المصدر: النهار
السبت 18 أيلول 2021 17:27:31
وسط زغاريد المصلين، دقّ جرس كنيسة مار توما اليوم في الموصل القديمة، وهو أول جرس كنيسة يعاد تركيبه في كبرى مدن شمال العراق، بعد سبع سنوات من سيطرة جهاديي "تنظيم الدولة الإسلامية".
أمام عشرات الأشخاص، أغلبهم من المسيحيين الذين قدموا من المناطق المجاورة، قرع الأب بيوس عفاص الجرس في كنيسة السريان الكاثوليك التي ما زالت أعمال الترميم جارية فيها، بحسب مراسل وكالة "فرانس برس".
تمّ تركيب الجرس الذي يبلغ وزنه 285 كيلوغراماً والمصنوع في لبنان، بفضل تبرعات من منظمة "التآخي" غير الحكومية الفرنسية التي تساعد الأقليات الدينية، ونُقل من بيروت بالطائرة، ثمّ بالشاحنة إلى الموصل.
صفقّ الحضور لدى قرع الجرس وزغردت النساء وردّدت الصلوات.
وقال الأب بيوس عفاص في كلمته "أخيراً، بعد سبع سنين من الصمت قرع ناقوس مار توما و للمرة الأولى في الجانب الأيمن من الموصل".
أعلن جهاديو التنظيم الموصل "عاصمة" لهم في العراق في صيف 2014، قبل أن يتمّ طردهم على يد الجيش العراقي والتحالف الدولي في عام 2017.
قال الأب بيوس عفاص لوكالة "فرانس برس" إنّه "يوم فرحة كبيرة جداً وأتمنى أن تزداد الفرحة أكثر عندما يتمّ إعادة بناء ليس جميع المساجد والكنائس في الموصل فحسب بل المدينة كلها بمواقعها التاريخية والحضرية و كل مساكنها".
وأضاف" "إنّ عودة قرع الناقوس هذا يؤذن بأيّام أمل و رجاء مستقبلية ويفتح المجال أيضاً إن شاء الله لعودة المسيحيين إلى مدينتهم العريقة".
حوّل الجهاديون كنيسة مار توما التي تعود إلى القرن التاسع عشر سجناً ومحكمة. وما زالت أعمال الترميم فيها مستمرّة وقد تمّ تفكيك الأرضية الرخامية لإعادة تركيبها بالكامل.
قالت نداء عبد الأحد، وهي من أبناء الموصل، إنّها "جاءت من أربيل حيث عاشت سنوات عدّة لتشاهد كنيستها من جديد تُبنى وتتجدّد و تنبض فيها الحياة".
وتابعت: "فرحة لا توصف. أشعر كأن المسيحية تعود لتنبض من جديد".
أرغم العديد من مسيحيي العراق على الهجرة، بفعل الحروب والنزاعات وتردّي الأوضاع المعيشية. ولم يبقَ في العراق اليوم سوى 400 ألف مسيحي بين سكانه البالغ عددهم 40 مليوناً بعد أن كان عددهم 1,5 مليون عام 2003 قبل الاجتياح الأميركي.
بدوره، قال مؤسّس ومدير جمعية التآخي في العراق فرج بنوا كامورات لوكالة "فرانس برس" إنّنا "نريد أن يكون هذا الجرس رمزاً لولادة جديدة في الموصل".
وأضاف: "كلّ ما يمثل الصليب ويشير إلى المسيحية دُمر، وبإمكان المسيحيين أن يتركوا الموصل ويتخلّوا عنها إلى الأبد لكنهم لم يطووا الصفحة وباتوا الآن يستثمرون الكثير فيها".
ولكنه يقرّ بأنّ حوالي خمسين عائلة مسيحية فقط عادت إلى المدينة. ومن يأتي للعمل فيها أثناء النهار يغادرها في المساء إلى المدينة التي فرّوا إليها.