المصدر: وكالة الأنباء المركزية
الخميس 3 شباط 2022 15:27:48
في مقابل الصرخة المدوية التي اطلقها امين سر الفاتيكان وزير الخارجية المطران بول ريشارد غالاغير محذرا من القضاء على الوجود المسيحي في لبنان والمصير القاتم الذي ينتظر اللبنانيين، وقد قال من قصر بعبدا "نخشى الا يكون مستقبل هذا الوطن مضمونا"، وابلغ المسؤولين رسالة واضحة في هذا الشأن بقيت سرية، ثمة من يستميت في الدفاع عن مشروع ثنائي حزب الله – امل، مرتكزين الى قاعدة مفادها ان الشيعة ليسوا في وارد تهجير مسيحيي لبنان ولا الذهاب الى المثالثة التي جزم رئيس مجلس النواب نبيه بري انها غير مطروحة، داعيا الى طي صفحة النقاش فيها، ولا تكريس موقع قيادة الجيش للطائفة ولا خلق منصب نيابة رئاسة الجمهورية لمنحه لها. قد يكون كل ذلك صحيحا ودقيقا على الارجح، اقله في اللحظة الحالية، باعتبار ان الارضية اللبنانية غير مجهزة لتغيير على هذا المستوى، فيما جميع اللبنانيين باستثناء قلة قليلة ما زالوا متمسكين بدستور الطائف ويتطلعون الى تنفيذه بالكامل لا انتقائيا على غرار ما فعل المسؤولون منذ التسعينات حتى اليوم، كما ان دائرة بيكار الفريق السيادي الرافض مشروع حزب الله الذي "اعدم" لبنان الفكر والحضارة والانفتاح وافقر شعبه وادخله "جهنم" مشروعه الناري، تتوسع باضطراد لتشكل سداً منيعا في وجه تغيير وجه لبنان.
لكنّ غير الدقيق، بحسب ما تقول مصادر سياسية معارضة لـ"المركزية" وهو ما لا يدركه او يتعامى عنه فريق المدافعين عن الشيعية السياسية، ان الهدف الاساس لهذا الفريق وتحديدا حزب الله يتجلى في ما وصل اليه اليوم تحديدا، اي التحكّم عن بعد بكل مواقع ومفاصل الدولة ومؤسساتها وتطويعها لتكون ورقة في يده لمصلحة الدولة الفارسية فتستخدمها كما هو حاصل تماما الان في مفاوضاتها النووية الدولية والاقليمية –العربية وحيث تدعو الحاجة، واذا ما تعثر هذا المسار في اي موقع في الدولة او حاول احد الوقوف في وجهه فمصيره معروف والامثلة كثيرة من رفيق الحريري الى لقمان سليم.
المصادر تسأل، ما حاجة الشيعية السياسية اليوم الى "السيطرة" على المواقع والمناصب الرسمية، ما دامت تتحكم بها بالـ"رموت كونترول" بما يحلو لها وتفرض ما تريد فيكون، وواقع الحال راهنا خير دليل؟ هي فرضت رئيس الجمهورية بعدما عطلت المركز لعامين ونصف العام، ورئيس المجلس النيابي بطبيعة الحال، ورئيس الحكومة وأشرفت على تشكيلها من ألفها الى يائها، بعدما اطاحت بكل من تطوع للمنصب ولم يلب شروطها، وحصلت على مبتغاها بتكريس وزارة المال لشيعي، لاهمية المنصب الوزاري في التوقيع على القوانين والمراسيم، مدعية ان محاضر الطائف اشارت الى ذلك، خلافا لما يؤكد من شاركوا في مؤتمر الطائف آنذاك. فما دام الحزب يتحكم بورقة لبنان على هواه ويحركها بحسب ما توعز راعيته الاقليمية، لا حاجة لاثارة بلبلة ليس الزمان زمانها ولا الظرف ظرفها، والباقي ياتي لاحقا، لا داعي للعجلة...
وتذكّر المصادر بسلسلة محطات كان للحزب الدور الاساس فيها ان لجهة اطاحة حكومات، على غرار المصير الذي لقيته حكومة الرئيس سعد الحريري حينما كان في البيت الابيض، او منع وصول مكلفين الى رئاسة الحكومة كونهم لم يرضخوا لشروطه من مصطفى اديب الى الحريري نفسه مسايرة لحليفه التيار الوطني الحر الذي اشترط ان يكون الحريري وباسيل معا داخل الحكومة ومعا خارجها فكان له ما اراد، وهو، اي الحزب، يقدم للتيار على طبق من فضة ما يطلبه، من ضمن ما لا يمس بمصلحته الاستراتيجية، لان الخدمة التي يقدمها التيار للحزب بمنحه الغطاء الشرعي المسيحي في زمن انهيار الدولة، اكبر من ان تقدر بثمن انتخابي او بمشاركة في الحكم، وقد بات الحزب الحليف الوحيد للتيار، بعدما اثبت العهد فشله في انقاذ البلاد، وتحوّل كل فريق مناهض للحزب الى عدو لدود تُفتح في اتجاهه كل انواع الاسلحة وما يحصل مع حزب القوات اللبنانية في الاونة الاخيرة خير دليل.
ان لبنان الذي يحرص الفاتيكان على بقائه وصموده نموذجا للعيش المشترك ورسالة للعالم ورمزا للانفتاح والحضارة، لبنان الديموقراطية والفكر، هو اليوم على المحك، ومصيره مطروح بجدية كما قال وحذر الموفد الفاتيكاني، فهل يُترك ورقة لايران تتقاذفها رياح مصالحها الدولية والاقليمية ام ثمة حبل نجاة قد ينقذه من براثنها؟ ... لعل في الانتخابات النيابية المقبلة والحركة الدولية والعربية الناشطة على هذا الخط الجواب اليقين، تختم المصادر.