه وضع الرأي العام أمام واقعٍ مستجدٍّ كلياً؛ كون عالم الذكاء الاصطناعي «يُعدّ تطوراً جديداً وغير مسبوق»، بعدما كانت عمليات فبركة الفيديوهات في السابق تعتمد على برامج تُظهر بوضوح أنّ المحتوى مركّب أو مزوّر. أمّا اليوم، فالذكاء الاصطناعي بات قادراً على اختراع الشخصية بالكامل، وإسقاط الصوت وطريقة المشي والوقوف والحركات عليها، بما يخلق إرباكاً حقيقياً على المستويين القانوني والإعلامي.
يقول المحامي الشريف سليمان إن «استخدام الذكاء الاصطناعي لانتحال صفة شخصية عامة، أو حتى شخصية خاصة، يُعدّ مخالفةً صريحة للقانون. لكن المشرّع اللبناني لم يُنتج بعد تشريعاتٍ خاصة تُحاكي هذا التطور التقني، وبالتالي يُصار حالياً إلى تطبيق قانون العقوبات اللبناني، ولا سيما في ما يتعلق بانتحال الصفة، وتزوير الفيديوهات، والاعتداء على البيانات الشخصية».
وأوضح سليمان في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أنّه «من الناحية الإجرائية، يُمكن تعقّب مصدر الفيديو أو الحساب الذي نشر المحتوى المفبرك عبر (مكتب جرائم المعلوماتية) في قوى الأمن الداخلي، الذي يملك القدرة على تحديد عنوان الـ(IP) العائد لجهاز الحاسوب أو الهاتف المستخدم في إنتاج أو نشر الفيديو، ومن ثمّ استدعاء الجهة المسؤولة إذا كانت معروفة، أو متابعة التحقيق وتعقّبها في حال كانت مجهولة».
وتابع: «في حال ثبوت استخدام الذكاء الاصطناعي لانتحال هوية شخصية عامة في إعلانٍ تجاري أو موقفٍ سياسي أو غيره، فإنّ الأمر يترتّب عليه نتائج قانونية، ويُصار إلى ملاحقة الفاعل وفقاً للأصول».
وأشار إلى أن «انتحال الصفات عبر الذكاء الاصطناعي ما زال ظاهرة حديثة جداً، لم يتجاوز عمرها بضعة أشهر، وبدأت بالانتشار منذ مطلع عام 2025 مع تطور البرامج القادرة على محاكاة الشخصيات العالمية بالصوت والحركة والصورة؛ لذلك ما زلنا ننتظر الأحكام القضائية الأولى التي ستُصدرها المحاكم اللبنانية لتكوين اجتهادٍ قانوني واضح في هذا المجال».

شركات التقنية
ويقول خبراء التقنية والأمن الرقمي، إن هذه الحملات الإعلانية يمكن أن تكون خارجة عن السيطرة، بالنظر إلى أن أي جهة يمكن أن تنظمها بسهولة مقابل القليل من مال يُدفع لشركات تقنية. ومع أن هناك قدرة على إيقاف تلك الصفحات عبر التواصل مع الشركات التقنية والتبليغ عنها، فإنه يمكن بسهولة افتتاح صفحات جديدة وتمويلها في بعض المنصات التي لا تفرض شروطاً على المحتوى السياسي أو التجاري.