المصدر: وكالة الأنباء المركزية
الكاتب: نجوى ابي حيدر
الخميس 15 شباط 2024 16:37:14
لا تبدو أي من ازمات المنطقة المعقّدة متجهة نحو حلول في المدى المنظور. من غزة الى لبنان ومن سوريا الى العراق فاليمن والبحر الاحمر، ملفات متشابكة لا تجد سبيلا الى فكها، على رغم جهود جبّارة تبذل من اطراف عدة وفي مقدمها قطر ومصر وفرنسا والولايات المتحدة الاميركية.
الاجتماع الامني الرباعي الذي عقد الثلثاء الماضي في العاصمة المصرية، لم يحمل الانفراجة المأمولة للمضي قدماً في مفاوضات صفقة تبادل الأسرى والمحتجزين بين حماس وإسرائيل، على رغم الثقل الذي وضع في سبيل إحراز تقدم في ملف غزة.اذ غادر رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي (الموساد) دافيد بارنياع القاهرة أمس، من دون تقديم أي رد إسرائيلي على اقتراح مُقدّم من جانب حماس بشأن الأسرى، في حين اعلن رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية ، إن أي اتفاق يجب أن يضمن وقف إطلاق النار، وانسحاب الجيش الإسرائيلي من كامل القطاع.
غزة هي المدخل، تقول اوساط دبلوماسية عربية لـ"المركزية"، مدخل التسوية الشاملة في المنطقة التي ينتظرها الاطراف جميعاً لبناء مواقفهم وقراراتهم استنادا الى نتائجها، وقبلها لا تنازلات. عبرها سيُطبق حل الدولتين، مع نتنياهو او من دونه. يد ايران ستُرفع عن القضية الفلسطينية، مروحة التطبيع العربي والخليجي مع اسرائيل ستتوسع، بعدما جاءت عملية طوفان الاقصى لتقطع الطريق أمامها. وحتى ذلك الحين ستبقى مجمل الاطراف تلعب في الوقت الضائع وتملأ الفراغ بمناورات امنية،على غرار ما يحصل في جنوب لبنان والبحر الاحمر، وسياسية كما تفعل الخماسية الدولية في ملف الاستحقاق الرئاسي اللبناني، فتراقب التطورات قبل ان تعقد اجتماعها التالي في الرياض.
التسوية تلك المنبثقة من رحم فرض حل الدولتين ستحظى بضمانة اميركية -ايرانية تطالب بها المملكة العربية السعودية كشرط لاستكمال مسار التطبيع. في المقابل، على ايران سحب اذرعها العسكرية من العواصم الاربع التي تدعي بسط نفوذها فيها، بعدما كانت واشنطن وافقت في العام 2006 على ان تحافظ طهران على مصالحها في المنطقة الا انها خالفت الاتفاق ولجأت الى استخدم اذرعها لبسط نفوذها وتهديد دول المنطقة بزعزعة الاستقرار. اليوم، وبعد المستجدات الاخيرة، تضيف الاوساط، تبدو ايران فهمت جيدا الرسالة الاميركية، فقررت سحب الحرس الثوري من سوريا تمهيدا لحصر نفوذها العسكري داخل حدودها، لا سيما ان موجة الاغتيالات الاخيرة في اليمن والعراق وسوريا من خلال عمليات أمنية محدودة تشبه الى حد بعيد ما جرى قبل اوسلو حينما تم اغتيال معاوني الرئيس ياسر عرفات.
لا يمكن لايران ان تحصل على النووي فيما تمضي في تهديد استقرار المنطقة بأذرعها العسكرية، تردف الاوساط، واقصى المسموح به تعاطيها مع دول المنطقة اقتصادياً وضمن حدود سيادة الدول، اي عدم التدخل في شؤونها، علما ان النووي اذا ما بلغته تخصيباً فهو للاستخدام السلمي وتحصيل مكاسب معينة عبره .
نظام عالمي جديد، او اقليمي في الحد الادنى، لا بد ان يلي التسوية في غزة. نظام يفرض تغيير انظمة كثيرة تقوم على ايديولوجيات وقوميات لن تجد لها من مكان في محيطها الجغرافي. ايران(ولاية الفقيه) ، اسرائيل (دولة يهودية) وتركيا (الاخوان). أنظمة مأزومة لن يصمد استقرارها الداخلي ولن تعيش طويلا حينما تتبدّل المعطيات ويسير قطار التسوية في الاقليم..
حتى ذلك الحين، تختم الاوساط الدبلوماسية، ستبقى جميع الاطراف متمترسة في مواقعها، ترفض النزول عن أشجار شروطها العالية، علّها بتمسكها هذا تحصد مكاسب داخل دولها تمكّنها من تثبيت رجليها في السلطة السياسية في المرحلة المقبلة.