في خطوة تستفزّ اللبنانيين... حزب الله ينشر صورًا جديدة في دويلة طريق المطار

كتب رولان خاطر في النهار:

"هي قصّة إبريق الزيت. وطالما يصرّ "حزب الله" على تكرارها، طالما نصرّ على رفع الصوت والكتابة والانتقاد.
 
تكرار نشر الصور الحزبية والفئوية وغير اللبنانية في معظمها لها مدلولاتها السياسية والنفسية والعقائدية صحيح، لكنّها في الوقت نفسه دليل حسّي على درجة الإفلاس السياسي الذي يعاني منه "حزب الله" والبيئة الحاضنة.
 
عند كلّ مناسبة، يعاود "الحزب" رغم الانتقادات والمواقف الرافضة، ملء طريق المطار ذهاباً وإياباً، بصور قياديّيه أو قادة محور الممانعة الذين يتمّ اغتيالهم، في خطوة تستفزّ اللبنانيين ولا تليق بصورة لبنان لدى الداخلين إليه من المغتربين أو السيّاح العرب والأجانب.


لا تشعر أنّك في بلد محترم، ولائق، بل وكأنك تدخل إلى "كونتون" حزبي فئوي ضيق. صور جديدة وشعارات جديدة تستقبلك، راية "يا حسين"، وصور عملاقة لقاسم سليماني وفؤاد شُكر واسماعيل هنية. وكأنّك على جبهة عسكرية، لا على المدخل الرسميّ للبلد.


هدف "الحزب" واضح، استغلال بوابة المطار للإيحاء للعالم بأنّ لبنان ذو وجه إيراني فارسي، وأنّ القيادة فيه والأمر له، محاولاً تذكير الناس بوجوده الدائم، وهذا الأمر إمّّا يدل على فوقية أو إفلاس سياسي أو الاثنين معاً.


لكنّه دائماً يفشل، لأنه لم يدرك بعد أنّ اتجاهات طريق المطار متعدّدة، فهي كما توصل إلى الضاحية، توصل أيضاً إلى العاصمة بيروت، مدينة الفرح والتعدد والتنوّع، وإلى الجبل وكسروان وإلى الشمال والبقاع، وما تكتنزه هذه المناطق من خصائص ومميزات ثقافية وحضارية وفكرية وسياسية.

من باب اللياقة، والاحترام لذاتنا أمام أعين العالم، أن تكون طريق المطار، التي هي مدخل البلد الرئيس، مليئة بصور وإعلانات تساعد البلد وتدلّ على خصائصه السياحية والتراثية وتقاليده، وعدم مصادرة هذا الطريق ونشر شعارات في شكلها وجوهرها محطّ صراع وانقسام بين اللبنانيين.


وفي انتظار أن تكون هناك دولة تستفيق فتتحمّل الحدّ الأدنى من مسؤولياتها وتمنع كلّ مظاهر الاستفزاز والتعصّب والفتنة، يرفض اللبنانيون بمكوّناتهم المختلفة، أن تكون طريق المطار حكراً على حزب محدّد، ومصادرة من فئة معينة لنشر شعاراتها وصور مسؤوليها. فمن يحارب لتحرير أرض ومستعمرات، يجب ألّا يبني مستعمرات داخل بلده ودولته.


في علم النفس تكرار العمل نفسه يعني إعادة إنتاج التجربة لمعرفة ما اذا كان بإمكان أصحابها الوصول إلى النتائج ذاتها أو استبيان النتائج بشكل أكبر، أو تحديد هذه النتائج وما إن كانت تنطبق على بيئات أو مجموعات أخرى. فهل رأى "حزب الله" أنّ أياً من هذه المراحل ناجحة ويمكن تطبيقها ضمن البيئة اللبنانية؟ الجواب الأكيد، أنّه لو لمس مرة واحدة إمكانية نجاحها لغيّر اسم لبنان ووجهه منذ زمن."