في تفنيد الكتاب المفتوح

التخلي عن كل سلاح غير سلاح الشرعية أمراً مطلوباً بالبداهة، لا خضوعاً لابتزاز ولا استجابة لطلب أجنبي، من أجل صون السيادة الوطنية من كل أنواع الانتهاكات الداخلية قبل الخارجية.

يحق لأي طرف أن يعترض على المفاوضات مع العدو إلا حزب الله، فهو فاوض في المرة الأولى لإطلاق الأسرى ولعبت ألمانيا دور الوسيط، وفي المرة الثانية بعد معركة عناقيد الغضب ومجزرة قانا، يوم لم يكن رفيق الحريري وسيطاً فحسب بل مدافعاً عن حق المقاومة اللبنانية في الدفاع عن أرض الوطن. البند الأهم في ذلك الاتفاق تعهد متبادل من جانب إسرائيل وحزب الله بعدم قصف المدنيين. في المرة الثالثة فاوض رئيس البرلمان نيابة عنه وتم التوصل إلى قرار مجلس الأمن رقم 1701. في الرابعة عهد حزب الله إلى الأخ الأكبر التوصل إلى صيغة لوقف إطلاق النار وقع عليها الثنائي الشيعي وإسرائيل والولايات المتحدة.

ورد في الكتاب المفتوح، "ختاماً، بصفتنا مكون مؤسس(الصحيح لغوياً، مكوناً مؤسساً) للبنان، نؤكد حقنا ‏المشروع في مقاومة الاحتلال والعدوان". في هذه العبارة أخطاء فادحة. خطأ تاريخي، إذ إن حزب الله لم يكن موجوداً عند تأسيس لبنان؛ خطأ سياسي إذ إنه يزعم تمثيل الطائفة الشيعية التي لم تكن مجمعة يومذاك، شأنها في ذلك شأن كل الطوائف، على قيام لبنان الكبير، ولا هي مجمعة اليوم على نهج الثنائي الذي احتكر تمثيلها بالبرلمان بقوة الوصاية بداية ثم بقوة السلاح وبقوانين انتخابية مرسومة على قاعدة "قصقص ورق ساويهم ناس".

أما الكلام عن "حقنا المشروع في مقاومة الاحتلال والعدوان" فهو بمثابة الخطيئة. فهل يحسب حزب الله نفسه وريث أدهم خنجر وناصيف النصار واستمراراً لهما؟ في أيامهما كانت الحروب تنشب بين القبائل أو بين الطوائف في ظل نظام الملل وكانا يدافعان عن حق الملة في مقاومة قيام الدولة الحديثة. بعد أن تأسست الكيانات السياسية وأنظمة الحكم الجديدة وأعلنت الدساتير وجمعت الولايات السلطانية في دول ومنها الجمهورية اللبنانية. صارت الدولة هي المرجع الذي يمنح الحقوق ويحجبها، وصار كل شيء ما خلا الدولة باطلاً.

لنفترض أن أحداً شرع لكم هذا الحق، فقد استعملتموه بكل طاقتكم وانتهت مقاومتكم العدو بانسحابكم من أرض المعركة. فإذا كنتم عازمين على المقاومة فلماذا انسحبتم ولماذا وقعتم على وثيقة استسلام مكتوبة بخط المنتصر وبشروطه؟

من موقع الحرص على الجنوب وعلى الوطن وعلى تضحيات المجاهدين الأبطال وعلى تاريخ المقاومة الناصع التي حررت لبنان من كل المغتصبين، ندعوكم، بعد انهيار مشاريع الكفاح المسلح والتحرر الوطني في العالم إلى العودة طوعاً لنبني معاً لبنان السيادة والحرية والعدالة ودولة القانون والمؤسسات.