المصدر: وكالة الأنباء المركزية
الكاتب: جوانا فرحات
الخميس 26 كانون الاول 2024 16:34:17
على خلفية حرق أحد المقامات الدينية للطائفة العلوية نزل أبناؤها إلى الشوارع وطافوا بتظاهرات في جبلة واللاذقية وحمص وطرطوس وحلب والمزة وبانياس . مشهدية كانت متوقعة بعد سقوط نظام بشار الأسد وفراره مع عائلته إلى روسيا لكن ليس بهذه السرعة.
وفي وقت كان السؤال "ماذا بعد بشار الأسد، وهل يكون مصير سوريا على غرار تونس التي انتقلت إلى الديمقراطية بطريقة سلسة أو ليبيا التي انفجرت فيها الأوضاع الأمنية وتفككت الدولة". بات السؤال الأهم "كيف يمكن الحفاظ على السلم الأهلي الذي على ما يبدو أنه هش ولا يحتاج لأكثر من فتيل لإشعال الفتنة الطائفية؟".
مصادر في المعارضة السورية تخشى من أن تصبح سوريا مثل العراق حيث الطائفية والتدخلات الأجنبية، وقد يؤدي ذلك إلى غياب الأمن والخدمات الأساسية.ومن السيناريوهات المحتملة، وفق المصادر، ولادة طاغية جديد تحت شعار الديمقراطية، وأن يستغل حال الفوضى لترسيخ قدمه. هذا السيناريو يثير تساؤلات عديدة حول قدرة السوريين على بناء دولة مدنية حقيقية، تحترم حقوق الإنسان، وتعمل على تحقيق العدالة الاجتماعية.
معالم التطورات المرتقبة على الأرض من خلال التظاهرات التي تتمدد في ريف المحافظات السورية والمناطق التي يسكنها العلويون غير واضحة إلى الآن، لكنها محط قلق وخوف من أن تتحول إلى صدامات تحركها إيران التي اعتبرت على لسان المرشد علي خامنئي أن فرحة السوريين بسقوط نظام الأسد لن تدوم .وقد بدأت مفاعيل هذا الخطاب تتبلور من خلال تحريك خلايا الأسد وفلوله النائمة وأيضا من بوابة إعادة إنعاش ميليشيا حزب الله وإيلائها مسؤولية تدريب العناصر الموالية لنظام الأسد التي خرجت من سوريا ووصلت إلى لبنان.
وفي محاولة لردع الفتنة الطائفية، خرجت أصوات كتاب ومفكرين ومحللين عسكريين وسياسيين تطالب بضرورة فصل أبناء الطائفة العلوية عن "طائفة الأسد" سيما وأن غالبية أبناء الطائفة يكنّون العداء والكراهية لإيران وحزب الله.
في العودة إلى فيديو حرق مقام الشيخ أبي عبدالله الحسين بن حمدان الخصيبة، وهو إسم المقام بالكامل، فهو قديم ويعود إلى حوالى 3 أسابيع ويتضمن صورا عن المعارك التي دارت بين عناصر من هيئة تحرير الشام وأخرى موالية لنظام الأسد كانت تختبئ داخل المقام. ويأتي البيان الصادر عن الشيخَيَن أحمد وعمار محمد اللذين يعملان في المقام بمثابة التأكيد على المؤكد، اذ ورد فيه أن هذا الفيديو قديم ويعود إلى الأيام الأولى من دخول قوات المعارضة إلى مدينة حلب. وأسفرت المعارك التي دارت داخل المقام عن مقتل 6 عناصر من جيش النظام وإحراق المقام ووعدت غرفة العمليات العسكرية آنذاك بإلقاء القبض على متسببي هذه الحادثة.
طبعا لا أحد يختلف على ضرورة محاسبة من أحرق مقام الطائفة العلوية في حلب لكن الأهم هو لماذا تم نشر هذا الفيديو القديم اليوم، ولمصلحة من تعمل أصابع الفتنة على زعزعة السلم الأهلي؟
"نخشى أن يكون هناك من يعمل على تأجيج الطائفية في الساحل السوري، علما أن هناك محاولات حثيثة من قبل غرفة العمليات العسكرية ومعارضين في المرصد السوري لحقوق الإنسان للحفاظ على السلم الأهلي وهي بدأت منذ سقوط نظام الأسد. لكن ما يحصل يثير الشك حول مستقبل سوريا الجديدة".
وتكشف مصادر المعارضة لـ"المركزية" أن أحد المشايخ المقرب من جميل الأسد وإيران دعا ليلة أمس العلويين للخروج بتظاهرات على رغم قرار حظر التجول الذي فرضته غرفة العمليات العسكرية في المناطق التي عمتها التظاهرات عقب انتشار فيديو إحراق مقام الخصيبة وذلك في محاولة لضرب السلم الأهلي. لكن الملاحظ أن ثمة وعي كافٍ لدى أبناء الساحل السوري عموما والطائفة العلوية تحديداً بأن إيران لن يكون لها خير على أبناء هذه الطائفة . لذلك، فإن الإبتعاد عنها خيرٌ من الإنجرار إلى الفتنة".
نقطة أخيرة قد تحمل نتائج عكسية على دور غرفة العمليات العسكرية في ضبط الأمن والحفاظ على السلم الأهلي في سوريا ويترجم ذلك في التصريح الذي صدر عن وزارة الداخلية وفيه أن الفيديو قديم وأن هناك مسلحين مجهولين. والصحيح وفق مصادر المعارضة السورية أن هوية المسلحين معروفة، فهم كانوا يتحدثون باللهجة السورية، وصورهم واضحة سيما وأن وجوههم كانت مكشوفة وكل شيء موثق بالصوت والصورة وكان يجب اعتقالهم من قبل الجهاز الأمني في غرفة العمليات العسكرية ونشر بيان اعتذار عن إحراق المقام الخاص بالطائفة العلوية تماما كما حصل مع اعتقال الشخص الذي أحرق شجرة الميلاد في ريف حماة.ومعلوم أن مقام الخصيبة هو أكبر وأهم مقام لدى هذه الطائفة في سوريا ولو حصل ذلك لتم دفن الفتنة في مهدها بدل أن تستغل لاحقا".
هل تكون إيران وراء نشر هذا الفيديو المحرض على الفتنة الطائفية في سوريا اليوم خصوصا بعد الدعوات التي أطلقها الخامنئي للتحرك في سوريا؟
"الأكيد أن إيران استفادت من التظاهرات لتعميم الفوضى والإصطياد في الماء العكر. والسؤال الذي يُطرح هو لماذا حصل ما حصل لضرب السلم الأهلي، وليس كيف تم تسريب الفيديو؟". وتختم المصادر السورية المعارضة بأن الشرع لن ينكسر بعدما حقق النصر لسوريا وشعبها الذي كان يخضع لقمع نظام الأسد. وباستثناء الثلث المتبقي مع الأكراد والمرجح أن يتم التفاوض في شأنه لتسليم أسلحتهم كون الدستور الجديد سيكفل الحقوق بالتساوي للجميع، فإن سوريا الجديدة حرة أكيد ولا شيء سيعيد عقارب الزمن إلى الوراء".